في هذا الحوار يعود سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إلى مشكل طلبة الطب المقاطعين للامتحانات، ويقر بأن وزارته طلبت مساعدة الداخلية، ويشدد على "تورط" العدل والإحسان في القضية.
أين وصلتم في معالجة المطالب الطلابية؟
إن أساس المشكل لا علاقة له كليا بالقضايا الأكاديمية والبيداغوجية، فالتداريب والامتياز.. إلخ، كل هذا تم حله. لقد استجابت الحكومة لـ14 نقطة وتضمن تنفيذها.
المشكل الوحيد الذي مازال عالقا هو مباراة الإقامة. ولكن كيف يطرح الطلبة هذه القضية؟ يقولون "لا للقطاع الخاص.. لا للخوصصة!". آسف أن أقول إن هذا ليس مطلبا طلابيا، إنه نقاش يهم المجتمع ككل.
هل جاءت مبادرة توقيف ثلاثة أساتذة من وزارة التربية الوطنية؟
إن قرار التوقيف يحمل توقيع وزارة التربية الوطنية. فعلا المبادرة جاءت من عندنا، وحظيت بموافقة الحكومة، وأكدها رئيس الحكومة بنفسه، الخميس الماضي. هناك كذلك حالة طبيب في بركان، تعاملت معه وزار الصحة. إن بلاغ الحكومة وافق على هذه المبادرة، وأدان في فقرته الأخيرة تورط العدل والإحسان.
ما الدليل على تورط العدل والإحسان؟
هذا مستوى آخر من مستويات اتخاذ القرار، وليس من مسؤولية وزارة التربية الوطنية، بل من مهام الحكومة. فكل طرف يهتم بالمجال الذي يدبره. والحال أن الجميع يعلم أن الأساتذة المعنيين بالتوقيف ينتمون إلى هذه الجماعة. فالأستاذ الذي يشتغل بالدار البيضاء، وهو الكاتب العام المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، نظم الثلاثاء جمعا عاما ليطلب من الأساتذة مقاطعة الامتحانات. ولما استدعى العميد الأساتذة واحدا واحدا، أصدر هذا الكاتب العام بيانا يندد فيه بما قام به العميد. هل تعتبر هذا أمرا عاديا؟ ولما تقرأ كل التعاليق لأستاذ أكادير على الفيسبوك، تستبد بك رغبة في الانتحار. إنه تشويه غير معقول. إن يرسم صورة سوداء عن المنظومة برمتها.
وأحرص هنا كذلك على القول إن المنهجية المعتمدة من طرف تنسيقية الطلبة، ليست بالمرة منهجية طلابية، أنا آسف. كنت طالبا وأعرف الطلبة. ويمكن أن أؤكد لك أن ما يجري لا علاقة له بتصرفات الطلبة. إنها منهجية شديدة التنظيم، ومتقنة التطبيق، وجيدة التوظيف، وهائلة التنسيق تطبيقا وتحريرا... وكل شيء. إن هذا كله لا يمكن أن يكون إلا نابعا عن منظمة شديدة التنظيم. وسريعا ما يمكن الربط بالجماعة، لما ندرك أن الأساتذة أعضاء في العدل والإحسان.
في نهاية الأسبوع الماضي، زار المقدمون بعض أسر الطلبة وحتى بعض الطلبة أنفسهم، بل ومنهم من تم استدعاؤهم من طرف الوالي.
يتحدثون عن المقدم وكل ما له صلة، لإضفاء طابع كاريكتوري على الأمر فقط لا غير. إنه عون سلطة يقوم بعمله بأكبر قدر ممكن من التواضع والنزاهة. أما الولاة فقد التقوا بالأسر لفهم المشكل وتنظيم وساطة باستدعاء رئيس الجامعة والعميد وائتلاف للأساتذة، وكل هذا لفتح نقاش رصين وهادئ.
هل يتعلق الأمر بمبادرة من وزارة التربية الوطنية؟
بكل تأكيد، بما أننا لم نفلح في تعبئة الآباء! واليوم تجري الأمور في إطار الانسجام الحكومي: وزارة الصحة من جهتها تبذل جهدها، كذلك الشأن مع وزارة الداخلية، ووزير حقوق الإنسان أيضا. بل إن رئيس الحكومة بنفسه أجرى مجموعة من الاتصالات البالغة الأهمية. فالجميع معبؤون لحل هذه القضية التي أخذت أبعادا غير معقولة. نعم، طلبنا من وزارة الداخلية أن تساعدنا على الاتصال بالآباء. وتناقشنا معهم لساعات طوال لكي نشرح لهم جدوى العرض الحكومي. والآن، عليهم التفكير في القرار الذي سيتخذون.
الحكومة تخشى الانزلاق إلى سنة بيضاء. من جانبكم تحدثتم عن التكرار بالنسبة للمقاطعين، والحال أنه إذا واصل 100% من الطلبة المقاطعة وبالتالي اعتبروا مكررين للسنة، ألا يعني هذا سنة بيضاء؟
دعني أصحح لك ما قلته سريعا. ليس كل الطلبة مقاطعين. ففئة الطلبة تتكون من مغاربة مدنيين وعسكريين وأجانب. وتتراوح نسبة الحضور في الامتحانات على الصعيد الوطني ما بين 17% و33%. ويمكن أن أؤكد لك أنه، يوما بعد يوم، هناك مزيدا من الطلبة المهددين بالطرد (بسبب كثرة التكرار) يلتحقون بقاعات الامتحانات. وكما هو مفروض، سنجري امتحانات استدراكية من حق الطلبة المشاركة فيها. ولكن إذا لم يحضروا فيها، فهذا شأنهم، ولن تكون هناك أي معاملة استثنائية لأي كان. هذا قرار الحكومة وهذه صرامتها.