أوضح لحسن حداد، المستشار البرلماني عن حزب الاستقلال، ورئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أن "المفوضية الأوروبية عندها مبادرة اسمها مناسب لخمسة وخمسين، للوصول إلى تقليص انبعاثات الغازات التي تساهم في الاحتباس الحراري بخمسة وخمسين في المائة مع حلول عام 2030".
وأضاف حداد في مداخلة له خلال اللقاء الدراسي الذي نظمه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، حول موضوع "العلاقات المغربية الأوروبية على ضوء التغيرات المناخية" بتنسيق مع مؤسسة "كونراد ايديناور"، صباح اليوم الثلاثاء، أنه "تم وضع ميكانيزم لمراقبة الحدود الكربونية، مما يعني إعطاء إشهادات للمستوردين الأوربيين حول الحمولة الكربونية للمنتوجات المستوردة، وإذا كانت مرتفعة بالمقارنة مع ما هو مطلوب داخليا في أوروبا يتم فرض ضرائب على استيرادها".
وأكد المتحدث ذاته، أنه "إذا تم تطبيق هذا الميكانزم سيكون له تأثير على بعض الصادرات المغربية إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن الأساس أنه ستكون له عواقب على المنظومة التجارية الدولية، مما يجعله يتنافى مع اتفاقية باريس حول المناخ".
وتابع: "السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه سياسة مناسبة ومنطقية من وجهة نظر مغربية ودولية؟ هذا ما نناقشه هنا. كيف ستشتغل هذه الآلية؟ كيف على المغرب أن يرد؟ كيف عليه أن يتهيأ؟ وهل هذا بداية لتدابير أخرى ستأتي من أوروبا ومن دول أخرى تحاول الحد من انبعاثات وهذا فيه تنبيه للمغرب من أجل تسريع جهود سياسة التقليص من الكربون؟ خصوصا وأن هذه الجهود لا زالت محتشمة".
وأورد في كلمته حول "ميكانيزم الملاءمة الكربونية عند الحدود"، أن "الصناعيون في أوروبا يشتكون من أن التدابير المتخذة من طرف الاتحاد فيما يخص التقليص من انبعاث الكربون ستجعلهم في وضع ضعيف مقارنة مع مصدرين من دول أخرى ليست لهم هذه الإجراءات، والمناضلون من أجل البيئة يقولون بأن الخطر هو "تسريب الكربون"، أي أنه سيتم تهريب الصناعات خارج الاتحاد الأوروبي من أجل تجنب التشريعات الأوروبية، هذا يعني أن أوروبا مضطرة إما لوضع ضرائب جمركية حول المنتوجات الصناعية التي أصلها طاقة ملوثة أو دعم الصادرات التي تتأثر بهذه الإجراءات".
ولفت إلى أن "أوروبا هي الشريك الأول للمغرب، بحكم ذلك، فإن هذا الميكانيزم سيؤثر لا محالة على صادرات المغرب خصوصا الصناعية، صادرات المغرب نحو أوربا وصلت إلى حوالي عشرين مليار أورو في 2019، ونصف مليار من هذه الصادرات، أي 3 % من مجموع هذه الصادرات سيتأثر بميكانيزم الحدود الكربونية، سيأخذ ربما هذا الميكانيزم خمس سنوات لتفعيله، وتأثيره على الصادرات المغربية ليس معروف بشكل دقيق، وسيعتمد على مستوى الكربون المستعمل من لدن الشركات المصدرة وحسب القطاعات، وكذا على تطور ثمن الكربون، وعلى توسيع هذا الميكانيزم هو قطاعات أخرى".
ولفت أن الموضوع فيه "عدة خلاصات أساسية للمغرب، أن التأثير لن يكون كبيرا، ولكن على المغرب الاستعداد لضمان حضوره في السوق الأوروبية وللوفاء بالتزاماته عبر تقليص استعمال الكربون في صناعته والتحول إلى طاقات نظيفة".
وأفاد أن "القطاعات التي يهمها الأمر، الحديد والصلب، والألومنيوم والاسمنت والكهرباء والأسمدة، ستكون هناك تكاليف مهمة من أجل تهيئة الوحدات لاستعمال الطاقة المتجددة وكذا عمليات الإشهاد والتتبع والتكوين واستعمال المعايير الأوروبية".
ونبه إلى أن "الصناعات المغربية التي سيشملها هذا الميكانيزم تنتج كميات من الكربون أكبر من نظيراتها في أوروبا، وهذا سيتطلب استثمارا أكبر من أجل تقليص هذه الكمية من الغازات الدفيئة أو الاحتباسية".
واسترسل قائلا: "قد يتم توسيع هذا الميكانيزم إلى قطاعات أوسع مثل السيارات والفلاحة والمعادن والنسيج على المدى المتوسط، وهذه القطاعات هي رائدة في مجال التصدير في المغرب".
وذكر المستشار البرلماني، أنه "بالنسبة للفوسفاط، يُصدر المغرب حوالي 400 مليون دولار لأوروبا، أي حوالي 78 % من المنتوجات التي يهمها ميكانيزم الحدود الكربونية، والمعطيات التي يوفرها المكتب الشريف للفوسفاط تبين أن كثافة الكربون داخل الأسمدة في تقلص، ومع ذلك فإن الأسمدة تنتج كميات لا بأس بها من الكربون وسوف تكون محل تضريب من طرف أوروبا، ليس فقط الأسمدة ولكن الحامض الفوسفوري، وحجر الفوسفاط كذلك".
وأكد أن "تحديد ضريبة الحدود الكربونية ستكون معقدة جدا، والافتراض على أن الدول المصدرة لأوروبا ليست ملتزمة بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة هو افتراض خاطئ، والافتراض بأن هذا الميكانيزم سيكون حافزا للتقليص من الكربون هو كذلك افتراض غير متأكد من صحته".
وشدّد على أن "الميكانيزم لا يهم إلا 2 % من واردات أوروبا، وهذا الإجراء سيؤثر أكثر على الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل والتي أعطتها اتفاقية باريس وقتا أكثر للتقليل من انبعاثات الغازات لأنها أقل تلويثا".
وأورد أن "هذا الميكانيزم سيخلقُ مشاكل على مستوى مبدأ "الدولة الاكثر تفضيلا"، الذي تقول به المنظمة الدولية للتجارة، أي معاملة كل الدول مثلما تعامل أكثر الدول أفضلية عندك، وهذا يعني التوجه نحو إجراءات جمركية مضادة من طرف كثير من الدول".
وأفاد حداد أن "الموضوع يطرح إشكاليات كبرى لأنه يهتم فقط بقطاعات تم اختيارها حسب اعتبارات سياسية، ولا يهم لا الفلاحة ولا الصيد البحري ولا السيارات".