منصة مغربية لتعليم الرياضيات تعتمد الذكاء الاصطناعي بشراكة أمريكية

عبد الرحيم سموكني

أطلق مهندسون مغاربة منصة رقمية خاصة بتشخيص وتقوية مدارك الرياضيات لدى الأطفال في المستويين الابتدائي والإعدادي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وذلك بتعاون مع مهندسين من جامعة أمريكية في ولاية ماسشوستس الأمريكية، وهو ما تطلب 3 سنوات من الاشتغال، لتكييف المحتوى الأمريكي الأصل إلى محتوى بالعربية والفرنسية.

وقال إلياس عزيوي، مبتكر المنصة، إن الفكرة ولدت خلال دراسته الجامعية في بريطانيا، عندما قرأ مقالا في نيويورك تايمز لتوماس فريدمان يتحدث فيه عن تقهقر مستوى تلاميذ الابتدائي والاعدادي والثانوي في أمريكا مقارنة بدول جنوب شرق آسيا، فبدأ يهتم بأنظمة التعليم، خاصة وأنه كان لديه أصدقاء هنود لهم انفتاح على التجربة التعليمية في سنغفورة، وحينها قرر الاتصال بمهندسين في جامعة Western Polytechnic Institute، الذين كانوا سباقين إلى إطلاق بحوث في مجال الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بتعليم الرياضيات.

ويواصل عزيوي أنه بفضل تواجد أستاذ باحث في الجامعة الأمريكية وهو الطاهر القرشي، جرى ربط الاتصال بالمهندسين المشرفين على منصة الذكاء الاصطناعي الخاص بالرياضيات، وأضاف "شرحت لهم أننا في المغرب نعاني من تراجع مستوى الرياضيات، وأن هناك نفورا من الشعب العلمية في المغرب، إذ أن الطامة الكبرى أن طلبة العلوم الاجتماعية بدورهم يحتاجون إلى كفايات في الرياضيات بما يخول لهم استعمال برامج إحصاء واستطلاع".

ويوضح عزيوي، في اتصال مع "تيل كيل عربي"، أن الجامعة الأمريكية جمعت مساعدات بـ14 مليون دولار كميزانية للبحث وتطوير آلية للذكاء الاصطناعي لتعليم الرياضيات، وأنهم اليوم رفعوها إلى 20 مليون دولار.

ويشرح المهندس إلياس عزيوي أن إطلاق منصة للذكاء الاصطناعي لتعليم الرياضيات لتلاميذ مغاربة من المستوى الابتدائي إلى الإعدادي، تطلب تشخيصا للمستوى العام، وهو ما أدى إلى وضع 640 مهارة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ، وهو ما يختلف كثيرا مع ما يسمى بالكفايات التي يتبناها مقرر التدريس في المغرب.

وحسب عزيوي، فإن المنصة تمكن من تجاوز 85 في المائة من ثغرات الرياضيات دون تدخل من العنصر البشر، كما أنها  تتوافق مع البرامج التعليمية المغربية وبمحتوى عربي- فرنسي، كما أن التجارب المنجزة في الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت أن "MathScan" تمكن من تعلم واكتساب مهارات الرياضيات مرتين (2) أسرع من الاعتماد فقط على الطريقة التقليدية.

وطورت شركة "MathScan" منصة تعليمية تعالج بشكل تلقائي العثرات في مدارك التلاميذ المغاربة في الرياضيات التي تدرس في البرنامج التعليمي المغربي، وتدعم التلاميذ بالآلاف من التمارين التي جرى تفصيلها وتصنيفها وترتيبها انسجاما وصعوبتها.

ويقول  عزيوي إن المنصة ليست مفتوحة للتلاميذ بشكل فردي، بل هي مفتوحة للمدارس والجمعيات المدنية، كما جرى في مدينة وجدة، إذ قامت المنصة بعقد شراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتعزيز القدرات الرياضياتية لأطفال من أوساط فقيرة، وجرى توزيع لوحات رقمية تعمل بنظام ويندوز عليهم، وقال "قمنا بشراء لوحات مستعملة وتوزيعها بالمجان، وقد أعطت الدورة التكوينية نتائج مبهرة، تفاجأ له الأساتذة".

وتمكن المنصة التعليمية "MathScan" المبتكرة بتعاون مع فريق من أمهر الباحثين في مجال تدريس الرياضيات بالولايات المتحدة الأمريكية فضلا عن خبراء مغاربة من استصدار تقرير مفصل حول الفجوات المستكشفة عبر مرحلة التشخيص.

وتفيد نتائج بحث البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلاميذ (PNEA 2016) والتي عممها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بأن أغلب الصعوبات التي تعترض تلاميذ الشعب العلمية في المغرب تتعلق بمادة الرياضيات وأن 84% منهم يحصلون معدلا أدنى من المتوسط و54 % منهم يتقنون أقل من 33 % من المهارات الأساسية في هذه المادة العلمية، بما يعكس حدة العجز الذي تتسبب فيه تراكمات الثغرات والعثرات في دراسة الرياضيات.

وكشف البحث ايضا أن 52% من التلاميذ يعتبرون الطرق والنظم التعليمية لمادة الرياضيات تساهم قليلا أو لا تساهم بالمرة في فهم مادة الرياضيات، علما أن المغرب قد حل في المرتبة 37 ضمن لائحة تضم 39 بلدا كانوا محور دراسة TIMSS 2015 التي تهم، خلال كل أربع سنوات، إنجاز مقارنة للنظم التعليمية في الرياضيات والعلوم عبر العالم أجمع.

في المقابل، جرى تطوير الطريقة المعتمدة من قبل "MathScan" من المؤسسة الأمريكية WPI المعترف بها من قبل المنظمات المستقلة وقد استفادت إلى حدود اليوم من 25 مليون دولار من دعم الأبحاث والدراسات كما ظفرت بجائزة التميز من لدن مؤسسات شهيرة مثل NSF وMelinda & Gates foundation، كما كانت محور المئات من المقالات الصحفية في الولايات المتحدة الأمريكية.