كشف موقع "العربي الجديد" أن هناك توافقا في الرأي بين مسؤولين مصريين وآخرين خليجيين، بشأن صعوبة عقد القمة العربية، في وقت لا تزال السلطات الجزائرية تتعاطى مع أمر انعقادها على أرضها، وفي وقتها، على أنه أمر حتمي.
وعلى عكس ما سبق وصرح به الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مارس الماضي، حول موافقة وزراء الخارجية العرب بالإجماع على عقد القمة، كشف أحد الدبلوماسيين المصريين لـ"العربي الجديد" أحد أسباب التردد الخليجي، والمتمثل في "مواقف الجزائر تجاه إيران طوال الفترة الماضية"، والتي ظلت بعيدة في علاقاتها مع إيران عن التوتر الذي يربط الأخيرة ببعض البلدان الخليجية.
وحسب دبلوماسي مصري آخر، فإن "إصرار الجزائر على توسيع العلاقات بينها وبين إثيوبيا، وفتح مجالات وآفاق جديدة للحكومة الإثيوبية تتحرك من خلالها، من دون مراعاة للأزمة بين القاهرة وأديس أبابا، أدى أخيرا إلى حالة من الجفاء في العلاقات بين القاهرة والجزائر".
ولفت إلى أن الجزائر "وقعت أخيرا مجموعة من الاتفاقيات مع إثيوبيا، اعتبرتها القيادة السياسية المصرية بمثابة عدم مراعاة لأبعاد العلاقات بين البلدين، في وقت كانت مصر بدأت في تجاوز خطوة استبعادها من التحالف الإفريقي الذي أدت الجزائر دورا بارزا في تأسيسه، والمعروف بـ(G4)، والذي يضم جنوب إفريقيا، وإثيوبيا، والجزائر، ونيجيريا".
وشهد الاثنين 29 غشت الماضي، زيارة رسمية مفاجئة لرئيس وزراء إثيوبيا، آبي علي أحمد، إلى الجزائر، جاءت في سياق تقارب لافت بين البلدين في الفترة الأخيرة، تحديدا في مسائل التنسيق المتعلقة بالقارة الإفريقية.
وتعتبر هذه الزيارة الثانية لمسؤول إثيوبي رفيع إلى الجزائر، في أقل من شهرين، بعد زيارة الرئيسة الإثيوبية، ساهل وورك زودي، تلبية لدعوة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، لحضور احتفالات الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر، في 5 يوليوز الماضي، وهي الزيارة التي جرى خلالها التوافق بين الطرفين على فتح خط جوي مباشر بين البلدين.
ويعتبر الدبلوماسي المصري نفسه، حسب "العربي الجديد"، أن "العلاقات بين مصر والجزائر بدأت تسير بمنعطف جديد نحو الخلاف، لأن القاهرة تعتبر أن مسار العلاقات الجزائرية الإثيوبية في الوقت الراهن، يعد بمثابة تحالف يتعارض مع المصالح المصرية، وهو أمر مستغرب من جانب مصر".
وكانت الجزائر أعلنت في أبريل الماضي، عن توجهها نحو ما يشبه التحالف مع إثيوبيا فيما يتعلق بالخلاف الإقليمي حول الموارد المائية المرتبطة بنهر النيل، بعد التقارب المغربي - المصري الأخير؛ حيث استقبل وزير الموارد المائية الجزائري، مصطفى كامل ميهوبي، السفير الإثيوبي، نيبيات غيتاتشو، لمناقشة "سبل تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين في مجال الموارد المائية".
وعبّر الوزير الجزائري للسفير الإثيوبي عن "تقديره الكامل لحق إثيوبيا في تنمية مواردها الطبيعية"، مجددا "التزام الجزائر الكامل بمشاركة خبراتها في حماية موارد إثيوبيا المائية"، وذلك خلال المحادثات التي انصبت على تفاصيل عملية البناء والمفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، فضلا عن التزام الجزائر بالعمل مع إثيوبيا، "بخصوص قدرات الإدارة والحماية لمواردها المائية، وتسهيل الاتصالات والشراكات والتعاون بين الوكالات المعنية المسؤولة عن الموارد المائية".
والتزمت مصر بعدم الانحياز لطرف دون آخر في الخلاف القائم بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء المغربية، على الرغم من تأكيد المغرب دعمه الكامل لمصر في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، على عكس الموقف الجزائري الذي جاء منحازا لأديس أبابا.
وبناء على هذا التباعد المصري - الجزائري، يتوقع الدبلوماسي المصري في حديث لـ"العربي الجديد" أن يكون ذلك سببا إضافيا ربما، لتفضيل مصر تأجيل قمة نونبر.
يشار إلى أن هناك حديثا وسط الأوساط الدبلوماسية عن أسباب أخرى ترجح تأجيلا ثالثا للقمة، وهي أنه لم يتم بعد الحسم بين كافة القوى العربية المؤثرة في القرار العربي، في جميع القضايا التي من المقرر طرحها،؛ وكمثال على ذلك، ملف عودة سوريا، وهو ما سيجعل من القمة في حال انعقادها، قمة استعراضية فقط.