في هذا الحوار القصير مع "تيلكيل عربي"، تكشف رجاء ناجي مكاوي، عضو المجلس العلمي الأعلى، موقفها من قرار الملك محمد السادس بفتح الباب أمام المرأة لولوج خطة العدالة إسوة بالرجال، وإنهاء جدل دام لسنوات. وتعتبر مكاوي، التي كانت أول امرأة قدمت درسا حسنيا أمام الملك محمد السادس أن الإسلام لا يمنع المرأة من تولي مهنة "عدل"، بل إن العادات وترسبات الماضي، والفهوم الخاطئة هي التي كانت وراء هذا المنع الذي يضرب المساواة.
بعد سنوات من النقاش، كلف الملك وزير العدل بفتح خطة العدالة أمام المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف ماذا يمثل لك هذا القرار؟
إنه عين الصواب، واستجلاء لروح النصوص الشرعية التي علاها كثير من الغموض والتأويل المجانب للصواب، واختلطت مضامينها بالعادات والتقاليد والفهوم الخاطئة. وهو عين العدل، لأنه، واهتداء بالشريعة العادلة، اتخذ جلالته قرارا ساميا يعيد التوازن ويحقق المساواة، والمساواة، في الأصل، قيمة موجودة في الشرع الإسلامي، بل هو السبّاق إليها، وإنما هو الجهل والخلط بين مضمون النصوص، وبين العادات والتقاليد المنافية للشرع، التي ترسبت في الأذهان، وغطت على عدالة النصوص، وجعلت الناس تقرأ القرآن بنظارات بها ضبابية.
ثم إن المرأة تمارس التوثيق وبمفردها، ومن دون رقابة من أية جهة، ولا يثير هذا حفيظة أحد، وحينما يثار الحديث عن نفس الوضعية (التوثيق...) في إطار الإسلام، تجد العقول تنغلق وتريد أن تعود بالمجتمع إلى ماض غير مشرِّف للأمة، بعد أن أصابها ضمور شامل وتراجع على جميع المستويات، بما لا يستثني وضع المسلمة.
وإن المرأة تؤدي الشهادة كطبيبة وقابلة وموظفة وكمسؤولة عن قطاعات حساسة جدا، وحينما تسنَد إليها مهام بسيطة جدا كالتوثيق، فلأنه مستقى من الإسلام، يُستكثَر عليها ويسعى الكثيرون لمنعها من ذلك
وإنها ليست المرة الأولى التي يحقق فيها جلالة الملك فتوحات وانتصارات، تُخرِج المجتمع من جدالات لا تفيد، وتعطيه إضاءات تنير الطريق أمام كثير ممن ترسبت بأذهانهم ضبابية أو عدم المعرفة.
وإنها ليست المرة الأولى التي يدفع فيها جلالة الملك بقضية المساواة وتكافؤ الفرص، لتحقيق مزيد من التقدم وخدمة الوطن.
موضوع ممارسة المرأة لخطة العدالة ظل يواجه بمعارضة شديدة لأسباب دينية كيف حسم المجلس العلمي الأعلى هذا الأمر، وما المرتكزات التي بنى عليها رأيه؟
المجلس العلمي الأعلى مؤسسة علمية، تناط بها مسؤولية الإفتاء، وأثناء القيام بهذه العملية، لا يمكن اعتماد أي مرتكز آخر غير نصوص الشرع الإسلامي، أي القرآن والسنة، والاجتهاد والرأي، في إطار ثوابت الأمة والمذهب المالكي. والنصوص في الباب كثيرة جدا، فيكفي الرجوع إلى القرآن والسنة والاجتهاد للتحقق من أن الإسلام لا يمنع على المرأة التوثيق ولا الشهادة
في نظرك هل منع المرأة من ولوج مهنة "عدل" يعود لترسبات اجتماعية أكثر منها دينية؟
الجواب في متن سؤالك. أجل، فالأمر كذلك، بل إنها ليست مجرد ترسبات الماضي، وإنما، وكما قلتُ، إنه الخلط بين قواعد الدين الصافية النقية العادلة، الخادمة للمساواة، وبين ذهنيات هيمن عليها لقرون طويلة، فكر أبعد ما يكون عن الشرع، فأثمر عادات وتقاليد وقواعد اجتماعية، نالت، بكل أسفٍ، قداسةً تفوق قداسة النصوص الشرعية نفسها. فوجب اجتهاد الرأي بعيدا عن الترسبات الفكرية الجامدة، وإعادة قراءة النصوص بشكل علمي موضوعي، بعيد عن فكر الخرافة والتطرف، وأيضا عن الانجذاب وراء أيديولوجيات ومطالب غير معقولة ولا تنسجم مع فلسفة الشرع ومقاصده.
اقرأ أيضاً: قرارات الملك