تتواصل المعارك، اليوم الجمعة، في الخرطوم وفي إقليم دارفور بغرب السودان، رغم الإعلان عن تمديد الهدنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في النزاع الدامي المستمر، منذ منتصف الشهر الجاري، والذي أسفر عن مقتل قرابة 500 شخص.
وفي الساعات الأخيرة قبل انتهاء هدنة من ثلاثة أيام لم يتم الالتزام بها فعليا، أعلن الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة إضافية، بمساع أمريكية وسعودية.
وفي بيان مشترك صدر في واشنطن، رحب أعضاء الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية والأمم المتحدة) والرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة) باستعداد طرفي النزاع "الانخراط في حوار من أجل التوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق".
وأضاف البيان أن "هذه المرحلة الدبلوماسية الأولية ستساهم في وقف دائم للأعمال القتالية وفي الترتيبات الإنسانية وتطوير خطة لخفض التصعيد".
ورحبت دول عدة بتمديد اتفاق وقف إطلاق النار، ودعت إلى تنفيذه بالكامل.
إلا أنه على الأرض، مازال القتال متواصلا؛ حيث أفاد شهود عن تبادل قصف في الخرطوم، اليوم الجمعة، تستخدم فيه طائرات عسكرية تابعة للحيش ومدفعية ثقيلة تابعة لقوات الدعم السريع.
وأطلقت منظمات ناشطة، اليوم الجمعة، جرس الإنذار بشأن الوضع في دافور؛ حيث تدور معارك دامية، لاسيما قرب الحدود التشادية.
وتحدثت هيئة محامي دارفور عن ظهور مقاتلين مزودين بـ"برشاشات وقذائف "ار بي جي" ومضادات للطائرات" في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، "أطلقوا قذائف على المنازل"، مطالبة "برهان وحميدتي بوقف فوري لهذه الحرب العبثية".
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان أن هناك "عمليات نهب وحرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك" في الجنينة، مضيفة أن "الأحداث الدموية لا تزال جارية" في المدينة، "مخلفة عشرات القتلى والجرحى".
من جهتها، تحدثت الأمم المتحدة عن "توزيع أسلحة على المدنيين" في دارفور.
وحذرت الأمم المتحدة التي علقت نشاطها في السودان، بعد مقتل خمسة من موظفيها، في الأيام الأولى للمعارك، من أن خمسين ألف طفل يعانون من "نقض تغذية حاد" محرومون من أي مساعدة غذائية في دارفور.
ويصعب الحصول على معلومات دقيقة عما يجري في الإقليم الذي شهد، في عام 2003، حربا دامية استمرت سنوات بين قوات الرئيس السابق المعزول عمر البشير، شاركت فيها قوات الجنجويد (قوات الدعم السريع بقيادة دقلو)، ومتمردين متحدرين من أقليات إتنية، وتسببت بمقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون.
ولم يعرف السودان استقرارا، منذ عام 2019؛ حيث أطاح الجيش، في أبريل من تلك السنة، بعمر البشير، تحت ضغط احتجاجات شعبية عارمة ضده. وتقاسم السلطة بعد ذلك، مع مدنيين قادوا هذه الاحتجاجات.
ويسعى سكان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين إلى الفرار من المدينة، التي تشهد انقطاعا في الماء والكهرباء والاتصالات وأزمة وقود، بالإضافة إلى القصف المتواصل.
وتسبب القتال بنزوح جماعي في البلد، الذي يعد من أفقر بلدان العالم.
ووصل عشرات الآلاف من السودانيين إلى دول مجاورة؛ حيث تقول الأمم المتحدة إن 270 ألفا يمكن أن يفروا إلى تشاد وجنوب السودان.
ويغادر الأجانب غالبا عبر البحر من بورتسودان (شرقا)، أو في طائرات تنطلق من قواعد عسكرية. ووصلت سفينة سعودية، مساء أمس الخميس، إلى جدة، حاملة 2744 شخصا من جنسيات مختلفة أجلتهم الرياض.
ونفت دول عدة، لاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عمليات إجلاء، خلال الأيام الأخيرة.