استفقت صباح اليوم الأربعاء 15 نونبر 2023 على "تنبيه" من حساب "فيسبوك"، يخبرني أن صديقا افتراضيا علق على مقال كتبته قبل 3 سنوات.
من حسن الحظ أن هناك من يقرؤون لنا في السر... ينشرون ما نخطه بدون "شاو"... لا لشيء هو أنهم التهموا والتهمن بنهم الحروف والكلمات التي نمارس من خلالها محاولات الفهم...!
علق الصديق "الافتراضي" يوسف أعبار على المقال الذي نعيش الكثير من تفاصيل ما جاء فيه اليوم بكتابة: "شكرا لفيسبوك لي فكرني في هذه الروعة ديالك".
وهذا نص المقال كما نشر يوم 15 نونبر من العام 2020:
منذ مدة، تتحسس الخطر الذي يحيط بهذه الرقعة من العالم، هذا التراب الضارب في عمق التاريخ، والذي شيد بالدماء، وعاش سنوات من الصراعات، كي يكون بكل عيوبه وإيجابياته، وطنا للأمازيغ والعرب واليهود والمسلمين ومن فروا من الأندلس، وغيرهم الكثير.
طيلة القرن الماضي وبداية الجاري، وفي سياق تفتيت الأوطان بحجة الاختلافات العرقية والدينية والإثنية والمذهبية واللغوية، من طرف الدول الاستعمارية التي شيدت، في المقابل، أسس الوحدة في قاراتها، رغم كل ما تحمله أوطانها من بذور الاختلافات السابقة... يمكن القول إن المغرب شكل استثناء فريدا، خاصة وأن معارضته عبر التاريخ... كانت تمزج في مواقفها وفعلها على أرض الواقع، ما بين رفض أنماط الحكم التي توالت على المملكة وبين القناعات الوطنية المتجذرة في أدبياتها.
كانت أصوات القيادات المعارضة تلقن، في مدارسها، الفعل الوطني، أولا... تناصر كل شروط الوحدة، وتنفر مما يفتت الأوطان خدمة للأجندات التقسيمية التي كانت تغذي هذه الأطروحة، من منطلق سياسة تصدير الأزمات لأجل استغلال الخيرات.
وإذا كان من يدبرون الدولة، اليوم، يعتقدون أن كل هذا الارث مستمر، أعتقد أنهم واهمون، أو يتجاهلون تحولات عميقة مصدرها صناعة من يصرفون قناعات بديلة تجاه مفهوم "الدولة الوطنية والفعل السياسي المواطن بكل انتماءاته الأيديولوجية وتعبيراته السياسية"...
وأنت تتابع ردود الفعل في كل قضية تهم الوطن، أو تهم مواقفه في قضايا إقليمية أو دولية... أصبحت تواجه براعم يتم سقيها، منذ مدة، بمياه منابعها خارج حدود تراب الوطن... وتضاف إليها أسمدة كيماوية خطرة تتسلل عبر الحدود الرقمية، أساسا، في غياب شبه تام لما يملأ فراغ صناعة الموقف، بعيدا عن فبركته من منطلق توزيع الغنائم...
بقايا الاستعمار الفرنسي والولاء الأعمى لوهم عودة الخلافة العثمانية وريع بترودولار الخليج واستلاب أوهام الحلم الأمريكي، بالإضافة إلى بهارات دولية أخرى يحركها، أولا وأخيرا، تنزيل سياسة الابتزاز تجاه الدولة، عوض سياسة حسن النوايا المعلنة لمساعدتها على تلمس أسس الخروج من غرفة الانتظار... بين أحضان الانتقال الديمقراطي المزعوم الذي شاخ!
كل ما تأملتُ الحد الذي وصل إليه البعض في صياغة ردود الفعل لصالح "زعيم" أجنبي مزعوم، مهما كانت هويته أو لغته أو ديانته، أكرر: "واش غادي نبقاو في موقف المتفرج؟!".
لم نطور قواعد إعلامية أسسها المهنية والمعالجة الصحافية الرزينة! لم نطور مؤسسات صحفية قادرة على ممارسة فعل الإقناع، عوض التخويف والتخوين والتهديد! لم نترك للفضاء الإعلامي ولو شق من جدار شيد بـ"الاسمنت العسكري" يتسرب منه نور يضيء المواقف في الخارج! أجهزنا على التعددية! نسفنا عوض أن نشيد، بمنطق تشاركي، الفعل المدني المستقل! تم تدجين كل صوت يبرز نصرة لمنطق الحكمة والتعقل! جعلنا من الأحزاب السياسية كأي فيسبوكي يمارس هواية كوبي كولي! قتلنا شجاعة الفعل السياسي في إصدار الموقف قبل وصول الإشارة التي تصبغ كل شيء بالرسمي! ... ... ... ...!
فعل وأفعال ومفعول بهم ومفعول لأجلهم، في غياب الفاعل...
مقابل كل ما سبق، فتحت كل المجالات والقنوات والمنصات والمواقع والفضاءات من ممارسة التأثير السياسي، مرروا بصناعة الرأي، ووصولا إلى نوافذ الترفيه بالغناء والفن والمسلسلات وحتى الرسوم المتحركة، أمام ثقافات تصنع مغربيا آخرا يعيش غربة عنيفة فوق تراب وطنه؛ غربة تحرمه، عنوة، من ممارسة حقه في المواطنة لأجل الوطن، وتجعله يعيش وهم البطولة الزائفة، بمبرر "نصرة" دجالين يحترفون الاستغلال العابر للقارات، بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة.
هؤلاء مستثمرون أشاوس، ومن هم عندنا مستثمرون بمنطق الغنائم، وإن على حساب الوطن، وإن أظهروا وسوقوا غير ذلك!