أجرى موقع "تيل كيل عربي" حوارا مطولا مع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفة الرميد، تطرق فيه إلى مجمل القضايا ذات الطابع الحقوقي التي تشغل الرأي العام: التعذيب، العلاقات الرضائية، المثلية، الأقليات المسيحية والشيعية، الإعدام، إثبات النسب، تأنيث العدول، كما توقف طويلا عند كواليس تشكيل حكومة العثماني ، وعلاقته بالقصر وبنكيران. ننشره في ثلاثة أجزاء
الفقيه أحمد الريسوني، دعا إلى اعتماد الحمض النووي لإثبات النسب، هل تؤيدون هذه الآلية؟
أنا مع اعتماد الحمض النووي لإثبات العلاقة البيولوجية، التي تتأسس عليها حقوق معينة مثل التعويض، الذي به يمكن أن تقوم حياة الطفل الذي ولد نتيجة علاقة غير مشروعة، لكنني غير متفق إذا أريد ترتيب النسب الشرعي عليها، الذي يتأسس على أساس علاقة شرعية.
أعرف رأي الأخ أحمد الريسوني، وهو رأي محترم، لكنني لا أوافقه عليه، أنا أوافق على اعتماد هذه الآلية العلمية لإثبات العلاقة البيولوجية، وترتيب نتائج معينة عليها، وليس كل النتائج.
كثيرا ما يثار موضوع حرية المعتقد في المغرب، هناك مسيحيون مغاربة يعبرون عن أنفسهم، وهناك شيعة متى سيتم حل قضية هؤلاء؟
وأنا أسألك، كم من مسيحي يوجد في السجن، وكم من شيعي محل متابعة، ليست هناك أية متابعات طالما ليست هناك مخالفة صريحة لأحكام القانون الجنائي، والتي للإشارة لا تتضمن أي معاقبة لشخص يعلن عن معتقد أصبح يؤمن به.
لقد كان هناك شخص حكم بسنتين حبسا بسبب اعتناقه للمسيحية، ولما تناهى إلى علمي ذلك، وقد كنت وزيرا للعدل والحريات، ورئيسا للنيابة العامة، وبعد دراستي لموضوعه، أشرت على النيابة العامة بأن تتخذ موقفا داعيا إلى تبرئته، لأنه لم يثبت عليه أي عنصر من العناصر التي تشكل جريمة زعزعة عقيدة مسلم، إنما هو زعزع عقيدته، فهو حر في أن يتبنى المسيحية، أو أي دين آخر، وبالتالي ذهبت المحكمة مع النيابة العامة في ملتمسها وقضت بالبراءة.
وماذا عن العلاقات الرضائية والافطار في رمضان؟
ليس هناك أي مشكل في أن يمارس الناس حرياتهم الفردية بالشكل الذي يرتضونه في إطار خاص، لكن حينما يخرجون للشارع العمومي فمعظم التشريعات بما فيها تشريعات بعض الدول الأوروبية تمنع ذلك.
أحيانا يقوم بعض رجال الشرطة باقتحام بيوت الناس، ويحاولون إثبات المخالفات الأخلاقية عليهم، هذا بكل صراحة تجاوز وتعسف مرفوض، مادام أنه يستهدف الناس في خلواتهم وفضاءاتهم الخاصة، أما إذا كانت هناك ممارسات في الشارع العام، والفضاء العام فمن يفعل ذلك يكون قد اعتدى على حقوق الناس.
هذا هو وجه الخلاف بينكم وبين المدافعين عن هذا النوع من الحريات، حيث يطالبون بالاعتراف الرسمي بدل الإبقاء على ممارساتهم سرية؟
إذا كان المغاربة يقبلون هذا فأنا أقبله أيضا.
وماذا عن حقوق المثليين؟
المثلية ليست حق من حقوق الإنسان، هي افتراء على حقوق الإنسان، وقد أشرت في مرحلة سابقة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت أن زواج المثليين ليس حقا من حقوق الإنسان، وذلك بإجماع أعضائها البالغ عددهم 47 عضوا.
لكنها تركت العلاقة بينهم في إطار مدني؟
يا سيدي، وأنا أقول لك، إذا كان أشخاص لهم علاقة من هذا النوع واستتروا ما دخلنا فيهم نحن، نحن نتحدث عن الفضاء العمومي فقط.
اقرأ أيضاً: الرميد3/1: هذه كواليس تشكيل حكومة العثماني.. وحقيقة علاقتي بالقصر وبنكيران
لأول مرة يسمح للمرأة بولوج مهنة "العدول" بقرار من الملك محمد السادس. كيف تلقيتم هذا القرار؟
قبل أن نتحدث عن الإعلان الرسمي عن فتح المجال للمرأة لولوج خطة العدالة يجب أن نستحضر أن المرأة منها القاضية، والوزيرة والنائبة البرلمانية، والقائدة، وربة المؤسسة الصناعية الكبرى، إذن فمن الناحية المبدئية لم يعد هناك أي إشكال في أن تلج المرأة جميع المسؤوليات، لكن كان هناك إشكال تاريخي في موضوع خطة العدالة، إلا أنه أثناء الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة ناقشنا الموضوع من مختلف جوانبه واهتدينا إلى أنه لا شيء يمنع المرأة من ولوج هذه المهنة، على أساس أن يعاد النظر في القانون المنظم لخطة العدالة، بحيث يصبح التوثيق قائم على التوثيق الفردي وليس الثنائي، سواء كان امرأة أو رجلا هما سيان، ولكن في موضوع الزواج والطلاق نظرا لخصوصيتها يعتمد على شاهدين من عموم الناس تتوفر فيهما شروط العدالة المعتبرة فقها، ولذلك ستقوم هذه المقاربة على التفريق بين التوثيق العدلي الرسمي المنظم قانونا والإشهاد الذي يتولاه شاهدين من عموم الناس دون شرط الانتماء لهيئة منظمة قانونا.