لكسر روتين تراكم حصد الغنائم التي لم "يرثها" دون عناء كبير. وتأمين ما سوف يجنيه من "باركينغ" محطة الوقود حيث يعمل، تذكر فجأة أنه كان يوما ما "يحترف كرة القدم".
ولو لا لطف الأقدار، وخروجه من "عين ابرة الهواية"، كان سيهتف المغاربة باسمه من المدرجات: "آلي ... آلي ... آلي... عزوز ... عزوووز..."
لحسن الحظ انتهت الحكاية قبل أن تبدأ.
أمن عزيز لمن يجب أن يصفه كرها بالصديق "زريقة"... تتذكرونه... موقعه داخل "البومبا". بدأت الدراهم تتراكم. اشترى حصالة نقود كبيرة واختار لها اسم "كنزة".
لماذا اختار لها اسما أصلا!
من بين ما يخافه عزيز، أن لا يتذكر جيدا حيث يكنز ما يمكن أن يراكمه من غنائم. وإن كانت "مقبط تاع نشير الحويج" صادفه على الرصيف الضيق بعدما سقط من شرفة أحد جيرانه...
"كل ما يمكن كنزه يجب أن يوضع داخل (كنزة)"... هكذا أصبح عزيز يفكر ويخطط ويُصرف قناعته، بأنه عاش ويعيش تحولا لا يجب أن تضيع غنائمه مهما حصل.
ورغم أن اسم "كنزة" ليس من ابتكاره، بل سرق حروفه يوما ما. يفتخر عزيز مع نفسه بأن الاسم يستحق الاحتفاء به. ويجب أن يُملأ بما يستطيع سريعا من الدراهم.
أصبح عزيز يُعدل ساعات عمله وفق رغبته هو. عاش لسنوات في دور المرؤوس، تغيرت الأوضاع والظروف، أصبح هو "الرئيس"...
خلال إحدى لحظات اختياره عدم الذهاب إلى العمل دون عقاب، قرر عزيز حمل كرسي خشبي مهترئ.
أساساته تتذكر إلى اليوم دون الجميع، حين كان وزير للداخلية في المغرب يدعم نادي اسمه "نهضة سطات"، (تتذكر) أن الحنين للزمن البائد يكمن العودة إليه من حين إلى آخر، للتعلم من الوصفة السحرية لوصف: "هذا راه ولدي... تهلاو فيه..."
وضع كرسيه الخشبي متآكل - وهو وصف عن سبق اصرار وترصد - عند زاوية تُطل على ملعب معشوشب، نالت منه سنوات الجفاف، ولم تنفع معه وعود ضمان سقيه لكي يستمر أخضرا.
لم يتفاعل ولم يغضب ولم ينتفض.
قال للحظة بدون مشاعر تذكر تعلو ملامح وجهه: "هذ الفرقة تاع الدرب عندنا خاصها شوية الدعم... حشومة أنا بديت كنولي مهم... ونخليها هُك...!"
يعرف عزيز جيدا أن أمثال "زريقة" يتحولون بسرعة من النقيض إلى النقيض. خاصة حين يتعلق الأمر بالشغف الذي يجمع الجمهور بكل تناقضاته.
بعدما انتهت مباراة فريق حيه. سحب الكرسي الخشبي من تحت مؤخرته المطمئنة. توجه نحو أحدهم.
كان يصرخ طيلة دقائق المباراة. خاطبه عزيز قائلا:
"شوف... أنت باق ما عارفش أنني مهم في هذ الدرب... ولكن غادي تعرفها من بعد... أشنو خاصكم باش تبقاو تربحو كلشي... أنا نبدا نضبر عليكم من (كنزة)..."
استغرب الرجل من مبادرة عزيز تجاه نادي الحي. رغم أن همه أولا وأخيرا أن يجد الكثير من أمثاله. لا يعرف هذا الذي يتقمص كل الأدوار... ولا يعرف "كنزة"...
كما لم يستوعب أن عزيز "لاعب طويل..."
لا يمكن أن يعيش "عزوز" كل وهم الثراء والسلطة ونادي لكرة القدم في الحي حيث يقطن لا يساوي شيئا، يجب أن يفتخر بما سوف تجود به "كنزة" التي تلتهم الأموال، وإن كانت حروف اسمها ليست صناعة محلية داخل أسرته...
"با عزوز يستمر في التذكر بأنه يوما ما جبد كورة أكثر مرة من عين السبع..." وسوف يستمر في ممارسة لعبته المفضلة بعيدا عن الهواية... لأن كل الظروف إلى حدود السنوات القادمة تضمن له أن يكون محترفاً...
يتبع...