لخصت منظمة العفو الدولية "أمنستي أنترناسيونال"، أوضاع حقوق الإنسان وحرية التعبير والصحافة في المغرب، ضمن تقريرها السنوي 2017/2018، في "استمرار الافلات من العقاب ومحاكمة الصحافيين والمتظاهرين الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية، واجراء محاكمات غير عادلة، بالإضافة إلى عدم تعامل السلطات بجدية مع شكايات التعرض للتعذيب بفتح تحقيقات حولها، كذا الاستعمال المفرط للقوة ضد المهاجرين واحتجاز بعضهم، واصدار أحكام بالإعدام لم تنفذ".
كما رصدت المنظمة في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء 22 فبراير، إلى استمرت احتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية واسعة النطاق.
وأشار تقرير المنظمة، إلى أبرز المحطات التي شهدها المغرب منذ بداية العام 2017، وطنية وإقليمية ودولية، وهي: عودة المغرب للاتحاد الإفريقي في يناير من العام الماضي، وتقدمه بطلب للانضمام إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "سيدياو"، وتعيين الملك محمد السادس لسعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، وإجراء تعديل وزراي، بالإضافة إلى تجديد مجلس الأمن مرة أخرى لمدة سنة واحدة ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء دون إضافة أي جانب يتعلق بالرصد حالة حقوق الإنسان، واعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة توصيات بعد استعراض إنجازات المغرب في مجال حقوق الإنسان في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
حرية التعبير والصحافة
قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها، إن "السلطات المغربية استخدمت أحكام قانون العقوبات المتعلقة بالازدراء والتمرد والتحريض على التظاهر، لإثبات مقاضاة وسجن الصحفيين والمدونين والناشطين الذين انتقدوا مسؤولين في الدولة أو نقلوا معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد أو الاحتجاجات الشعبية".
كما شهد النصف الثاني من العام 2017، حسب التقرير ذاته، فتح النيابة العامة لتحقيق ضد متظاهر واحد على الأقل، بتهمة التصريح بـ "معلومات كاذبة" بعد اتهامه للشرطة بـ"تعذيبه". وبالإضافة إلى ذلك، تضيف المنظمة، أدانت المحاكم المغربية صحفيين ونشطاء بتهمة ارتكاب جرائم أمن الدولة والإرهاب"، ووصفت هذه التهم بـ"الغامضة"، لأنه بحسبها كان يجب متابعتهم ومعاقبتهم بـ"تهم انتقاد السلطات".
اقرأ أيضاً: خطة الرميد لحماية حقوق المغاربة بين 2018 و2021
وتابع تقرير المنظمة أنه ما بين شهر ماي وغشت من العام 2017، "اعتقلت قوات الأمن واحتجزت ثمانية صحفيين ومدونين قدموا مقالات أو تعليقات بشأن الاحتجاجات في ريف. واتهمتهم النيابة العامة بالاعتداء على أمن الدولة فيما يتعلق بحركة الاحتجاج".
في السياق، حسب "أمنستي أنترناسيونال"، حكم على الصحافي حميد المهداوي، بالسجن، بتهمة "تحريض المواطنين على المشاركة في مظاهرة غير مرخص لها، وأدين على خلفية هذه القضية بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة قدرها 000 20 درهم في مرحلة الابتدائي، وبالسجن لمدة سنة في الاستئناف".
كما تمت "محاكمة متابعة سبعة أشخاص، بمن فيهم صحفيين ونشطاء وأكاديمي (المعطي منجب)، اتهموا، ضمن جرائم أخرى، بـ "المس بأمن الدولة"، على خلفية تنظيمهم لورشة حول تطبيق خاص بالصحافة والمواطنين الراغبين في حماية معطياتهم الشخصية ومكافحة التجسس على أجهزتهم وهواتفهم المحمولة".
وذكرت المنظمة كذلك، أنه "ما زالت الإجراءات مستمرة ضد الصحفي علي أنوزلا، تمت محاكمته بتهمة "تمجيد الإرهاب"، على خلفية مقال نشر على الموقع الإلكتروني Lakom.com في عام 2013.
وأشارت المنظمة إلى "فرض السلطات قيوداً على بعض المنظمات في المغرب والأقاليم الجنوبية بسبب توجيه انتقادات لها. كما أنها واصلت على وجه الخصوص إعاقة تسجيل الجمعيات، وحظرت أنشطة بعض المنظمات وطردت الأجانب الذين دعتهم لزيارة المغرب".
حرية التجمهر والاجتماعات
في هذا الباب، أورد تقرير منظمة العفو الدولية، أن السلطات "حاكمت المئات من النشطاء المشاركين في احتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والعدالة البيئية، وأدانتهم بالحرمان من الحرية بسبب جرائم التجمع غير مرخص له".
بل ذهبت "أمنستي أنترناسيونال"، حد القول، إن "المحاكم المغربية قامت بإجراءات جنائية ضد المتظاهرين بتهم ملفقة، واستشهدت بقوانين غامضة تهم أمن الدولة والإرهاب، لإدانة بعضهم".
وتطرق لاعتقل رجال الدرك لنشطاء بيئيين سلميين، من بينهم محمد عقاد، الذي أصيب خلال التدخل في عينه اليمنى وأصبح يعاني من صعوبات في النظر، وقد حكم على هذا الرجل و13 شخصا آخرين، تظاهروا بشكل سلمي ودون عنف ضد مقلع حجارة يقع بالقرب من قريتهم في بني أوكيل، بالسجن لمدة شهر مع وقف التنفيذ وغرامات بلغت 10 آلاف درهم.
ودائما في ما يخص نشطاء البيئة، أورد تقرير المنظمة، أنه في مظاهرة أخرى، "ألقى الدرك القبض على الناشط البيئي عبد الرحمن أخضر، الذي كان أصلا من إيميدر، في جبال الأطلس، وفي مارس، تابعته المحكمة بتهم (الاعتداء والسطو)، وحكمت عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر.
أما فيما ما يخص المدافعين عن حقوق الإنسان، تطرق التقرير إلى حالة النشطاء محجوب المحفوظ وميلود سالم وسيف سيف الدين، هؤلاء ألقي القبض عليهم من طرف رجال الدرك، حسب المنظمة ذاتها، بعد مشاركتهم في مظاهرة نظمتها سيدة اسمها زهرة البوزيدي، تعرضت لطلق ناري، بعد احتجاجها على ترحيلها القسري من منزلها في مدينة سيدي حجاج. كما اعتقل رجال الدرك شقيقة خديجة البوزيدي، ووجدت المحكمة أن هؤلاء الأشخاص الأربعة "مذنبون بالاعتداء على ممثلي السلطات وإهانتهم"، وحكم بالسجن لمدة عامين، على النشطاء الثلاثة، قضوا منها أربعة أشهر بعد تخفيف الحكم في مرحلة الاستئناف، وحكم بالسجن لمدة 10 أشهر، وتم تخفيضه إلى شهرين في الاستئناف ضد خديجة البوزيدي، ولكل منهم غرامة مالية قدرها 500، توفيت زهرة البوزيدي متأثرة بجراحها في أكتوبر.
وقالت المنظمة، إن "السلطات نشرت على نطاق واسع قوات الأمن على بشكل لم يسبق له مثيل، في السنوات الأخيرة، لمنع المظاهرات في منطقة الريف، وقامت باعتقالات جماعية في صفوف المتظاهرين السلميين، بمن فيهم القصر. وفي بعض الحالات، استخدمت قوات الأمن قوة مفرطة أو غير مبررة. ولم تقم السلطات القضائية بالتحقيق بجدية في ظروف مقتل متظاهرين هما عماد العتابي وعبد الحفيظ حداد في غشت".
وفي الفترة بين يوليوز ونونبر، يضيف تقرير المنظمة، حكمت المحاكم على عدد كبير من الأشخاص الذين شاركوا في حركة الاحتجاج في الريف لمدة تصل إلى 20 عاماً. وكانت الاتهامات هي "الاحتجاج غير المصرح به للتآمر على المس بأمن الدولة".
وطوال العام 2017، حسب "أمنستي أنترناسيونال"، "استخدمت السلطات بانتظام القوة المفرطة وغير المبررة لتفريق المتظاهرين السلميين في العديد من مدن الصحراء، بما في ذلك العيون والسمارة وبوجدور والداخلة. وقد استهدفت هذه الممارسة بصفة خاصة أولئك الذين طالبوا بتقرير مصير هذه المنطقة والإفراج عن السجناء الصحراويين. وتم سجن العديد من المتظاهرين والمدونين والنشطاء، في كثير من الأحيان بعد محاكمات غير عادلة. وفي شتنبر أطلق سراح المدون الصحراوي وليد البطل في السمارة بعد أن قضى عقوبة بالسجن لمدة 10 أشهر وغرامة قدرها 000 1 درهم، بتهمة للاعتداء على أشخاص وإهانتهم".
"التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة"
وذكر تقرير المنظمة، زيارة قامت بها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة للمغرب في أكتوبر. وقالت على ضوئها، إن "المغرب لم ينشئ بعد آلية وطنية لمنع التعذيب". هذا الجانب سبق وتحدث عنه وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد، في حوار سابق مع "تيل كيل عربي"، وأوضح بصددها أن "المغرب لم يعد فيه التعذيب ممنهجا، لكن التعذيب الذي يكون نتيجة تفاعلات نفسية، أو نزعات خاصة لازال موجودا، وينبغي التصدي له، ومن جملة آليات التصدي أنه حينما يمثل أي شخص سواء كان في الحراسة النظرية أو أمام النيابة العامة أو قاضي التحقيق ويدعي تعرضه للتعذيب ينبغي أوتوماتيكيا إجراء الخبرة الطبية عليه التي تقطع الشك باليقين، وهذا أصبح مقننا، وينبغي الذهاب فيه إلى أبعد حد، وقد تم النص في مشروع قانون المسطرة الجنائية أنه حينما لا يقوم ممثل النيابة العامة، أو قاضي التحقيق بالاستجابة لهذا الطلب يصبح المحضر الذي ادعى صاحبه إنجازه تحت التعذيب لا يعتد به".
اقرأ أيضاً: الرميد3/3: "التعذيب" لازال موجودا في المغرب.. وهذه آلية التصدي له
وبالعودة إلى تقرير منظمة العفو الدولية، قالت الأخيرة: "مرة أخرى هذا العام، اعتمدت المحاكم كدليل على الأقوال التي أدلي بها في الاحتجاز في غياب محام، دون التحقيق على نحو سليم في الادعاءات القائلة إن هذه التصريحات قد انتزعت تحت التعذيب".
وذهب حد القول، إنه "بين يوليوز ونونبر، أدانت المحاكم في الدار البيضاء والحسيمة العديد من المتظاهرين الريف، استناداً إلى اعترافات تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب، دون إجراء تحقيقات جدية في مزاعم تعرضهم له، و وغيره من ضروب سوء المعاملة في الاحتجاز".
الإفلات من العقاب
واعتبر تقرير منظمة العفو الدولية، أنه "على الرغم من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وآلية العدالة الانتقالية، لم تتخذ السلطات أي خطوات لمعالجة الإفلات من العقاب الذي يتمتع به مرتكبو الانتهاكات الخطيرة (التعذيب المنهجي، الاختفاء القسري والإعدام ولا سيما خارج نطاق القضاء) التي ارتكبت في المغرب والصحراء بين عامي 1956 و1999".
اقرأ أيضاً: ملف بن بركة خارج وعد العثماني بتسوية ملف انتهاكات حقوق الانسان
حقوق المثليات والمثليين وثنائيي الجنس
أشارت المنظمة إلى أنه في السنوات السابقة، اعتقل عدد من الأشخاص على خلفية الفصل 489 من القانون الجنائي، الذي يُجرم العلاقات الجنسية الرضائية بين أشخاص من نفس الجنس. وحكم على رجلين على الأقل بالسجن لمدة ستة أشهر بموجب هذا الفصل. "وأفاد ضحايا الهجمات التي ترتكب ضد المثليين بأنهم يخشون إبلاغ مركز الشرطة بسبب خطر الاعتقال بموجب الفصل 489".
اقرأ أيضاً: الرميد3/2: هذا موقفي من تغيير الدين والعلاقات الرضائية.. والمثلية ليست من حقوق الإنسان
حقوق اللاجئين والمهاجرين.
قالت "أمنستي أنترناسيونال"، إن المغرب اعتمد خطة لضمان حقوق المهاجرين، ولكنه لا يزال لا يسمح للاجئين بالوصول إلى الحقوق والخدمات الأساسية بما في ذلك التعليم".
وذكرت أن طالبي اللجوء واللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، تقدموا بوثائق الحماية ضد "الإعادة القسرية" (الإعادة القسرية إلى بلد يمكن أن يواجهوا فيه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان )، دون اتخاذ قرار بشأن وضعهم النهائي. كما تم التخلي عن 25 لاجئا سوريا لمدة ثلاثة أشهر في المنطقة العازلة على الحدود مع الجزائر، قبل أن تمنحهم السلطات المغربية الحماية في يوليوز الماضي.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تختار المغرب لإعلان أول ميثاق دولي شامل للهجرة
ودائماً في ما يتعلق بموضوع المهاجرين، أفاد تقرير المنظمة، أن السلطات المغربية، "تواصل عمليات ترحيل للمهاجرين وطالبي اللجوء من الجيوب الإسبانية سبتة ومليلة إلى المغرب، فضلا عن استخدام القوة المفرطة أو غير المبررة ضدهم".
وذكرت كذلك، أنه تم "سجن مهاجرين"، أقدم بعضهم على القيام بـ"خطوات خطيرة لتسوية أوضاعهم، بدخول البلد أو البقاء فيه أو مغادرته بصورة غير مشروعة". وحوكموا أحياناً، حسب تقرير المنظمة، دون الاستعانة بمحام. وأشارت كذلك، إلى حادث وفاة اثنان من بوركينا فاسو "نتيجة لاستخدام قوات الأمن المغربية الغاز المسيل للدموع ضد المهاجرين الذين حاولوا دخول جيب مليلية الإسباني".
عقوبة الإعدام.
قالت المنظمة في هذا الصدد، إن عقوبة النطق بعقوبة الاعدام استمر في المحاكم على الأشخاص. ولم ينفذ أي إعدام منذ عام 1993".
انتهاكات جبهة البوليساريو
فقرت بسيطة خصصتها المنظمة للأوضاع في مخيمات تندوف، وتحدثت فيها عن أن "الجبهة لم تقم بأي خطوات لوضع حد للإفلات من العقاب".