أحمد مدياني: الدار البيضاء و"ثورة الوالي"

أحمد مدياني
أحمد مدياني

نحن نعيش التغيير. عبارة سوف تسمعها من كل مواطن بالدار البيضاء، نتيجة الطفرة التي تعيشها المدينة، طيلة الأشهر الماضية؛ ما يؤكد أن تغيير حياة المواطن نحو الأفضل يبقى مسألة إرادة وقرار. وهما، اليوم، نابعان من مقر ممثل سلطة الداخلية، وليس مقرات المجالس المنتخبة للأسف.

مشاريع تم تسريع وثيرة أشغالها، وأخرى رأت النور، في ظرف قياسي، بل منها ما تم الانتهاء من إنجازه ودخوله مرحلة الخدمة.

منذ قدوم الوالي محمد امهيدية، تغيرت أشياء كثيرة، وأصبحت على يقين بأنه ما إن يضع لمسته على مشروع أو ملف، فإنه سيسلك، لا محالة، طريقه نحو الحل والإنجاز، دون تسويف أو حقن بظروف تعطيله التي تكون، في الغالب، إما لأسباب بروقراطية، أو لأن أحدهم طامع في كسب الغلة مضاعفة، دون نتائج على أرض الواقع.

مساحات شاسعة بأحياء وسط المدينة عاشت، لعقود، أراض خلاء، تحولت إلى أوراش مشاريع هيكلية، وأخرى عانت، لسنوات، من احتلالها خارج إطار القانون. وما يبعث على الاطمئنان، هو أن تحرير الملك العمومي لم يفرق بين المواطن والمؤسسات، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، ما حدث في شارع "الروداني" بالقرب من حديقة "الجامعة العربية"؛ حيث تم دك مقرات مؤسسات عمومية لأجل الصالح العام.

أخيرا أصبحت تتأمل مداخل مدينة تليق بها جنباتها، خاصة في ما يتعلق بحملة التشجير وجعل كل شبر من الأرض ينبض بالحياة.

ماذا تغير؟

المنتخبون هم أنفسهم الذين كانوا في زمن الوالي السابق والذي قبله. نفس منابع مداخيل العاصمة الاقتصادية كما هي. المسؤولون عن التخطيط والإنجاز وإدارة مختلف أدرع مؤسسات ومجالس الدار البيضاء يحملون نفس الأسماء. نفس الشوارع، ونفس المساحات، ونفس الأزقة...

الذي تغير هو الرجل الذي قدم إلى الجهة، بإرادة تغيير واقع وحال سكانها. واقع أغضب الملك محمد السادس، أكثر من مرة، وتقاسم غضبه هذا مع المغاربة، يوما ما، حين باح لهم بأن ملكهم مثلهم لا يعجبه حال أكبر مدينة مغربية وواجهة المملكة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية وحتى الثقافية.

هل يمكن أن يكون أفضل مما هو كائن اليوم؟

الجواب هو نعم، بشرط أن ينخرط الجميع في دينامية الوالي الذي يعترف بالميدان فقط، ولا يطيق اتخاذ القرارات داخل الغرف المكيفة. بشرط أن يقتنع المنتخبون بأن دورهم هو خدمة المواطن، وليس الأرصدة البنكية وقائمة العقارات التي يمكن أن يخطفوها في غفلة من الجميع لهم ولأقاربهم.

نعم... حين يحترف كل مسؤول الاجتهاد لأجل الصالح العام وليس الخاص، وحين يؤمن المواطن بدوره بأن المحطات الانتخابية فرصة لتحسين ظروف عيشه، على المدى الدائم، وليس في لحظة الإمساك بالمقابل المادي الذي يحتقر مواطنته، حين يحتاج أباطرة الانتخابات صوته.

وفي انتظار أن يساهم المواطن بنصيبه تجاه التغيير، يجب أن يعرف أن رؤوس مسؤولين كثر أوصلتهم أصواته لكراسي استغلال المسؤولية، قد أينعت، وإنطلقت منذ مدة عملية الاعداد لقطافها، ولمن له شك في ذلك، يمكن له أن يسأل الذي يساءلون منذ أسابيع من طرف لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية.

ما يحدث اليوم في الدار البيضاء يمكن وصفه بعبارة: "ثورة الوالي"، ولن تكتمل نتائجها بدون انخراط الجميع في أهدافها؛ وأهمها، في المستقبل القريب، أن تطال هذه التحولات الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتنزيل مشاريع يكسب منها أبناء البيضاء قوت يومهم، وفق مبدأ الشغل اللائق والحياة الكريمة.