فوجىء الكثيرون بتعيين أحمد رحو، سفيرا للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي ببروكسيل. فقد ألفوا رؤية هذا البنكي، على رأس مؤسسات اقتصادية كبيرة، يعيد ترتيب أوراقها المبعثرة و يضمن لها انتقالا سلسا إلى مرحلة جديدة في حياتها، أو مساهما في التفكير في قضايا ساخنة تهم مستقبل المغرب، هو الذي نجح في تدبير ملفات اقتصادية شائكة، لعل أبرزها المهمة التي اضطلع بها على رأس القرض العقاري والسياحي.
قوة هادئة.. وحضور متعدد
عندما علم فاعلون ومراقبون للشأن الاقتصادي بالمملكة، قبل أسابيع، باستقالة، أحمد رحو من مكتب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث كان يتولى مهمة نائب للرئيس، مكلف بالتنافسية ومناخ الأعمال، أدركوا أن الرجل غادر مرغما، تلك المؤسسة التي تدافع عن مصالح رجال الأعمال، فلم يسبق له أن تخلى عن المهام التي تولاها أو كلف بها في السابق. وقد ترفع عن ذكر الأسباب التي حملته على اتخاذ ذلك القرار، واستمر في أداء مهامه مؤسسات أخرى، حضوره فيها مطلوب بقوة.
عندما ترصد عمله بالقرض السياحي والعقاري، تظن أن الرجل لا يبرح مكتبه، وعندما تطلع على ما ينجزه بالمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، حيث يتولى الإشراف على دراسات ثقيلة، تعتقد أنه أكاديمي لا يتوقف عن التفكير في القضايا التي تشغل المغاربة، بحثا عن فهم واجتراح حلول، تستحضر مصلحة البلد، وعندما تتابع أداءه بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، قبل أن يصفق الباب، تتساءل حول عدد ساعات يوم أحمد رحو.
لم يتخلف عن معالجة ملفات شائكة. فقد أشرف على تدبير عملية تحرير سعر زيت المائدة، عندما تولى أمر شركة « لوسيور»، قادما إليها من مصرف المغرب، حيث كان عضوا في مجلس إدارته الجماعية. لم تكن لديه سابق تجربة في ذلك المجال الصناعي الحساس، لارتباطه بالقدرة الشرائية للأسر المغرب، لكنه كان دائما مستعدا للشرح والتفسير.. تلك خصلة أصيلة فيه، تجلت أكثر عندما عين على رأس القرض العقاري والسياحي، الذي أعاد إليه الكثير من اعتباره، بعد ماض كاد يعصف بتلك المؤسسة.
يترأس لجنة الشؤون الاقتصادية و القضايا الاستراتيجية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ويتولى به تنسيق أشغال اللجنة الخاصة التي أمر الملك بإحداثها بهدف بحث المداخل التي يمكن أن تعالج مشكلة التشغيل بالجهات.. لجنتان يضفي أحمد رحو على أعمالهما الكثير من الجدية، ما يكسبه احترام النقابات والجمعيات والمقاولات والأحزاب، الممثلة داخل المجلس، فهو يبث الكثير من الثقة البناءة بين أطراف مقارباتها مختلفة ومتباينة للقضايا المطروحة، حسب ما يلاحظه عضو بالمجلس، فضل عدم ذكر اسمه.
ويذهب مصدرنا إلى أن الاحترام الذي يحظى به رحو، نابع من قدرته على الانكباب على دراسة جميع الملفات الشائكة، بالكثير من التفاني والرغبة في الوصول إلى حلول متوافق حولها.. فهو الذي أشرف على الدراسات التي تتناول النظام الجبائي المغربي أو النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية والتصنيع بالمملكة.. ذات الرأي يعبر عنه مصدر، كان شاهدا على أدائه في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث كان يشكل مع البشير الراشدي ثنائيا، يعمل باجتهاد كبير، ويتوارى بعيدا عن الأضواء، مواصلا عملا يريد به بث قيم الشفافية والحكامة الجيدة.
نبوغ.. وقدوة
يؤكد أبناء حي المسجد بالدار البيضاء، أن أبناء رحو الأب، رجل الأمن البسيط، الذي انتقل إلى العاصمة الاقتصادية قادما إليها من مدينة مكناس، وبينهم أحمد، عرفوا بنبوغهم في الدراسة، خاصة في الرياضيات في ثانوية مولاي عبد الله. ذلك ما أهلهم للعبور إلى الأقسام التحضيرية، قبل أن يلتحقوا بأكبر المدارس، موزعين بين البوليتكنيك و المدرسة المحمدية للمهندسين.
أحمد رحو البالغ من العمر ستين عاما، حاصل على دبلوم مهندس بمدرسة البوليتكنيك، قبل أن يلتحق بالمدرسة الوطنية للمواصلات بفرنسا. شهادتان تؤهلانه للعمل في فرنسا، لكنه اختار العودة إلى المغرب، حيث تقلب في العديد من المناصب التي أثبت فيها قدرته على تعبئة الموارد البشرية حول أفكار، يقنعهم بقدراته على التواصل بالإيمان بها.
يرى مصدر عمل مع أحمد رحو بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنه كان يتصرف عند تعاطيه مع الشأن الاقتصادي والاجتماعي المغربي، كرجل دولة، يرنو إلى ما يمكن أن يوضح الرؤية ويعبىء الطاقات من أجل حل المشاكل الأكثر استعصاء.. بينما يخبرنا آخر، أنه كان قدوة في ما يصدر عنه من مبادرات إنسانية، فلم يتسلم يوما تعويضا ماليا، رغم المهام الشاقة التى تولاها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إذ أرشد مسؤولي المجلس إلى جمعية، وطلب منهم تحويل التعويضات التي يستحقها إليها.