مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني الثامن عشر، تتزايد حدة التوتر والجدل داخل حزب الاستقلال، حيث تصاعدت وتيرة الشكايات والاتهامات المتبادلة، فبعد ملف نور الدين مضيان ورفيعة المنصوري، الذي أثار ضجة كبيرة، وقبلها صفعة البرلماني، ثم طعن في رئاسة اللجنة التحضيرية، دخلت شكاية جديدة على الخط، لتزيد من حدة الاحتقان.
في هذا السياق وجه محمد أظهشور، نائب مفتش حزب الاستقلال بإقليم طنجة أصيلة، وعضو سابق بالمجلس الوطني للحزب، عبر محامي بهيئة وجدة، مراد زبوح، شكاية إلى وكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، اليوم الجمعة، وُجهت ضد قيادي في حزب الاستقلال بتهمة "تبديد واختلاس أموال عمومية".
وحسب التفاصيل التي حصل عليها "تيلكيل عربي"، فإن "الشكاية تتمحور حول تقرير للمجلس الأعلى للحسابات بشأن فحص وتدقيق حسابات ونفقات الأحزاب السياسية، برسم السنة المالية 2022".
وأورد المحامي، في الشكاية، أن "المشتكي تفاجأ بالحزب الذي ينتمي إلى صفوفه، قد أبرم صفقات لإعداد دراسات وأبحاث دون احترام القواعد والمساطر القانونية الواردة في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية رقم 431.22.2 الصادر بتاريخ 8 مارس 2023، الأمر الذي أضر بمصالحه باعتباره مواطن غيور على المصلحة العامة لوطنه، لأنه هناك شبهة تبديد واختلاس للمال العام، ومن جهة ثانية كعضو في الحزب، الذي أسيء لرصيده النضالي ومساره السياسي أمام المواطنين".
ولفت المشتكي الإنتباه إلى أن "تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف أن الدعم المالي العمومي الإضافي وقدره 4.076.585.31 درهم، المخصص لتغطية مصاريف عمليات إنجاز الدراسات والأبحاث، تم صرفه بطريقة مشبوهة ترتقي إلى مصاف جرائم مالية حقيقية حيث تم توزيعه على خمس مراكز دراسات وفق أساليب غير واضحة وقنوات غير شفافة".
وأشار إلى أنه "تم إداء تسبيقات قدرها 510.000.00 درهم لفائدة مكاتب دراسات، خلال شهر نونبر ودجنبر من سنة 2023، دون أن يتم إنجاز أي دراسة أو الإدلاء لمفتشي المجلس الأعلى للحسابات بما يثبت إنجازها ما يعني أننا أمام أموال عمومية مقتطعة من دعم مالي عمومي إضافي، تم تبديدها في دراسات وهمية غير موجودة، ويعد المتهم مبدد للمال العام ومشاركا في جريمة الاختلاس، إضافة إلى باقي مراكز الدراسات المذكورة التي يمكن استدعائها للبحث معها".
وأفاد أن الوقائع "تجعلنا بحق أمام الوعاء القانوني للمادة 241 من القانون الجنائي التي تنص على أنه "يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموال عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها".
وذكر أن "المشتكى به أكد (...) بتاريخ 20 مارس من السنة الجارية بالحرف على أن "احنى اشنو درنا احترمنا الضوابط أولا الأخ الأمين العام عين بقرار اللجنة العلمية التي تشرف على الأمر وحدد المهام ديالها ثانيا هد اللجنة عملت على صياغة دفتر الشروط العامة (..) عبد ربه رئيس اللجنة العلمية "، ثم أضاف في حواره أنه اشتغل على تكليف عدد من مراكز الدراسات، ما يجعله موظفا عموميا وفق الفصل 224 من القانون الجنائي".
وأبرز أن "الثابت من تصريح المشتكى به وكما جاء على لسانه أن مطلب المجلس الأعلى للحسابات الرامي إلى ضرورة تبرير النفقات عن طريق الفواتير لم يكن مطلب واقعي، وبذلك اعطى المشتكى به الحق لنفسه الاستغناء عن الفوترة وعن التبرير المطلوب قانونا، كما أكد أن المجلس الأعلى للحسابات يؤكد على ضرورة إعلان المنافسة من خلال فتح الباب أمام طلبات العروض، وفق شروط ومعايير دقيقة ومضبوطة، وأنا لا يمكنني أن أعلن المنافسة ما يؤكد النية الإجرامية للفعل المرتكب - وإعطاء الصفقة لمن لا اعرف مرجعيته الفكرية ولا أيديولوجيته ولا خلفيته السياسية".
وسجل أن "المشتكى به أعلن صراحة أمام الرأي العام الوطني والدولي، أنه تعاقد في تدبير المال العام مع متعاقدين لاعتبارات متصلة بمرجعياتهم وايديولوجياتهم وخلفياتهم السياسية، وبشكل يخالف الشروط القانونية المتعلقة بالصفقات التي على أساسها يتم إنفاق المال العام".
ونبه إلى أن "المشتكى به انتصر في عملية تدبير وإنفاق هذا المال العام المنطق الترضيات ولأساليب المحسوبية والزبونية واستغلال النفوذ، عبر تمريره المراكز دراسات موالية له، ولعل ما يؤكد هذا الطرح إبرام صفقة مع شركة KEY CONSULT EVENIUM ناهز مبلغها 500 ألف درهم، من خلال تطويع القانون ولي مقتضياته، بهدف إيجاد مخارج شرعية لتحقيق منافع مادية ذاتية يجرمها القانون".
واعتبر، أن "قبول أحد القيادات الحزبية، التي تتشارك مع المشتكى به مسؤولية تدبير الحزب، تسلم عرض مالي مقابل القيام بدراسة لفائدة ذات الحزب، الذي يقودونه ويساهمون من خلاله في خدمة المصلحة العامة المدعومة من خزينة الدولة الدولة، وهم من يدبرون صفقات اختيار مراكز الدراسات لهذا الغرض، يعد شكلا صريحا من أشكال الارتشاء، ويعتبر المشتكى به وهو يمنحهم تلك المبالغ مشاركا ومساهما في الجريمة باعتبارهم موظفين عموميين ويؤخذ الموظف في هذا المجال بمفهومه الجنائي، إذا طلبوا أو قبلوا عرضا أو وعدا أو تسلموا هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى يعدون مرتشين".
وأوضح أنه "لعل الواضح من اعتراف المشتكى به في التصريح في البرنامج التلفزي، أنه لم تخضع هذه الصفقات لإعمال مبدأ المنافسة والشفافية، لا سيما الوثائق المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية الأمر الذي أكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات في تقريره بحيث أن المشتكي كمسؤول حزبي وباقي المناضلين بل وكافة المواطنين لم يسمعوا بتشكيل لجنة لصفقات داخل الحزب، إلا بعد معرفة الأمر على لسان رئيسها أمام شاشة التلفزة، بعد أن فضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات الطريقة المخزية التي تم تدبير بها تلك الصفقات".