يشهد قطاع العدالة في الآونة الأخيرة توترا كبيرا، في ظل أزمة تصاعدت حدتها نتيجة ما يعتبره المحامون بكرامة المهنة وحقوق الدفاع، هذا الوضع دفع جمعية هيئات المحامين إلى اتخاذ قرار بتوقف المحامين عن آداء مهامهم احتجاجا على ما يرونه تجاوزات تؤثر سلبا على مهنة الدفاع. وقد بدأ هذا الوضع يؤثر على السير العادي للجلسات، خاصة في القضايا التي تستوجب إلزامية حضور المحامي.
وفي تعليقه على الأزمة صرح المهدي سبيك، عضو بمجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء قائلا: "منذ البداية، كنا مدركين تماما لأهمية الحفاظ على حقوق المواطنين ومصالحهم، وقد بادرنا إلى فتح قنوات التواصل مع المسؤولين من خلال عقد ندوات ولقاءات لتسليط الضوء على مكامن الخلل التي تشوب مشاريع القوانين المزمع تغييرها. ثم انتقلنا إلى المرحلة الثانية بإعلان توقف لمدة أسبوع، بهدف تشجيع الجهة الأخرى على فتح باب الحوار".
وأضاف عضو المجلس، خلال تصريح لـ "تيلكيل عربي"، أنه مع عدم فتح باب الحوار أصبح هذا التوقف الشامل ضرورة لا مفر منها، رغم تأثيره على سير قطاع العدالة ببلادنا. خاصة بالنسبة للقضايا التي تتطلب إلزامية المحامي، مما يعني أن الجلسات ستؤجل، وما يرافق ذلك من هدر للزمن القضائي كملفات الجنايات والأحداث حيث لا يمكن للمتهمين الدفاع عن أنفسهم في مثل هذه القضايا، ويعد وجود المحامي أمرا إلزاميا".
وتابع سبيك قائلا: "هناك أيضا مساطر كتابية، مثل المتعلقة بالعقار والتجاري، التي تتطلب إلزامية المحامي، إذ لا يمكن للشخص أن يتولى الدفاع عن نفسه، لأن طبيعة المسطرة وخصوصيتها تتطلب إلماما وإجراءات تستوجب تخصصا معينا. ومع ذلك نؤكد أن التوقف الحالي هو ضرورة حتمية لتفادي اعتماد قوانين قد تؤثر سلبا على المواطنين على المدى البعيد، خاصة أن مثل هاته القوانين الإجرائية لا تعدل إلا بمرور ما يناهز 40 سنة، كما هو الشأن بالنسبة لقانون المسطرة المدنية الحالي، الذي يعود إلى سنة 1974، ولم يشهد سوى تعديلات بسيطة طيلة هاته المدة".
وفي سياق متصل، أفاد بأنه "فيما يتعلق بالمساطر الشفوية أو بعض المساطر الأخرى، يمكن للمتقاضي الحضور والتمسك بدفاعه إن رغب في ذلك. فنحن نقوم بإبلاغ موكلينا بأن المحامي متوقف حاليا استجابة لقرار جمعية هيئة المحامين، ونوضح لهم الأمر مؤكدين أن لهم الحق في التمسك بدفاعهم إلى غاية التراجع عن هاته الردة الحقوقية.
وعن تواصل الحكومة، أوضح العضو بهيئة المحامين بالدار البيضاء، أن "المكتب الجديد للجمعية، لم يتلق أي مبادرة للتواصل من أجل حل هذه الأزمة".