اختار المرشح الأوفر حظاً لتسلم دفة قيادة سفينة حزب الأصالة والمعاصرة من إلياس العماري، إعلان ترشحه رسمياً لنيل مسؤولة الأمين العام لـ"البام" عبر موقع "تيل كيل عربي".
حكيم بن شماش، وفي حديثه للموقع صباح اليوم الجمعة، كشف كواليس قرار ترشيحه، والاستشارات التي قام بها، ومستقبل الحزب وبرنامجه، ومستقبل تحالفتاته، وهل سيتغير موقفه من حزب العدالة والتنمية، كما تطرق بن شماش، الذي يشغل اليوم منصب رئيس مجلس المستشارين، لمستقبله على رأس هذه المؤسسة الدستورية، إذا ما اختاره أعضاء الأصالة والمعاصرة، يوم غد السبت خلال دورة المجلس الوطني الاستثنائية، أميناً عاماً لحزب "الجرار".
في مفترق الطرق
وقال بن شماس، لـ"تيل كيل عربي"، إن قرار ترشحه جاء قبل أسابيع، بعدما تشبث الأمين العام الحالي للحزب إلياس العماري بقرار استقالته، وكشف أن "ترشيحه جاء نتيجة مشاورات واسعة النطاق، امتدت على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، "منذ أن اتضح تشبث الأخ العماري باستقالته. هنا بدأت الاتصالات مع عدد من الإخوة في الحزب، داخل المكتب السياسي والمجلس الفيدرالي والبرلمانيين والمستشارين كذا الهيئات الجهوية للحزب والمنظمات الموازية"، على حد تعبيره.
وتابع بن شماس أن هذه المشاورات بلورت لديه "قناعة بضرورة التقدم لتحمل المسؤولية، بناء على أن الحزب وصل إلى نوع من مفترق الطرق، كان فيه أمام خياران هما: سيناريو الحزب مكبلا وفي وضعية غموض بسبب الظروف التي عاشها، أو تحمل المسؤولية واستعادة المبادرة لضمان استمرار الحزب واستعادة قوته ووهجه".
وعن حجم الدعم الذي وجده قراره ، خلال مشاوراته مع أعضائه وقياداته، أجاب بن شماش أنه لا يمكن أن يقول إن الجميع يدعم خطوته ورؤيته لواقع الأصالة والمعاصرة ومستقبله، "لكن قطاعا واسعا من مناضلات ومناضلي الحزب لايزالون يرون أن الحزب يشكل ضرورة مجتمعية موضوعية، وأن الخصائص الكبرى التي تطبع الحياة السياسية في البلاد، تؤهله لأن يستمر ويبقى حزباً قوياً".
"ضغوط كبيرة"
وتحدث بن شماش عن "ضغوط كبيرة من طرف عدد من المناضلين لإسناد هذه المسؤولية"، قبل أن يقول: "ولأني أعلن من خلالكم الآن ترشحي بشكل رسمي، أؤكد أني أتوفر على مشروع برنامج عمل".
ووعد المرشح لقيادة "البام" بـ"تحرير الطاقات داخل الحزب، وفق منهجية جديدة في تدببره"، منهجية قال إنها سوف تعتمد على "توزيع المهام والأدوار والتكامل بين جميع مؤسسات الحزب وتسطير دفاتر تحملات واضحة. منهجية تعتمد على العمل الجماعي بين مسؤوليه وطنيا وجهويا وقطاعياً".
وبخصوص تفاصيل مشروعه، أوضح المرشح لنيل منصب الأمانة العامة لحزب "الجرار" أنه يرتكز على "الحفاظ على مكتسبات الحزب، لأنه رغم الضربات التي تلقاها، راكم عدداً من نقط القوة، ولديه موارد بشرية قادرة على الاشتغال لتقوية أدائه، وبالقدر الذي يعاني فيه من نقط الضعف والأعطاب، فيه نقط قوة، والمهمة الأساسية الأولى لهذا البرنامج هي، الحفاظ على المكتسبات".
النقطة الثانية في برنامج بن شماش، حسب تصريحه، هي: معالجة الأعطاب على المستوى التنظيمي. وقال بهذا الصدد: "ليس عندي عقدة النقص للاعتراف بأن الآلة التنظيمية التي خلقها حزب الأصالة والمعاصرة، سواء على المستوى الوطني والقطاعي والجهوي، تشكو من كثير من الأعطاب، ويجب معالجتها".
تغيير خطاب المعارضة
وسيشتغل بن شماش، كذلك، حسب مشروع برنامج عمله، الذي كشفه لـ"تيل كيل عربي"، على تغيير خطاب المعارضة في الحزب، وأوضح بهذا الصدد، أنه "يجب الاعتراف بأن الخطاب الشعبوي أضر بالعمل السياسي في المغرب، وعلى الحزب أن يشتغل للقطع معه. وشدد بن شماش على أن "الشعبوية أضرت بنبل العمل السياسي وأضرت بالبلد، ودفعت شرائح واسعة من المجتمع إلى فقدان الثقة في السياسة والسياسيين".
وأضاف أن "القضايا المفصيلة التي يطرحها للمجتمع، في سياق تحولاته ودينامياته، وعلى رأسها الدينامية الاحتجاجية، يجب أن يبلور فيها الحزب أجوبة. نحن واعون أنه في سياق هذه التحولات والدينامية التي يعيشها المجتمع اختفت مؤسسات الوساطة، وإن كانت من وظيفة يجب أن يقوم بها الحزب فهي هذه".
وعن الملاحظات التي توجه للأصالة والمعاصرة، تجاه ضعف أدائه في المعارضة، قال بن شماش إن "للحزب رصيد مهم من الموارد البشرية، وهو ثاني قوة سياسية في البلد، لكن الطاقات والقدرات التي يتوفر عليها، جزء منها كانت مكبلة، بسبب وضعية الغموض التي كان الحزب يعاني منها. استقالة الأخ إلياس العماري ونقاشها استمر أكثر من 10 أشهر، ما أدخلنا في حالة من الغموض".
وتابع المتحدث ذاته، بخصوص أداء الحزب في المعارضة، أنه "يجب أن يوضح طبيعة المعارضة التي يجب أن يمارس كقوة سياسية ثانية، معارضة قوية ولكن في نفس الوقت بناءة، بعيداً عن الخطاب الشعبوي، كما قلت في وقت سابق. معارضة يجب أن تكون صارمة وتساهم في البناء وتنقل تطلعات وانتظارات المواطنين والقضايا الحقيقية للمجتمع".
وأقر بن شماش أنه "بسبب هيمنة الشعبوية ورغم أن هذا الكلام لن يعجب عددا من الناس، أصبح الفاعلون السياسيون يشتغلون، للأسف، على أشباه القضايا، أما القضايا الحقيقية، فلم يعودوا يتفاعلون معها".
"القضايا الحقيقية"
ووعد المرشح لخلافة إلياس العماري بـ"إعطاء الأولوية للقضايا الحقيقية، وهي كثيرة، من بينها الاحتقان الاجتماعي وتطلعات الشباب الذين يشكلون 32 في المائة من ساكنة المغرب، والمسنين الذين يفوق عددهم 2 مليون دون أن تتوفر لهم التغطية والحماية الاجتماعية، وساكنة الوسط القروي "اللي وصلت ليهم للعظم"، والتفاوتات المجالية، واستكمال معالجة العراقيل التي تواجهها الجهوية المتقدمة. هذه القضايا اختفت من النقاش العمومي للأسف".
وعن مستقبل تحالفات الحزب، خاصة مع حزب العدالة والتنمية، قال بن شماش إن "الظروف نضجت لكي يتحرر الأصالة والمعاصرة من العقدة، وأن يقول اليوم للحكومة أحسنت إذا جاءت بشيء جيد، وأن ينتقدها بالصرامة المطلوبة، إذا تخلفت أو تلكأت عن الاشتغال بالجدية المطلوبة".
وتابع بهذا الصدد: "سوف نجتهد لفتح صفحة جديدة مع جميع الفرقاء السياسيين، من منطلق القرار الحزبي، لأن هناك الثابت الذي لا يمكن تغييره وهو متضمن في أوراق الحزب التي صادق عليها المؤتمر، ولن تطالها المراجعة. ولكن يجب أن نمارس سياسة اليد الممدودة لأنه هناك أولويات مشتركة، يجب أن نشتغل عليها بعيداً عن منطق التنافس الانتخابوي الضيق، بل بمنطق المصلحة الوطنية التي يجب أن نغلبه".