شدّدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أن "مضمون تصريح وزير العدل أمام البرلمان، بشأن حق المنظمات المدنية في إبلاغ النيابة العامة بشبهات الفساد في تدبير الأموال العمومية، لا يمكن أن يفهم منه غير أنه دعوة للإجهاز على دورها في الاهتمام بالشأن العام ومكافحة الفساد، وخطوة رسمية في اتجاه المنع من التبليغ عن الجرائم المالية، ومقدمة لإضفاء المشروعية على الحرمان من الحق في التقاضي والانتصاف، والتشجيع على الإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية".
وأضافت الجمعية في بلاغ توصل "تيلكيل عربي"، اليوم الجمعية، أن "تصريح عبد اللطيف وهبي يُناقض المقتضيات الدستورية التي تنص على إشراك المنظمات غير الحكومية والجمعيات المعنية بقضايا الشأن العام في صياغة وتفعيل وتقييم القرارات والمشاريع المعدة من قبل المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا تلك المعنية بالسياسات العمومية، مع ضمان حقوق المتقاضين والولوج إلى العدالة، وتوفير مستلزمات الحكامة الجيدة".
وسجلت الهيئة أنه "انزياح عن التصريح الحكومي وتملص من مضامينه وخاصة ما جاء في محوره الخاص بـ "تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته "، حيث أكد على أن تسهر الحكومة على أهمية وضرورة "احترام الحريات وحقوق الإنسان والحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية والشفافية ومحاربة الفساد".
وطالبت بـ"جعله أولوية لدى الحكومة لأن مظاهر الفساد وغياب النزاهة والشفافية تعاكس تطلعات الشعب المغربي، وتعيق التطور وإعمال الحق في التنمية والتمتع بالحقوق، وفي مقدمتها تلك ذات الصبغة الاجتماعية التي بلغت مستويات خطيرة من الانحدار والتدني".
واستنكرت بـ"شدة تصريحات وزير العدل، ويتخوف من أن تكون استهلالا لتضمين القانون الجنائي المنتظر نصوصا تمنع المجتمع المدني من تقديم الشكايات، ومن الترافع لمحاربة الفساد؛ الأمر الذي من شأنه أن يقوض الحق في الولوج للعدالة، ويمس باختصاصات السلطة القضائية ويقبر أحد أدوار المجتمع المدني".
واستغربت من "تلك التصريحات، التي يمكن إدراجها كمقدمة لحماية المفسدين والفساد، والتستر على حجم الفساد المستشري باعتراف هيئات الحكامة الرسمية، ودعم سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيعا على استباحة المال والملك العموميين، والاغتناء غير المشروع، خاصة من طرف المنتخبين، ومن شأن تنزيلها المساس بالمبلغين عن الفساد؛ سواء كمواطنين أو كهيئات، وتقويض ما ذهبت إليه النيابة العامة من إجراءات بإحداث رقم هاتفي أخضر للإبلاغ والاعلام عن الفساد".
ورفضت بـ"شكل قطعي توفير أية حماية سياسية أو قانونية للمفسدين والفساد، ويدعو النيابة العامة إلى التفاعل الإيجابي مع الشكايات والمناشدات والطلبات، التي تعرضها الحركة الحقوقية على أنظارها، وذلك بفتح التحقيقات بشأنها وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، بدل تجاهلها أو حفظها، والحرص على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وكل المبلغين عن الفساد".