أجور بدون عقود وتصريحات ناقصة.. تقرير رسمي يكشف "اختلالات" تدبير الموارد البشرية

محمد فرنان

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تدقيق مالية الأحزاب السياسية لسنة 2023 عن صورة متباينة لتعامل هذه الهيئات مع مواردها البشرية، سواء تعلق الأمر بالموظفين الرسميين أو بالمتطوعين الذين يشكلون جزءا لا يستهان به من قوة عمل بعض التنظيمات الحزبية.

وسلط التقرير الضوء على تفاوتات كبيرة في أعداد المستخدمين، ومستوى تأهيلهم، بالإضافة إلى ملاحظات دقيقة حول مدى التزام الأحزاب بالمقتضيات القانونية في تبرير نفقات الأجور والتعويضات.

وحسب المعطيات التي أوردها المجلس الأعلى للحسابات، يظهر تباين صارخ في عدد المستخدمين بين الأحزاب السياسية، ففيما يتوفر حزبان اثنان على ما مجموعه 154 مستخدما، وهو ما يمثل 61% من إجمالي مستخدمي الأحزاب التي أجابت عن استبيان المجلس، صرحت ستة أحزاب أخرى بأنها لا تتوفر على أي مستخدم رسمي.

وتتوزع باقي الأحزاب على فئات متفاوتة، حيث يتراوح عدد مستخدمي حزبين آخرين ما بين 20 و 25 مستخدما، وثلاثة أحزاب ما بين 10 إلى 15 مستخدما، وتسعة أحزاب ما بين مستخدم واحد إلى خمسة مستخدمين.

وعلى صعيد التأهيل الأكاديمي، أشار التقرير إلى أن حوالي 35% من إجمالي 254 مستخدما شملهم الاستبيان يتوفرون على مستوى تعليم عال، أما في ما يخص التكوين المستمر، فقد كشفت إجابات الأحزاب عن غياب شبه تام لبرامج تطوير مهارات المستخدمين، باستثناء حزبين فقط من أصل 22 حزبا شملها الاستبيان.

ولا يقتصر عمل الأحزاب على المستخدمين الرسميين فقط، بل يعتمد العديد منها على جهود المتطوعين، وأظهر التقرير أن ثمانية أحزاب سياسية استعانت بما مجموعه 127 متطوعا خلال سنة 2023 لتولي مهام إدارية ومالية وتقنية. اللافت للانتباه هو أن أربعة من هذه الأحزاب تعتمد بشكل حصري على المتطوعين في تدبير شؤونها الإدارية والمالية.

ولم يخل تدقيق قضاة المجلس لحسابات الأحزاب من تسجيل ملاحظات جوهرية تتعلق بتبرير نفقات المستخدمين، إذ سجل المجلس "محدودية دعم نفقات أجور مستخدمي ستة أحزاب بوثائق الإثبات القانونية"، حيث بلغت قيمة هذه النفقات غير المدعمة بشكل كاف حوالي 3,40 مليون درهم، أي ما يمثل 3.72% من إجمالي النفقات المصرح بها.
وشملت هذه الملاحظات أحزابا مثل حزب الاستقلال وحزب الحركة الشعبية، بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الخضر المغربي، وحزب العمل، وحزب المجتمع الديمقراطي.

وعلى الرغم من تسجيل تحسن مقارنة بسنة 2022، حيث انخفض عدد الأحزاب المعنية بهذه الملاحظة من 17 إلى ستة أحزاب، إلا أن المجلس شدد على ضرورة التزام الأحزاب بتقديم كافة الوثائق المطلوبة، بما فيها عقود العمل، والتصاريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومبررات التعويضات والمكافآت.

وفي حالات محددة، أوصى المجلس أحزابا بعينها بضرورة دعم صرف أجور المستخدمين والمنح والتعويضات بوثائق الإثبات القانونية، كما هو الحال بالنسبة إلى حزب الاستقلال وحزب الحركة الشعبية الذي اكتفى بتقديم تصاريح الانخراط في الضمان الاجتماعي دون عقود العمل المطلوبة.

وفي حالة الحزب الاشتراكي الموحد، أشير إلى أن مستخدمة معنية هي عضو بالمجلس الوطني ولا تتوفر على عقد عمل، مع تعهد الحزب بتصحيح الوضع، وسجلت ملاحظات مماثلة على حزب الخضر المغربي وحزب العمل وحزب المجتمع الديمقراطي.

ويؤكد المجلس في توصياته العامة على ضرورة تقوية قدرات التدبير الإداري والمالي والمحاسبي للأحزاب السياسية، مشيرا إلى استمرار النقائص المسجلة في تقاريره السابقة والمتعلقة بضعف القدرات التدبيرية والبشرية لهذه الهيئات.