في الجزء الأول من حواره مع "تيل كيل عربي"، يقول وزير الشغل محمد يتيم، إن الحكومة جادة في سعيها للتوصل إلى اتفاق اجتماعي قبل فاتح ماي، وأنها لأجل ذلك فتحت باب الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين حول سبل تحسين الدخل بالنسبة للعمل، وأن الحكومة ستعلن عن تدابير غير مسبوقة لإنعاش سوق الشغل.
*التزم رئيس الحكومة بالتوصل إلى اتفاق اجتماعي قبل ماي المقبل. هل لدي رئيس الحكومة عرضا مقنعا للنقابات يجعله مطمئنا إلى انخراطها في هذا الاتفاق؟
أؤكد لك أن الحكومة جادة في الحوار الاجتماعي وتريده أيكون منتجا ومتجاوبا مع المطالب المشروعة والمعقولةً والقابلة للتحقيق في اطار إمكانيات الدولة، ولهذا قبلت الحكومة أن يكون تحسين الدخل من بين المحاور الأساسية للحوار خلال جولة أبريل هذه، ولو لم تكن للحكومة نية وإرادة في هذا الاتجاه لما اقترحت وضع سقف زمني لهذه الجولة أي أن يكون الأفق هو بلورة اتفاق جماعي فيه استجابة لعدد من المطالَب المادية والمعنوية للشغيلة، ولما اقترحت أن يكون الاتفاق ثلاثي السنوات، أي ينتهي إلى جدولة سنوية للإجراءات التي تهدف إلى تحسين الدخل علما أن التدابير الممكن اتخاذها بعضها مرتبط بالميزانية العامة للدولة، لكن بعضها الآخر مرتبط بالتزامات شركاء آخرين من قبيل المشغلين كما هو الشأن بالنسبة مثلا للحد الأدنى للأجر والتعويضات العائلية والتغطية الصحية الخ ..
وكل هذه أمور تحتاج الى مفاوضة وأخذ وعطاء، كما أن هناك عدة قضايا ذات صلة بالتشريع الاجتماعي مثل تنظيم الحقل النقابي وتنظيم الحق في الاضراب وتعديل مدونة الشغل وهذه الأمور كلها مرتبطة وتحتاج الى التزامات من كل الأطراف.
*بحسب دراسة أنجزها البنك الدولي بتعاون مع المندوبية السامية للتخطيط تحت عنوان "سوق الشغل بالمغرب..تحديات وفرص" فإن بطالة الشباب تصل إلى 41 في المائة ما تعليقكم على هذا الرقم؟ وماهي استراتجيتكم للتقليص من بطالة الشباب، خاصة خريجي الجامعات ومعاهد التكوين؟
بغض النظر عن هذه النسبة التي أشرتم إليها وفي انتظار بناء منظومة مندمجة لرصد سوق الشغل وهو ما نحن مشتغلون عليه مع برنامج تحدي الألفية، فإن الحكومة اليوم قد جعلت من مواجهة تحدي البطالة أحد المحاور الأساسية في برنامجها الحكومي.
ولهذا الغرض تم استحداث اللجنة الوزارية للتشغيل تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة وعضوية خمسة عشر قطاعا وتبنت مخططا حكوميا يقوم على خمسة توجهات استراتيجية: تقوم على دعم خلق فرص الشغل، وملاءمة منظومة التكوين مع سوق الشغل، وتحسين ظروف اشتغال سوق الشغل، ودعم الوساطة في سوق الشغل، إضافة الى البعد الترابي للتشغيل من خلال التعاقد مع الجهات على مخططات ومنظومات جهوية للتشغيل. وقريبا، ستجتمع اللجنة الوزارية لاعتماد البرنامج التنفيذي للمخطط المذكور، والذي اشتغلت عليه خمس مجموعات موضوعاتية خلال ثلاثة أشهر.
وكما أشرت لذلك، فالمخطط وبرنامجه التنفيذي يضم عددا من التدابير التي تسير في هذا الاتجاه، كما أن الرؤية الاستراتيجية لمنظومة التربية والتكوين والبرنامج الحكومي القطاعي يستحضران ملاءمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل الحالية والمستقبلية، علماأنالجامعة هي اليوم شريك أساسي في تنزيل المخطط الوطني للتشغيل وفي البرامج الجهوية أيضا. وقريبا، سيتم اعتماد البرنامج التنفيذي للمخطط الذي سيتضمن تدابير نوعية وغير مسبوقة في مجال التشغيل.
للحكومة إرادة جازمة في أن يكون القانون متوازنا مكرسا للحق في الانتماء النقابي وللحق في الإضراب ومنظما وحاميا له وحاميا أيضا للحق في العمل ولحرية العمل
*عدد من النقابات تطالب بسحب القانون التنظيمي للإضراب من قبة البرلمان، وفتح حوار موسع بشانه، هل ستتفاعلون مع هذه المطالب؟
ربحا للوقت ونتيجة التأخر الذي حدث في تشكيلها وتنصيبها، اتخذت الحكومة قرارا بعدم سحب أي قانون من البرلمان. وبالنسبة لمشروع القانون الذي تمت الإشارة إليه، فقد أصبح ملكا للمؤسسة التشريعية، وأكدنا للمركزيات النقابية أن رئيس الحكومة اختار طريقا وسطا بين الدعوة إلى سحبه من البرلمان الذي دعت له بعص النقابات والاعتماد على آلية الأغلبية الحكومية لتمريره، وذلك بفتح تشاور وحوار مع النقابات بصدد حول مشروع القانون قبل الانتقال لمدارسته والمصادقة عليه في البرلمان. وأوكد لك أن للحكومة إرادة جازمة في أن يكون القانون متوازنا مكرسا للحق في الانتماء النقابي وللحق في الإضراب ومنظما وحاميا له وحاميا أيضا للحق في العمل ولحرية العمل. والحكومة ستكون منفنحتة للاستماع لكل الملاحظات الوجيهة والبناءة التي من شأنها تجويد النص وتحسينه
*أغلب مقرات العمل لا تتوفر على دور الحضانة يجعل معاناة النساء مزدوجة، كما أن عددا من أرباب المقاولات يرفضون تشغيل النساء بسبب الحمل والولادة، ما الذي تنوون عمله في هذا الشأن؟
هذا مطلب مشروع وله رمزية خاصة لأنه يسهل اضطلاع المراة بمسؤولياتها المهنية في أحسن الظروف، ويمكنها أيضا من ممارسة حقها في الأمومة ومن شأن تفعيله أن يمكن من رفع المردودية والإنتاجية وهو تدبير في مصلحة المقاولة والإدارة، ولذلك قررنا في الوزارة كما أعلنت خلال الاحتفاء بموظفاتها بمناسبة اليوم العالمي للمراة أن تستحدث حضانة للأطفال وهناك تفكير للتنسيق مع القطاعات الحكومية التي توجد لها مقرات متقاربة من أجل تحقيق هذا المطلب المشروع وعلى المقاولات المواطنة أن تبادر إلى ذلك.
لا مجال للتراجع عن مجانبة التعليم وأن مشروع القانون يؤكد على مركزية تمويل الدولة للتعليم إضافة الى الشركاء الآخرين،
*نعلم أن التعليم كان وسيلة للارتقاء الاجتماعي بالنسبة للمغاربة، إلا أن الحكومة صادقت مؤخرا على مشروع قانون إطار لإصلاح التعليم اعتبره البعض تراجعا عن مبدأ المجانية. هل من توضيح في هذا الشأن؟ وكيف ستحددون الأسر الميسورة التي ستكون ملزمة بالأداء؟
لقد واكبت هذا النقاش في المجلس الأعلى للتربية والتكوين الى غاية عرض مشروع القانون الإطار، في أحد المجالس الحكومية السابقة. وأستطيع ان أوكد أنه لا مجال للتراجع عن مجانبة التعليم وأن مشروع القانون يؤكد على مركزية تمويل الدولة للتعليم إضافة الى الشركاء الآخرين، وأنه نص بوضوح على أنه لا يمكن أن يحرم أي مواطن من حقه في مواصلة تعليمه لأسباب مالية.
والقانون الإطار كما هو الشأن بالنسبة للرؤية الاستراتيجية والميثاق الوطني للتربية والتكوين تحدثا عن رسوم تسجيل وليس عن تمويل للأسر لتعليم أبنائها. ولهذا يتعين أن يبقى التعليم في عمومه من مسؤولية الدولة وتحديد الأسر الميسورة يمكن أن ينظم بمرسوم والمؤكد الذي لا خلاف فيه كما قلت أنه لا يمكن بأي حال أن تكون الرسوم مرهقة للاسر ولا تراعي أوضاعها المادية وتحملاتها المختلفة