قال الملك محمد السادس، "في ظل هذه التحديات، اختار المغرب أن يسلك مسارا حقوقيا خاصا به، عرف وما يزال تطورا ملحوظا، بصم التجارب الدولية في هذا المجال".
وأضاف في رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الدولية حول "30 التزاما كونيا من أجل الكرامة الإنسانية: كونية حقوق الإنسان: فعلية تحققت أم مسار غير مكتمل؟" والتي تحتضنها مدينة الرباط يومي 7 و8 دجنبر الجاري، بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان. أن "التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الانسان على المستوى الوطني، لم يتوقف عند تكريسها الدستوري فحسب، بل أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الاستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".
وأوضح أن "تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خيارا إراديا وسياديا، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان".
وتابع: "إلا أنه بالرغم مما تم إنجازه في مجال حقوق الإنسان، وما نحن بصدد استكماله، فإن ما يكتسيه من أهمية، وما يتطلبه من جدية، ينتظر منا جميعا المزيد من الالتزام لتحقيق الملح حالا، واستشراف الممكن مستقبلا، في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية. كما يتعين إدراك أن كل هذه الحقوق السياسية والمدنية، لن تأخذ أبعادها الملموسة، إلا بتكاملها مع النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".
ولفت إلى أنه "من هذا المنطلق، دشن المغرب منذ فترة، مرحلة جديدة من الإصلاحات البنيوية، والتي ارتأينا أن تكون على رأس أولويات سياساتنا العمومية، على غرار ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة، باعتبارها مشروعا مجتمعيا يضمن فعلية الولوج للخدمات الاجتماعية والصحية، ويقوي دعامات المنظومة التضامنية الوطنية".
وأشار إلى أنه "علاوة على ذلك، دعونا لإطلاق مشاورات مجتمعية واسعة، لمراجعة مدونة الأسرة، بعد مرور عقدين من الزمن على إقرارها، بما يصون حقوق المرأة والطفل، ويضمن مصلحة الأسرة، باعتبارها نواة للمجتمع، وذلك بناء على قيم ومبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من الدين الإسلامي الحنيف، مع إعمال آلية الاجتهاد البناء، لتحقيق الملاءمة مع المستجدات الحقوقية، ومع القيم الكونية ذات الصلة".