أفاد التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية، حول حقوق الإنسان، الصادر، أمس الاثنين، بأن "أوضاع السجون تحسنت، خلال عام 2022، ولكنها لم تف، في بعض الحالات، بالمعايير الدولية؛ حيث كانت ظروفها قاسية ومهددة للحياة، في بعض منها، بسبب الاكتظاظ".
ولفت التقرير إلى أن المرصد المغربي للسجون، وهو منظمة غير حكومية تركز على حقوق السجناء، "واصل الإبلاغ عن اكتظاظ بعض السجون، وعدم استيفائها المعايير المحلية والدولية"، مضيفا أنه "في السجون الأحدث عهدا، يتم وضع كل من المحتجزين رهن المحاكمة والسجناء المدانين، على حدة، لكن المجموعتين ظلتا، معا، في السجون القديمة".
وتابع أنه "إلى غاية نهاية نونبر 2022، تجاوز عدد نزلاء السجون المغربي، التي يبلغ عددها 75 سجنا، 175 بالمائة من الطاقة الاستيعابية"، مشيرا إلى أنه "وفقا لمصادر حكومية ومنظمات غير حكومية، فإن اكتظاظ السجون يُعزى، إلى حد كبير، إلى عدم استخدام نظام الإفراج بكفالة، أو الإفراج المؤقت، وإلى التراكم الشديد في القضايا، والافتقار إلى السلطة التقديرية القضائية، لتخفيض مدة الأحكام بالسجن في جرائم محددة. كما أن المتطلبات الإدارية تمنع أيضا، سلطات السجون، من نقل الأفراد المحتجزين رهن المحاكمة أو مرحلة الاستئناف إلى مرافق خارج الولاية القضائية، التي ستجري فيها محاكماتهم".
وسجلت الخارجية الأمريكية في تقريرها أنه رغم اعتبار قانون الإجراءات الجنائية "الحبس الاحتياطي تدبيرا استثنائيا"، إلا أن "حوالي 42 في المائة من إجمالي نزلاء السجون محتجزين قبل المحاكمة، تماشيا مع الاتجاه السائد، في العقد الماضي".
وأفاد بعض المسؤولين، حسب التقرير نفسه، بأن "النزيلات غالبا ما يواجهن صعوبة في الوصول إلى المتخصصين الصحيين الخاصين بنوع الجنس؛ مثل أطباء التوليد، وأمراض النساء، أكثر من الطبيب العام"، مستشهدا بما أكدته المنظمات غير الحكومية المحلية حول "عدم توفير مرافق السجون للرعاية الصحية الكافية، ولا تلبيتها لاحتياجات السجناء ذوي الإعاقة".
وأضاف أنه "بينما سمحت السلطات، عموما، للأقارب والأصدقاء بزيارة السجناء، وردت تقارير تفيد بأن السلطات رفضت منح امتيازات الزيارة، في بعض الحالات".
وفيما يتعلق بالتحسينات، سجل التقرير، وفقا للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن "الحكومة بدأت مشاريع تطوير وترميم في السجون، في بوركيز، وآسفي، والقنيطرة، وتزنيت، وميسور، وسلا، وخميسات، وخريبكة، وعين السبع، لتحسين ظروف احتجاز السجناء، وتحديدا، من خلال رفع مستوى الغذاء والنظافة والبنية التحتية إلى المعايير الدولية".
وبخصوص الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، أشار التقرير إلى إن "القانون يحظرهما، وينص على حق أي شخص في الطعن أمام المحاكم في مشروعية اعتقاله أو احتجازه؛ حيث امتثلت الحكومة، عموما، لهذه المتطلبات، غير أن المراقبين أشاروا إلى أن الشرطة لا تحترم، دائما، هذه الأحكام، أو تراعي، باستمرار، الإجراءات القانونية الواجبة، لاسيما أثناء الاحتجاجات أو في أعقابها، مضيفا أنه "وفقا للمنظمات غير الحكومية والجمعيات المحلية، فإن الشرطة تعتقل، أحيانا، أشخاصا، بدون أوامر، أو وهم يرتدون ملابس مدنية".
وبخصوص الحق في الطعن في الأساس القانوني أو الطابع التعسفي، للاحتجاز، وطلب التعويض، بتقديم شكوى إلى المحكمة، سجل التقرير أن "المنظمات غير الحكومية أعربت عن قلقها من أن عدم احترام ضمانات المحاكمة العادلة واستقلال القضاء يعني أن هذه الحقوق، نادرا، ما تُمارس، بفعالية، في الممارسة العملية".
وبخصوص إجراءات القبض على المحتجزين ومعاملتهم، أفاد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أنه "يجوز للشرطة، بموجب القانون، أن تعتقل أي فرد، بعد أن يصدر المدعي العام أمرا شفويا أو كتابيا. كما يسمح القانون المغربي للسلطات بمنع المتهمين من الوصول إلى المحامي أو أفراد الأسرة، خلال الـ96 ساعة الأولى من الاحتجاز، بموجب القوانين المتعلقة بالإرهاب، أو خلال الـ24 ساعة الأولى من الاحتجاز، لجميع التهم الأخرى، والتي يمكن تمديدها لمدة 12 ساعة، بموافقة مكتب المدعي العام، إلا أن السلطات لم تحترم هذه الحدود، باستمرار"، مضيفا أن "معظم التقارير عن سوء المعاملة نجمت عن استجوابات الشرطة، خلال فترات الاحتجاز الأولية هذه"، وأن "الحكومة استمرت في مطالبة ضباط شرطة جدد بتلقي تدريب أمني وتدريب في مجال حقوق الإنسان".
وتابعت الخارجية الأمريكية أنه "في القضايا الجنائية العادية، يشترط القانون على الشرطة إخطار أقرب أقرباء المحتجز بالقبض عليه، مباشرة، بعد فترة الحبس الانفرادي المذكورة أعلاه، ما لم تطلب سلطات التوقيف التمديد من المدعي العام، إلا أن الشرطة لم تحترم هذا المطلب، دائما، ولم تقم السلطات، في بعض الأحيان، بإخطار الأسرة أو المحامين على الفور بالاعتقال، ولم تتمكن الأسر والمحامون من رصد الامتثال لحدود الاحتجاز ومعاملة المحتجز".
وأضاف التقرير أنه "عند انتهاء فترة الاحتجاز الأولى لدى الشرطة، يجب تقديم المحتجز إلى المدعي العام، الذي يجوز له توجيه تهم مؤقتة، وإصدار أمر بإجراء تحقيق إضافي من جانب قاضي التحقيق، استعدادا للمحاكمة؛ حيث أمام قاضي التحقيق أربعة أشهر، بالإضافة إلى تمديد محتمل لمدة شهر واحد، لمقابلة الفرد وتحديد التهم، إن وُجدت، لتقديم المحاكمة. ويجوز احتجاز أي فرد أثناء التحقيق، أو إطلاق سراحه، خلال هذه المرحلة. وفي نهاية خمسة أشهر (إذا تم منح التمديد)، يجب على قاضي التحقيق إما توجيه التهم، أو رفض توجيه التهم وإسقاط القضية، أو الإفراج عن الفرد، في انتظار تحقيق إضافي، والبت، لاحقا، فيما إذا كان يجب تقديمه، وهي الجداول الزمنية، التي احترمتها السلطات المغربية، عموما"، لافتا إلى أنه "مع ذلك، في قضية واحدة، على الأقل، رفيعة المستوى، أجرت السلطات تحقيقات مطولة، وظلت التهم معلقة، بعد الجدول الزمني المسموح به".
كما نقل التقرير عن مصادر المنظمات غير الحكومية أن "بعض القضاة يتحفظون على استخدام أحكام الإفراج المؤقت، أو الإفراج بكفالة، أو غيرها من الأحكام البديلة المسموح بها، بموجب القانون".
وتابع أن "القانون لا يشترط الحصول على إذن خطي بالإفراج عن المحتجزين؛ حيث أطلق القضاة، في بعض الحالات، سراح المتهمين، بناء على تعهدهم الخاص. كما يوجد نظام سندات الكفالة، الذي يتطلب سندات في شكل ممتلكات، أو نقود مدفوعة للمحكمة؛ إذ يخضع مبلغ الكفالة لتقدير القاضي، اعتمادا على الجريمة. ويجوز طلب الكفالة، في أي وقت، قبل صدور الحكم".
وسجلت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها أنه "وفقا للقانون، يحق للمدعى عليهم الاستعانة بمحامين، وإذا كان المدعى عليه لا يستطيع تحمل تكاليف محام خاص، يجب على السلطات أن توفر محاميا تعينه المحكمة، إذا تجاوزت العقوبة الجنائية خمس سنوات في السجن، إلا أن السلطات لم تقدم، دائما، محاميا فعالا، وفي الوقت المناسب".
وعن الاعتقال التعسفي، أفاد التقرير أنه "غالبا ما تحتجز قوات الأمن مجموعات من الأفراد، لأسباب مختلفة، وتقتادهم إلى مركز للشرطة، وتستجوبهم لعدة ساعات، وتطلق سراحهم بعد ذلك، دون توجيه تهم إليهم".
و"بموجب قانون العقوبات، يجوز معاقبة أي موظف عمومي يأمر بالاحتجاز التعسفي، بخفض رتبته، وإذا حدث ذلك لمصلحة خاصة، بالسجن لمدة 10 سنوات مدى الحياة. كما يعاقب بتخفيض رتبة الموظف، الذي يتجاهل إحالة مطالب، أو لاحظ احتجازا تعسفيا، أو غير قانوني، إلى رؤسائه"، يضيف التقرير، الذي نقل عن نشطاء تأكيدهم أن "الحكومة نفذت اعتقالات تعسفية مرتبطة بإنفاذ بروتوكول المأوى في المكان، بسبب قيود "كوفيد 19"، ولكن لم يتم التحقيق مع أي مسؤولين أمنيين، على هذا الأساس، ولم يكن هناك تقرير رسمي بأن هذه الأحكام تم تطبيقها، خلال العام".
من جهة أخرى، أبرز التقرير أن "هناك تقارير موثوق بها عن سجناء سياسيين أو معتقلين سياسيين، غير أن الحكومة لم تعتبر أي سجناء "سجناء سياسيين"، وذكرت أنها اتهمت أو أدانت جميع الأفراد في السجن، بموجب القانون الجنائي".
وتابع أن "المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية والمنظمات الصحراوية، أكدت أن الحكومة سجنت أشخاصا، بسبب أنشطة أو معتقدات سياسية، مستخدمة تهم جنائية ذريعة؛ مثل التجسس أو الاعتداء الجنسي".
وضرب التقرير المثال بقضية سليمان الريسوني؛ حيث نقل عن جماعات المجتمع المدني والناشطين، "تأكيدهم أن اعتقاله كان بدوافع سياسية، ويهدف إلى إسكات الصحفيين المستقلين". كما نقل عن "فريدوم هاوس"، "تأكيدها، في تقريرها، لعام 2022، عن الحرية في العالم، أنه منذ عام 2018، تمت مقاضاة العديد من الصحفيين المستقلين، فيما وصفته بتهم مشكوك فيها بالاعتداء الجنسي أو سوء السلوك المالي".
كما نقل التقرير "زعم نشطاء سياسيين صحراويين أن السلطات الأمنية دخلت منازلهم، بشكل غير قانوني، لمضايقة وترهيب ومصادرة ممتلكاتهم الشخصية. كما زعم بعض النشطاء أن السلطات الأمنية نفذت هذه الأعمال، للإشارة إلى أنه إذا لم تتوقف أنشطتهم السياسية، فإن المضايقة والترهيب سيزدادان".
كما تطرق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لحادثة اعتقال محمد زيان، وزير حقوق الإنسان السابق (1995-1998)، والمحامي، الناشط في مجال حقوق الإنسان، الذي حوكم في 11 تهمة؛ بما في ذلك إهانة مسؤول عام، ونشر مزاعم كاذبة، والتشهير، والزنا، والتحريض على انتهاك الأحكام الصحية، والتحرش الجنسي"؛ حيث نقل عن منظمات حقوق الإنسان "مخاوفهم من أن اعتقال زيان ومحاكمته كان لدوافع سياسية"، والتي أفادت بأن "20 من ضباط الشرطة اعتقلوه، باستخدام القوة المفرطة، أثناء صلاته، في مكتبه للمحاماة".