أخطأ مهنيو وأطر الصحة الذين خرجوا، يوم أمس، للاحتجاج، بالرباط. ولو كانوا أذكياء قليلا، لتجنّبوا حمام الماء البارد الذي استفادوا منه، وإن كان مفيدا لهم في وقت تعيش فيه مدن وقرى مغربية شح مياه الشرب.
أخطأوا؛ لأنهم يفضلون، منذ سنوات، الهاتف على التلفاز، وحين يشعلون الثاني لا يلتقطون قنوات المغرب الرسمية، وحين يمسكون بالأول يفضلون مقاطع الفيديو المسلية على مواقع التواصل الاجتماعي.
لو أنهم قرروا، قبل أسبوع فقط، العودة إلى متابعة السياسة، والإنصات لخرجات المسؤولين، والاهتمام بيوميات مجلسي النواب والمستشارين، لما سُحل عدد منهم نحو سيارات الشرطة والقوات العمومية.
للأسف، حتى الأطر الصحية لم تعد من الفئات المهتمة بما يجب أن نسمع جميعا من الحكومة، وأن نقول بعد سماعه جميعا: "آمين"، على قلب رجل واحد وامرأة واحدة، قلب مطمئن بأن كل شيء بخير وعلى خير، نحن فقط من لم نعد نتسلح بمزيد من الصبر وانخفض عندنا منسوب قناعة العيش.
من بين من خرجوا في المسيرة التي منعت بالقوة، أعوان الإنعاش الوطني بمستشفيات المملكة، وعددهم يقارب 10 آلاف شخص، منهم من عمل بالقطاع لأزيد من 30 سنة، لا يتجاوز راتبهم 2000 درهما، لا يتوفرون على تغطية صحية، ولا ينتظرهم تعويض التقاعد بعد بلوغ سنه.
كيف يقبل هؤلاء بالاستمرار في العمل، تكبد عناء التنقل إلى مقراته، المساءلة عن الغياب، توفير كل المصاريف التي تفرض على من هم ضمن خانة السكان النشيطين، وأمامهم فرصة من ذهب، أغرت غيرهم واختاروها سبيلا للعيش!
ألم يسمعوا رئيس الحكومة وهو يقول: "500 درهم ديال الدعم الاجتماعي ما سهلاش... وعدد من المواطنين ما بقاوش باغين يخدمو بسبباها"
أنصتوا لعزيز أخنوش إن كنتم تعقلون... دراهم الدعم الاجتماعي أبرد وأرحم من خراطيم المياه.