أحمد مدياني: 2024.. عام الصدمات الاجتماعية وخطر "التضحية بالدولة"

أحمد مدياني
أحمد مدياني

دخل العام 2024 بالأماني؛ حيث تتحقق ويمكن أن تتحول الأحلام بالعيش الكريم إلى واقع بالكد والجهد بعد التعليم والدفع بالمجتمع من الدولة.

عندنا.. فاتح يناير من العام الجديد مختلف.

لماذا؟

عندنا.. نحن على موعد مع الإكراه على التقشف والابتعاد عن الأساسيات وليس الكماليات ما أمكن، من أجل ضمان الوصول إلى آخر كل شهر من السنة، دون أن يكون رصيدك البنكي مثقلا بالديون؛

عندنا، من لا يملكون الحساب البنكي سوف يجبرون على الأداء لفروع الأبناك من فتات دعمهم المباشر؛

عندنا.. كل شيء لن يكون كما كان في السابق. الزيادات في الأسعار سوف تطال كل شيء وأي شيء؛ لأن "حكومة الباطورنا والغنائم" لم تجد أي حلول أخرى غير استهداف جيوب من تبقى من المغاربة الصامدين في وجه قتل الطبقة المتوسطة؛

عندنا.. الفقراء الذين استبشروا خيرا بالسجل الاجتماعي الموحد وما يمكن أن يحمله التسجيل فيه من دعم مباشر لهم، ليسوا كذلك بمجرد أنهم يتوفرون على الحد الأدنى من أساسيات العيش؛

عندنا.. إن كانت الأسرة تتوفر على تلفاز وثلاجة ومرحاض، فهي فوق عتبة الفقر والحاجة مهما كان دخلها اليومي. ولكي تدخل في خانة المستفيدين، يجب أن تعود لزمن العيش في الكهوف والإنارة بالفتيلة وقنينة الغاز الصغيرة واستعمال الحجر عوض الماء أو "البابيجينيك" من أجل تطهير المؤخرات التي "طابت" من طول الجلوس في قاعة انتظار الانتقال؛

عندنا.. لا مانع من الإبقاء على امتيازات الكبار والحد من أساسيات عيش الصغار الذين قد يجبرون على التنفس مستقبلا بعد أداء الضريبة على الأوكسجين؛

عندنا.. لا يفكرون ولا يبدعون لتنويع مصادر دخل الدولة. بسرعة يلجؤون للاقتراض والبحث عن المنح التي تنزع عنا السيادة، ثم يلجأون إلى جيوب من يدفعون الضرائب من أصل الدخل الشهري أو مما يستهلكون يوميا. في المقابل، يوفرون شروط التهرب الضريبي عند الكبار من أصدقائهم وأسرهم وكل من يحمل "رائة الشحمة في شاقور سلطتهم"؛

عندنا.. حتى الشباب الحالم بخلق المقاولة لإنتاج فائض القيمة دون الاستمرار في الاتكال على الدولة، ورطوا الأخيرة في الترويج لمشاريع تشوب الاستفادة منها علامات استفهام كبرى؛

عندنا.. يتم خنق من لجأوا إلى الافتراضي من أجل حصد الدخل؛ لأن من أقارب المتحكمين في القرار من يستثمرن ويستثمرون دائما بمنطق فتح العقارات بعد الحصول عليها بالامتيازات، ولأجل عيونهن وعيونهم، يجب قتل مصدر رزق كل ينافسهن وينافسهم، بالتفكير من خارج صندوق، على غنائمهن وغنائمهم؛

عندنا.. تعطلت الدراسة لأشهر واكتفينا بتوقيع المحاضر دون إجماع على مصلحة الأجيال التي تستفيد من تعليم عمومي يُحتضر ويشاء له أن يُدفن قبل أن تُحبس أنفاسه؛

عندنا.. أصبح سوق الخضر والفواكه، وبعد سنوات من "سراب المخطط الأخضر"، جحيما وجب التحذير من دخوله كل يوم، وأصبحت العطلة عند غالبية الأسر سفرا في الذات فقط، وهنا كان الوزير السابق محمد بتيم محقا، حين تنبأ بهذا الحل قبل غيره، ولم تستطع برامج دعم السكن إغراء الحالمين بأربعة جدران بأن تحقيقها ممكن، دون خلطة مغربية نعرفها جميعا كيف تتحقق؛

عندنا.. الأسعار لا تحتكم للسوق الدولية ولا الوطنية، بل هي خاضعة لأهواء من يتحكمون في سلعها، ومن بينها المحروقات، هل هناك من يختلف مع هذه القناعة؟

عندنا.. يتم تدبير معارك المملكة الخارجية بحذر وكثير من الحكمة، فيما يتم تجاهل ضمان ربح معارك الداخل من طرف من تم تكليفهم بذلك وأهمها "معركة استمرار ضمان الخبز"؛

عندنا.. المغرب يسير بسرعات متناقضة وليست متفاوتة، وإذا سألت المغاربة ما هو حلمكن وحلمكم، سوف يجيب الجميع:

"أن نعيش في المغرب الذي نتابعه على أخبار شاشات القنوات الرسمية!"؛

عندنا.. المسؤولون تحركهم الغنائم وليس الفرص لأجل وطنهم إن كان لهم وطن أصلا؛

عندنا.. وبعد دخول العام 2024، لا فرصة للادخار أو الاهتمام بالصحة ولا التفكير في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؛

عندنا.. يجب فقط التركيز على ضمان الاستمرار في العيش بما هو أدنى من الممكن؛ لأن غير الممكن لم يعد متاحا حتى من أجل تخيله؛

عندنا.. أسماء تخلت عن الدولة رغم أنها تعيش منذ عقود بفضل الدولة؛

"مناشر طالعا واكلا نازلة واكلا"، والأكيد أن آخر همها هو استمرار ضمان العملة الصعبة الحقيقية لهذا الوطن؛ وهي الاستقرار.

استقرار يتم ضمان استمراره خارج دائرة من يجمعون بجشع ما بين "سلطة السياسة" وكنز غنائم الثروة.

ناقوس الخطر الداهم مل من الصياح بأنه يدق. وحين سيسقط، سوف يختفي هؤلاء الذين يحصدون الغنائم وهم يسوقون لكونهم "جزء من الدولة".

أخيرا: عندنا.. لا تهمهم الدولة؛ لأنهم يعيشون ويتنفعون من "دولتهم الخاصة".