أحمد مدياني: ماذا تبقى من حكومة أخنوش غير فرصة إضافية داخل بورصة الدار البيضاء...؟!

أحمد مدياني
أحمد مدياني

يفرض طرح السؤال الالتفات إلى الوراء. ليس قليلا، بل بتأمل ما يدفع به نحو واقع عنوانه الأوحد: لم يتبق أي شيء!

عزيز أخنوش يرأس حكومة أصبحت تفتقد للشرعية والمشروعية، سواء تعلق الأمر بمكوناتها التي إنفك منها حزام ما يستر عورة ما تخفيه، أو يفضح ما تظهره.

حكومة نالت غنيمة توزيع الحقائب البرلمانية بوصول من "يمثلون الأمة" إلى سقف حصيص نيل توزيع الحقائب، وهؤلاء يسقطون منذ أشهر تباعا، بتهم لو وجه أقلها لفرد واحد منهم، حيث تُحترم قواعد لعبة الديمقراطية، لما تبقى من الحكومة الحالية غير ما يجب أن يبقى لتدبير قوت عيش المغاربة وانقاذهم من العطش.

فأن يواجه المغاربة صراحة كون ملفات الوطن الاستراتيجية داخليا وخارجيا، وحتى الماء منها، شأن سيادي، نرى غيابا وانقطاعا للتواصل سواء من طرف عزيز أخنوش أو ومن يواليه على هذا الشأن.

لأن ما هو أخطر اليوم، أن من يمسكون بمصير تدبير الشؤون اليومية للوطن، يصرفون الملايير باعتبارهم أجدر من يؤدون "شرف الخدمة والإنقاذ" لكنهم يصمتون طويلا حين تكون "الخدمة" حقيقية قادمة من أعلى السلطة التي تدبر بمنأى عنهم تصحيح أخطائهم وزلاتهم، حتى أن من يفككون كيف تدبر الأمور وتسير، يدفعون دفعا للبحث عن جواب للسؤال التالي: ما هي الحاجة اليوم لحكومة أخنوش ومن يدور في فلكه؟

لماذا...؟

الجواب: مكونات الحكومة اليوم تضم حزبا لم يعقد مؤتمره الوطني منذ سنوات، ويعيش على حقن المنشطات السياسية، لأن قواعده انقسمت ما بين الولاء المستمر لما تبقى من فاس، والولاء المطلق لكل ما هو قادم من الأقاليم الجنوبية.

حزب يعرف أن المرحلة التي يعيشها اليوم تنظيميا وسياسيا أخطر مما عاشها لحظة تسليم حميد شباط لمفاتيح "باب الحد"، ومحاولة تغيير أقفاله بعد إنتهاء ما جاءت بهم الظروف والسياقات لأجل غيره.

حزب بكل إرثه الذي لا يمكن طيه هكذا، وتنظيماته الموازية القوية، أصبح يُدبر بدون ممانعة من تحت "دراعة" حمدي ولد الرشيد ومن يحوز عطف الجلوس باطمئنان تحت ظلها في زمن الحر وإن حلت "الليالي" وخرجت.

حزب إن ذكرت ألقاب وأسماء وزرائه في تشكيلة حكومة أخنوش على مسامع المغاربة. سوف يردون عليك باستغراب:

"شكون هاذو؟!"

لماذا...؟

الجواب: حزب آخر تائه يبحث عن إلياس العماري جديد ولم يجده. يبحث عن إعادة ربط ماضي التأسيس بحاضر محاولة الاستمرار دون أن يهتدي لما هي هويته بالضبط.

حزب سوف يعقد بعد أيام مؤتمره الوطني الخامس وهو يقلب في أوراق الماضي لعله الوصفة السحرية لإعادة نسج "شعرة معاوية" التي قطعها أمينه العام الحالي ووزير العدل عبد اللطيف وهبي بتهور لم يحسب عواقبه جيدا، والأكيد أنه تهور ومغامرة في لحظة انفعال إن عاد به الزمن إلى نفس شروط ما اقترفه لن يكرر اقترافه ذاك.

حزب سقطت "حُصون قلاعه" من الشرق إلى الغرب وصولا لوسط المملكة وحتى باب الصحراء. وانفلتت منه وصفة الاستمرار بانصهار الأعيان مع اليسار وبعض من اليمين، وكثير من الوسط، ناهيك عن قناعة السلطة خاصة محليا أنه يحمل معه "مشروع الدولة".

لماذا...؟

الجواب: لأن "حزب" رئيس الحكومة يستحق أن يحمل من يقوده وصف "الرئيس". وليس الأمين العام أو الكاتب الأول ولا حتى "الزعيم".

حزب لا يمكن أن يتحمل بكل مكوناته ومن يملكون زعمام تدبير ما هو ظاهر منه، غير وضعه ضمن قائمة الشركات المغربية بل يحق له أن يلج سوق أسهم بورصة الدار البيضاء.

كيف لا يستفيد من مؤشرات صعود ونزول الأسهم؟ وهو يشتغل ويتحرك ويُقرر داخل الحكومة وخارجها، فوق كل شبر من هذا الوطن، بمنطق "الربح والخسارة" لأجل الأرصدة البنكية لمن يمسكون بالمسؤولية محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا بشعاره المعلوم.

 حزب لو قرر أن يتحول في القريب العاجل إلى شركة. سوف يكون قيمة مضافة، لأنه يُتقن ويعرف جيدا من أين تؤكل الفخد، ويخلق فرص الشغل ويدفع من يبتكرون في تنويع مصادر الرزق.

لكنه للأسف يقترف كل هذا من منطلق الحزب وليس الشركة، وهنا يستنزف خزائن الدولة ويسحب من جيوب المغاربة لأجل هذه الاستثمارات الضخمة، وليس من الأرصدة البنكية لمن ينتمون إليه.

بعيدا عن سؤال "لماذا...؟" قريبا من مضمون الأجوبة عنه، وإن كانت غير شافية كافية بالنظر لحجم المآسي التي تقترف اليوم.

نطرح سؤالا آخرا:

ماذا تقدم حكومة أخنوش اليوم للمغاربة: سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ودبلوماسيا...؟

وكيف يصرف رئيسها وكل من هم معه وتحته ويدورون في فلكه الملايير على أن لا يكونوا "البارشوك" الذي يضمن استمرار الدولة، وإن أخطأنا جميعا عندنا مشترك يمكن العودة إليه لتصحيح الأخطاء.

أستحضر هنا كيف مر اجتماع الملك محمد السادس مع المسؤولين عن تدبير ثروة الماء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه هكذا. بضع عناوين صحفية يفرضها "الإنتماء للمملكة".

وهنا وجب الإشارة إلى ملف كان لمؤسسة "Telquel" شرف مهنية نشره بدون "مكياج شركات التواصل الوهمي"، حول من يتحمل مسؤولية "عطش المغاربة". وقبل ذلك بسنوات نبهت في ملف آخر لما نعيشه من أزمة ماءٍ اليوم.

غير ذلك. لم يدفع فريق أخنوش الافتراضي مثلا، بالتسويق لما جاء من توجيهات خلال الاجتماع الملكي على مواقع التواصل الاجتماعي على الأقل.

يملك "با عزوز" من الجيوش الافتراضية الحقيقية منها والوهمية داخل المغرب وخارجه، ومن هم تحت أمره وسلطته وما يجود به هو دون غيره، ما يضمن الانتشار العابر للقارات.

الشرط يجب أن يكون هو حاضرا في الحدث ليستفيد حتى القصر من جيوشه سواء كانت في الواقع أو الافتراضي.

لكن - واللعنة عليها - خارج دائرته التي تعكس صورته لا مكان لغيره.

لذلك من حق المغاربة أن يطرحوا سؤال:

"ماذا تبقى من حكومة أخنوش واستمرار الثقة فيها...؟!"

دون تكرار طرح السؤال الذي جاء في العنوان لأنه واضح ولا يحتاج التكرار (نقطة)