حصل موقع "تيل كيل عربي" على مذكرة دفاع عبد العلي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية التي التمس فيها عدم قبول شكاية عائلة الطالب اليساري بنعيسى آيت الجيد، الذي قتل في مواجهات طلابية في تسعينات القرن الماضي.
وقد أسس دفاع حامي الدين مذكرته على ما وصفها بالحقائق العشر التي تستدعي، بحسبهم عدم قبول الشكاية.
موقع "تيل كيل عربي" عربي ينشر نص المذكرة ، على أن يقف في ورقة لاحقة على الحجج التي استندت عليها النيابة العامة في قرارها بمتابعة برلماني البيجيدي:
- الحقيقة الأولى : إن نفس الوقائع موضوع الشكاية المباشرة الحالية و الأفعال المكونة لها التي وقعت بتاريخ 25 فبراير 1993 سبق لها أن كانت موضوع بحث تمهيدي مفصل أُنْجِزَ بشأنه محضر الشرطة عدد 296 بتاريخ 1 يناير 1993، و محضر عدد 4789 بتاريخ 15 أبريل 1993 عن الأمن الإقليمي بفاس. ( المحضران معاً مدرجان بملف الشكاية الحالية ).
- الحقيقة الثانية : من الثابت، و بناء على هذين المحضرين، فقد تم تقديم السيد عبد العالي حامي الدين إلى النيابة العامة لدى محكمة الاستيناف بفاس إلى جانب المسمى الحديوي الخمار ( الشاهد المزعوم الذي يجري تقديمه وكأنه شاهد جديد في القضية) و شخص آخر.
- الحقيقة الثالثة : إن النيابة العامة لدى محكمة الاستيناف بفاس، بعد دراستها لمضامين المحضرين المذكورين، قد قررت تقديم ملتمسها بإجراء تحقيق في حق السيد عبد العالي حامي الدين و توجيه الاتهام إليه من أجل جناية الضرب و الجرح المفضي إلى الموت بدون نية إحداثه و المشاركة و إلحاق خسائر مادية بملك الغير - الفصول 403 و 129 و 130 و 608 من القانون الجنائي.
- الحقيقة الرابعة : من الثابت أنه، و بناء على ذلك الملتمس، قد تم إجراء التحقيق الإعدادي في حق العارض من طرف قضاء التحقيق في الملف عدد 40/93، و أسفر عن صدور قرار بالإحالة عدد 17 بتاريخ 17 ماي 1993 من أجل جناية الضرب و الجرح المفضي إلى الموت بدون نية إحداثه و إلحاق خسائر مادية بملك الغير - نفس الفصول أعلاه.
- الحقيقة الخامسة : إن غرفة الجنايات بفاس و تبعا للملفين الجنائيين المضمومين، الأول عدد 229/93، و الثاني عدد 8/94، و هي تبت في هذه المتابعات، قد انعقد قضاؤها بالجزم الصميم، و بموجب قرارها عدد 164 الصادر في هذين الملفين بتاريخ 04/04/1994، بعد الاستماع إلى كل الأطراف متهمين و شهوداً و مصرحين و شرطة قضائية، على عدم ثبوت مسؤولية السيد عبد العالي حامي الدين عن وفاة الهالك محمد آيت الجيد.
و قد جاء في معرض تعليلات ذلك القرار الجنائي ما يلي :
" و حيث إن مسؤوليتهم أي " المتهمين و من ضمنهم السيد عبد العالي حامي الدين " غير ثابتة في حقهم إلا أنهم يكونون قد ساهموا في المشاجرة التي نشبت بين فئتين من الطلبة أدت إلى وفاة أحدهم ".
و قد استند ذلك التعليل إلى نفس الوقائع الواردة في الشكاية المباشرة الحالية، و تتمثل فيما يلي :
- عند الاستماع أمام غرفة الجنايات بفاس بخصوص واقعة اعتراض سيارة الأجرة التي كان يمتطيها إلى جانب الهالك آيت الجيد
بنعيسى قبل أن يتم إيقافها و إنزالهما معا صرح المسمى الحديوي الخمار، حرفياً، بناءً على ما ورد في نص القرار الجنائي بما يلي . و بعد الركوب توجهنا صوب حي ليراك و قرب معمل كوكا كولا شاهدنا سيارة خارجية عرقلت سيارة الأجرة، إذاك تجمهر حشد من الناس حول السيارة و بدأوا يشيرون إلى الهالك و أوقفوا السيارة و أنزلوا الهالك و عنفوه و في تلك الأثناء أصيب في عينه و بقضيب حديدي في يده ثم أُخرج من السيارة عنفا و اقتيد و كان من ضمن المعتدين الرماش و حامي الدين.
و أضاف أن المعتدين كانوا حوالي 30 فرداً، و استطرد قائلاً إنه عند إخراجه من السيارة عاين الهالك عن بعد و هو يُعَنَّف من طرف المجموعة التي كُلفت به بعد أن أُسقط أرضاً و كان من ضمن المعتدين حامي الدين و الرماش ".
- الحقيقة السادسة : من الثابت أن غرفة الجنايات بفاس، بناء على اقتناعها الصميم، و بموجب قرارها المذكور عدد 164 في الملفين الجنائيين الأول عدد 229/93، و الثاني عدد 8/94، بتاريخ 04/04/1994 قد قررت إعادة تكييف المتابعة بما لها من سلطة تقديرية كاملة عملاً بالفصل 486 من ق.م.ج القديم و ذلك بمعاقبة السيد عبد العالي حامي الدين من أجل المشاركة في مشاجرة نتج عنها وفاة طبقا للفصل 405 و ليس الفصل 403 من نفس القانون، و ذلك بناءً على كل معطيات القضية بما فيها تصريحات المسمى الحديوي الخمار، والحكم بإدانة السيد عبد العالي حامي الدين بسنتين حبساً نافذاً. ( رفقته صورة القرار الجنائي عدد 164، و هو مدرج بملف الشكاية الحالية ).
- الحقيقة السابعة : إن القرار المذكور غدا مكتسباً لقوة الشيء المقضي به، تأكيداً على أن المجلس الأعلى كان قد قضى بتاريخ 11/06/1998 بموجب القرارات عدد 1879/8 و 1880/8 و1881/8 بسقوط طلب النقض في الملفات عدد 1594/3/8/95 و 1596/3/95 و1598/3/95.
- الحقيقة الثامنة : و الناتج، بصفة قطعية، أن القرار الجنائي عدد 164 و المكتسب لقوة الشيء المقضي به، قد ترتب عنه، بقوة القانون، انقضاء الدعوى العمومية طبقاً لما تفرضه المادة 4 من ق.م.ج، الشيء الذي يُعَدُّ مانعاً قانونياً يحول دون قبول الشكاية المباشرة المقدمة في الملف الحالي أصلا و التي لا يتأتى سماعها أمام سقوط الدعوى العمومية بقوة القانون.
- الحقيقة التاسعة: من الثابت كذلك، أن فضيلة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستيناف بفاس سبق أن تلقى بتاريخ 22/11/2012 شكاية عادية تحت عدد 562/3101/2012، تنبني على نفس الوقائع المعروضة في الشكاية الحالية، و أصدر، تبعا لها، قراراً صريحاً بالحفظ، معللاً بما يلي :
" قررنا حفظ الشكاية في مواجهة عبد العالي حامي الدين لسبقية البت في القضية بمقتضى قرار قضائي ". ( رفقته صورة من هذا القرار ).
و هكذا يكون السيد الوكيل العام للملك قد تَقَيَدَ بقاعدة قوة الشيء المقضي به التي اكتسبها القرار الجنائي المذكور التزاماً منه باحترام ضوابط الأمن القضائي و مصداقية القضاء.
- الحقيقة العاشرة : من الثابت و من المشرف للقضاء أيضاً، أن السيد قاضي التحقيق لدى محكمة الاستيناف بفاس – غرفة التحقيق الثانية – قد تلقى، مرة أخرى، شكاية مباشرة من نفس الطرف المدني الذي تقدم بشكايته الحالية، و ذلك في مواجهة العارض و بناء على نفس الوقائع المعروضة في تلك الشكاية تبعاً للملف عدد 157/13 ش. م.
و قد أصدر في تلك الشكاية الأمر القضائي بعدم فتح تحقيق بموجب القرار عدد 168/13.
و ستلاحظون أن ذلك القرار قد استند، بالتمام و الكمال، إلى ذات الوقائع المعتمدة في الشكاية الحالية، و ذلك في معرض الصفحة الأولى و الثانية من هذا الأمر القضائي.
و قد تم تعليل ذلك الأمر القضائي حرفياً بما يلي :
" حيث إنه بموجب المادة 93 من ق.م.ج، فإن من أسباب عدم فتح تحقيق أن تكون الوقائع موضوع الشكاية المباشرة لا تستوجب قانوناً إجراء المتابعة لوجود أسباب تمس الدعوى العمومية.
و حيث إنه بالرجوع إلى وقائع النازلة موضوع الشكاية المباشرة يتضح أنه سبق أن عرضت على القضاء، حيث كان المشتكى به عبد العالي حامي الدين متابعاً بمقتضاها، و بت فيها بموجب القرار عدد 164 الصادر عن غرفة الجنايات لدى محكمة الاستيناف بفاس بتاريخ 04/04/1994 في الملف الجنائي عدد 229/93 و 8/94، و أن القرار المذكور أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به، حيث قضى المجلس الأعلى آنذاك بتاريخ 11/06/1998 بموجب القرارات عدد 1879/8 و 1880/8 و 1881/8 بسقوط طلب النقض في الملفات عدد 1594/3/8/95 و 1596/3/95 و 1598/95 .
و حيث إنه تبعا لذلك، يتضح بأن الأفعال المنسوبة للمشتكى به عبد العالي حامي الدين بمقتضى الشكاية المباشرة قد سبق البت فيها بمقتضى قرار قضائي أصبح حائزاً لقوة الشيء المقضي به و لا تستوجب قانوناً إجراء المتابعة من جديد، على اعتبار أنه سبق أن توبع و حوكم من أجل نفس الأفعال التي كان ضحيتها الهالك محمد آيت الجيد المعروف ببنعيسى.
و حيث استناداً لما ذكر أعلاه، تكون الوقائع المعروضة في الشكاية المباشرة لا تستوجب قانوناً إجراء المتابعة لوجود أسباب تمس الدعوى العمومية و ذلك طبقاً لصريح مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 93 من قانون المسطرة الجنائية ".
هذا، و لا يمكن أن يخفى أن قوة الشيء المقضي به في المادة الجنائية تعتبر من صميم النظام العام القضائي.
كما لا يخفى أن عدم قبول سماع الدعوى العمومية لسبق صدور أمر بالحفظ بشأنها من طرف النيابة العامة، إنما يندرج في صميم قاعدة قوة الشيء المقضي به.
و لا يمكن أن يخفى أيضاً، أن الدعوى العمومية تسقط بقوة القانون بصدور حكم سابق لا تعقيب عليه. ( انظر قرار المجلس الأعلى – محكمة النقض – عدد 4859 – مجلس قضاء المجلس الأعلى العدد 41 ).
و المهم في هذا القرار، أيضاً، أنه " لا يمكن أن يتابع نفس الشخص من أجل نفس الوقائع مرتين و لو وصفت بوصف قانوني آخر ".
و الناتج، أن تغيير الوصف القانوني لنفس الوقائع التي حوكم من أجلها العارض بموجب قرار مكتسب لقوة الشيء المقضي به، لا يبرر، بأي وجه، تقديم شكاية مباشرة جديدة.
- بناء على الحقائق و البيانات و الوثائق المبينة أعلاه.
- كان من المفروض عدم قبول الشكاية المباشرة منذ البداية نظرا لسبقية البت، مع ما يترتب عن ذلك قانوناً، و كذا وفقاً للتعليل المعتمد من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستيناف بفاس بموجب قرار حفظ الشكاية المقدمة له في الملف عدد 562/3101/2012، و أيضاً، طبقاً للتعليلات المعتمدة بموجب الأمر القضائي بعدم فتح تحقيق و الصادر عن فضيلة قاضي التحقيق – غرفة التحقيق الثانية - لدى محكمة الاستيناف بفاس بتاريخ 04/07/2013 في الملف عدد 157/13 ش.م.