أعلن مجلس مدينة الدار البيضاء يوم أول أمس الثلاثاء، عدم تجديد عقد التدبير المفوض لقطاع النقل بالعاصمة الاقتصادية، والذي كانت تدبره شركة "نقل المدينة"، مشيرا إلى جملة من المؤاخذات على الشركة، نقلها "تيل كيل عربي"، إلى مسؤولي الشركة واستمع إلى ردودهم.
قال محمد بوراحيم، عضو مكتب مجلس مدينة الدار البيضاء، في تصريح سابق لـ"تيل كيل عربي"، على أن من المؤاخذات على "نقل المدينة" كثيرة، ومن بينها تسييرها بـ600 حافلة بالعاصمة الاقتصادية، بينما كان يفترض التوفر حاليا على 1200 حافة، فضلا عن عدم تجديد أسطولها وعدم إنجازها للاستثمارات التي التزمت بها.
مصدر مقرب من إلملف قال، في ظل رفض الشركة المعنية التواصل رسمياً حول الموضوع، وفضلت اللجوء إلى المسطرة القضائية، لـ"تيل كيل عربي"، إن "كل ما جاء به المسؤولون في مجلس مدينة الدار البيضاء وعلى رأسهم العمدة عبد العزيز العماري، مردود عليه، ومجانب للصواب".
بداية الأزمة
حسب مصدر "تيل كيل عربي"، فقد بدأت الأزمة المالية للشركة منذ العام 2015، وأوضح المصدر ذاته أن "الشركة تواصلت مع المسؤولين في مجلس المدينة، وأطلعتهم في تقارير مفصلة على وضعها المالي، وطالبتهم بالتدخل والوفاء بالالتزامات حسب ما يتضمن العقد خاصة المالية منها".
وتابع المتحدث ذاته أن أزمة الشركة المالية عرفت ذروتها في العام 2016، وأضاف: "منذ هذا التاريخ لم تعد الشركة قادرة على تجديد أسطولها أو الوفاء بالتزاماتها كما هو مسطر سواء تجاه المستخدمين أو المواطنين"، وعن أسباب الوصول إلى هذا الوقع، أجاب المصدر ذاته: "لدينا مستحقات مالية عالقة بذمة مجلس المدينة، بلغت إلى اليوم 4 مليارات درهم، والعمدة هو من طالب بصياغة تقرير حول الوضع المالي للشركة لكن أعرض عنه لأسباب لم يعلنها".
واعتبر مصدر "تيل كيل عربي" أن "الأخيرة قاومت للاستمرار في تقديم خدمة النقل في عدد من المحاور، رغم التغييرات التي طرأت على المدينة، ولم تكن متوقعة عام 2004 حين تم توقيع عقد التدبير المفوض للنقل بالدار البيضاء".
وكان المسؤولون في العاصمة الاقتصادية قد طرحوا، خلال ندوة عقدوها يوم أمس الثلاثاء، مجموعة من المؤاخذات على الشركة، تهم أساسا الأسطول وصيانته والاستثمارات وارتفاع الطلب على النقل في الدار البيضاء بنسبة 40 في المائة بحلول العام 2025، وكل عوامل يرى فيها المنتخبون "تحديات لا يمكن أن تواجهها الشركة بوضعها الحالي".
لكن الرد على ما أورده المصدر المقرب، من طرف مجلس مدينة الدار البيضاء لا يمكن الحسم فيه بالنظر إلى أن لجنة التتبع التي تعتبر الآلية الوحيدة، للوقوف على مدى احترام الشركة لالتزامات، لم تنعقد بين 2008 و2016، وهو تاريخ تولي مؤسسة التعاون بين الجماعات ملف النقل بالعاصمة الاقتصادية.
ترامواي والأشغال وشركات خارج القانون
ومن بين المبررات التي ساقها المصدر المقرب في حديثه عن الأزمة الحاصلة اليوم، تراجع مداخليها المالية بسبب عدة عوامل:
فمن جهة، قال المتحدث ذاته: "عندما تم توقيع عقد التدبير المفوض لم يكن هناك حديث عن مشروع الترامواي، الذي أصبح اليوم يربط أطراف الدار البيضاء الحيوية، فضلاً عن فشل مشروع ربط حافلات النقل بخطوط الترامواي، هذا الأخير أضر بنشاط حافلات النقل، وبعد إطلاق الخط الثاني سوف تكون الخسارة المالية أكبر، فما بالك بإطلاق الخط الثالث".
عامل آخر، يرى المصدر أنه أضر بالشركة، وهو "استمرار منافستها من طرف شركات تشتغل خارج القانون. العقد الذي وقع عام 2004 واضحة، ويتحدث عن تدبير حصري لقطاع النقل من طرفنا، ليتم الاتفاق على السماح لهذه الشركات بالاستمرار إلى غاية العام 2009، لكن بعد هذه المهلة استمرت في إخراج حافلاتها إلى الشوارع وتقديم خدمة النقل دون أن يتدخل المسؤولون لوقفها".
كما تحدث مصدر "تيل كيل عربي" عن "الكلفة المالية التي تكبدتها الشركة بسبب الأشغال التي تعرفها مدينة الدار البيضاء والأوراش المفتوحة في الشوراع منذ سنوات"، وتابع في السياق ذاته: "منذ سنوات اضطرت الشركة لتغيير مسار الحافلات، كما تتعرض لأعطاب بسبب حالات الطرق، ولا تحصل على تعويض من الجماعات بل تقوم بإصلاح الحافلات على نفقة الشركة".
"تعاني الشركة كذلك من سنوات من تضاعف فاتورة المحروقات دون أن ترفع من سعر تذاكر النقل بما يغطي المصاريف، كما تعاني الشركة من منافسة النقل السري الذي أصبح حرفة لأصحاب الدرجات الثلاثية العجلات"، يقول مصدر "تيل كيل عربي".
إنهاء العقد
حسب المصدر المقرب من الملف، فإن عمدة الدار البيضاء "أعلن شيئاً لم يكن مطروحا من الأساس"، وفسر ذلك بالقول: "عندما تحدث في ندوته الصحفية يوم أمس عن إنهاء العقد، يجب أن يخبر من طلب منه تجديده أصلاً، إلى حدود اليوم لم تراسل الشركة مجلس المدينة ولم تطلب منه إنهاء العقد أو تمديده لسبع سنوات أخرى كما ينص على ذلك دفتر التحملات الموقع عام 2004".
وتابع المصدر ذاته أن "إنهاء العقد قانونياً كان يجب أن يتم شهر نونبر من العام 2018، لأن دفتر التحملات ينص على ضرورة إخبار الشركة بالقرار قبل عام من إنتهاء العقد معها، وليس انتظار أكثر من 3 أشهر ثم إعلان قرار هو محسوم بقوة القانون بعد 7 أشهر فقط من اليوم".
في هذا الجانب، أوضحت مؤسسة التعاون بين جماعات الدار البيضاء، خلال دورتها العادية التي انعقدت يوم أمس الثلاثاء، أن الأمر لا يتعلق بعملية فسخ للعقد الحالي، الذي يسري إلى غاية أكتوبر المقبل.
وأشارت إلى أن المؤسسة لن تطلب تمديد العقد لفترة جديدة، وهو خيار وارد بين الطرفين، كما أن الشركة المدبرة للنقل بالعاصمة الاقتصادية لم تطلب بدورها ذلك التمديد، وهو الطلب الذي كان يفترض التعبير عنه من قبل تلك الشركة سنة قبل نهاية العمل بالعقد الحالي.
مصير مستخدمي "نقل المدينة"
وأمام هذه الأزمة، يبقى مصير مستخدمي "نقل المدينة" مجهولاً.وحول هذا الجانب يقول مصدر "تيل كيل عربي": "المستخدمون وأمام الصعوبات المالية التي ذكرت في السابق، ما سيتسبب في صرف أجورهم، لم يناقش مصيرهم بعد، وهذا الأمر يجب تدبيره بشكل تشاركي وسوف يتم الحرص على ذلك، لكن لا يمكن إعلان أي شيء رسمي الآن".
ولم يخف مصدر "تيل كيل عربي" تضرر مستخدمي "نقل المدينة" من الوضع الحالي، وقال بهذا الصدد: "نعم هناك صعوبات كبيرة في صرف أجور كافة المستخدمين، بل أصبحت الشركة تصرف الأجور على أشطر، وكلما نفذت السيولة المالية للشركة، تؤجل صرف أجور المستخدمين، هؤلاء يتوصولن برواتبهم في عن كل شهر، لكن ليست الشركة في وضع مالي يسمح بالالتزام معهم بصرفها في وقتها".
وتابع المصدر ذاته أن "الملف اليوم بيد القضاء، ولا يحق لمجلس المدينة إكمال مسطرة طلب العروض دون صدور حكم المحكمة، وسوف تنتظر الشركة معهم مآلات هذا الملف إلى أن يقول القضاء كلمته".