"أزمة التعقيم".. المنتظر العلوي: لو فرضنا شروطه في المستشفيات فلن نجري أي عملية جراحية

بشرى الردادي

المنتظر العلوي، رئيس النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام.

ذكرتم، في آخر بلاغ لكم، أنكم قررتم "التعجيل بفرض الشروط العلمية للممارسة الطبية وشروط التعقيم داخل كل مصالح المؤسسات الصحية والمركبات الجراحية، مع استثناء الحالات المستعجلة فقط".. هل يعني هذا أن التعقيم غائب في "سبيطارات المغرب"؟

كأطباء، تواجهنا العديد من النواقص في المنظومة الصحية، في إطار أدائنا لمهامنا، لكننا نحاول، دائما، أن ننجزها على حسب "الصبر وتيساع الخاطر والديباناج ديالنا".

وبعيدا عن الإضراب، فلو أننا فرضنا، فعلا، الشروط العلمية للممارسة الطبية وشروط التعقيم، فإنه لن يتم إجراء أي عملية جراحية.

قبل إجراء أي عملية جراحية، يجب توفر التعقيم بشكل كامل، كما يجب توفر جميع فصائل الدم، والآلات التي سنحتاجها، وهي في كامل فعاليتها، وطاقم طبي كامل، ومكيف الهواء، وضمان عدم انقطاع الكهرباء، و"خاص دبانة وحدة ما تكونش كتدور لك في البلوك"، لكننا نشتغل، أحيانا، في غياب لبعض العناصر التي سبق ذكرها.

أنا، هنا، لا أريد توجيه اتهامات؛ لأنني أتكلم عن بلادي، التي أرغب في أن تتحسن جودة الخدمات الصحية المقدمة لمواطنيها، لكن الحقيقة "هي هادي": الإضراب العلمي سيبرز كل النواقص الموجودة في المنظومة الصحية.

نقطة أخرى أريد التركيز عليها، وهي أننا "ماشي كنديرو العمليات بالوسخ والتجخمير، لا، ماشي لهاد الدرجة"، لكننا نعتمد "الديباناج"؛ بحيث نغطي النواقص، في بعض الأحيان، بوسائل طبية أخرى؛ كاستعمال المضادات الحيوية، واعتماد آلات معقمة وذات الاستعمال الواحد، يقوم المريض بشرائها، لتعويض جهاز التعقيم المعطل.. إلخ.

نشعر، أحيانا، "ولهاد الدرجة"، بأننا نجري عملية جراحية في ظروف حرب، و"العملية راه تقدر تنجح حتى في ظروف الحرب"!

ولكنكم، في هذه الحالة، تغامرون بحياة المريض؟

"المغامرة كاينة".. وسأقولها، مرة أخرى، لو أننا فرضنا، فعلا، شروط التعقيم، فلن نجري أي عملية جراحية.

"حنا كنقراو" مصلحة المريض أكثر من أي شيء آخر، "كيكون مسكين كيطلب ويرغب وباغي يقضي الغرض، وقابط الموعد يمكن على ثلاثة أشهر ولا أكثر".

وهنا، أريد الإشارة إلى استثناء الحالات المستعجلة من الأمر؛ لأنه يجب عليك، في هاته الحالة، إجراء العملية الجراحية كيفما كانت الظروف. "كتسمى درت لي عليك، والكمال على الله. وكنجحوها، ما أمكن، بالديباناج وبدعوة الخير، ولكن راك ديما كتبقى تقول: يا ربي السلامة".

لكن التخوف الذي يساورنا، والذي يتحقق بالفعل، هو حينما يتعرض المريض لمضاعفات بعد إجراء العملية الجراحية. وقتها، كأطباء، نجد أنفسنا أمام تقديم شكايات من طرف عائلته، التي تتهمنا بأننا كنا السبب فيما وقع له. "الناس، لي كيكونوا كيرغبونا، هوما لي من بعد كيدعيونا، وكيقولك: أنت أسيدي لي تسببت ليه فإعاقة.. آش داك دير ليه العملية؟".

الطبيب، دائما، مهدد، والقانون لا يحميه للأسف. لذلك، نحن نطالب، اليوم، بإصلاحات في الاتجاه القانوني.

فحينما يموت مريض ما، وتصبح القضية قضية رأي عام، تصبح المحكمة مضطرة إلى إسكاته، فتحقق ذلك "على ظهر الطبيب".

إن تحدثنا بلغة الأرقام، إلى أي درجة تتوفر أقسام التعقيم، اليوم، في مستشفيات المغرب؟ وفي حال عدم توفرها، هل ترفض الإدارة إجراء العملية، أم تسمح بها؟

نعتبر أنها لا تتوفر يوميا، ودائما ما ندفع، كنقابة، إلى فضح هذا الغياب، والامتناع عن إجراء أي عملية جراحية إلا في ظروف طيبة.

من ناحية الإحصائيات، لا أتوفر على أرقام رسمية، لكن ما يجب التأكيد عليه هو وجوب توفر قسم للتعقيم في كل مصلحة يتم فيها إجراء عمليات جراحية، وحتى في مصلحة الطب، أيضا. لكن "إلى جينا نوقفوا على هاد الشروط العلمية لمواكبة المرضى، راه مصالح كثيرة غتوقف"، وخاصة المركبات الجراحية. "المواطن لي خاصو يهدر على حقه، لأنه هو المتضرر رقم واحد. ها حنا كأطباء كاينين، شفتينا؟ ما هربناش، ما درناش إضراب ومشينا جلسنا فديورنا، ولكن راه خاصنا باش نخدموا!".

قمنا بدعوة جميع الطواقم على المستوى الوطني، ممن يملكون ولو ذرة مواطنة، إلى مراسلة إدارات المستشفيات، لكن هاته المراسلات تبقى حبرا على ورق، تبقى ورقة ضغط فقط. وفي أحيان كثيرة، يتم تجاوزها؛ بحيث تقول لك الإدارة: "غير قضي، ها حنا جبنا هادي"، في حين أن هناك نواقص أخرى عديدة غير التي تمت تغطيتها.

المساطر الإدارية في القطاع الصحي العمومي معقدة للغاية، ما يجعلك تفكر كطبيب: "نشري هاد الحاجة لي ناقصة من جيبي، وما نكتبش للإدارة أحسن ليا. ولكن راه ما يمكنش تديرها ديما. ملي كتولي المشاكل فجميع الاتجاهات، راه ما كتبقاش قادر تصلح، كتخليها حتى يصلحوها هوما".

نحن لا ننكر أن هناك مجهودات كبيرة تُبذل، ولكنها تبقى غير كافية. كما لا ننكر أن هناك أطباء غير صالحين، لكنني أتحدث، هنا، بشكل عام. دائما ما يتم تحميل الطبيب مسؤولية كل شيء، "زعما راه كلشي متوفر، والوزارة زوينة، والسياسة ديالها زوينة، وحنا لي خايبين كأطباء. لكن الحقيقة هي: أن المنظومة لي عوجة، ماشي حنا".

أما فيما يخص موافقة الإدارة من عدمها على إجراء العملية الجراحية، رغم عدم توفر شروط التعقيم، فرغم أنها "عارفة راسها غالطة"، تسمح لك بذلك.

دائما ما نطلب من الأطباء أن يعقدوا اجتماعا، ويوثقوا كل شيء، وفعلا، يقومون بكل هاته الخطوات. بالمقابل، الإدارة تعرف وتعترف بما هو ناقص في مستشفاها، وهناك من يحاول حل بعض المشاكل، لكن مع تكرار فشل المحاولات، حتى على مستوى أعلى، ثم المستوى الأعلى منه.. إلخ، فإنه يتوقف عن المحاولة.

"المدير كيكون شايف وعارف، ومرة يجاوب، ومرة لا. وملي كتقولهم: إيوا عطيوني باش نخدم. كيجاوبوك: وراني طلبت لك داكشي يجي، غير شوف كيفاش تقضي دابا. حتى الإدارة كتبقى ترغب فيك".

ليس من مصلحة الإدارة عدم إجراء العملية الجراحية، "خاصها غير تسكت المواطن باش ما يغوتش عليها، وإلا طرات شي حاجة، كتخلي الطبيب فالواجهة".