اختيار الناقة الأكثر "إدرارا للحليب".. كسابة الجنوب مجتمعون بموسم طانطان برعاية إماراتية

بشرى الردادي

"خير الله فايض بأرض طانطان"، هذا هو الإحساس الذي يعتريك وأنت تشاهد، تحت المطر، الكسابة يحلبون نوقهم بموسم المدينة، في إطار مسابقة "محالب الإبل"، بغرض البحث عن "أكثر ناقة مغربية مدرة للحليب".

شباب يتسابقون إلى الميزان، وهم يحملون، بعناية، أواني الحليب. يضعونها فوقه، وأعينهم، وأعين كل الحاضرين، على لوحة الأرقام.. كم ستزن الحلبة الواحدة؟ كيلوغرام، اثنين، ثلاثة، ثمانية... بعد ثلاثة أشواط، بدا أن هناك فائز محتمل استطاع، وسط الإقبال الكبير والمنافسة الشرسة، أن يحقق الإنجاز الجميل.

كيف جاءت فكرة المسابقة، شروط المشاركة فيها، قيمة جوائزها، وغير ذلك، رصدته "تيلكيل عربي"، من الأراضي الجنوبية للمملكة، في تصريحات متنوعة وصور توثق الحدث.

فكرة تطورت وأربع أشواط بدل ثلاثة

وفي تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أعرب محمد عبد الله المهيري، المشرف على الفعاليات التراثية بموسم طانطان، عن سعادته بـ"الإقبال الكبير" الذي باتت تحظى به مسابقة "محالب الإبل" أو "مغازر الإبل" من طرف كسابة جنوب المغرب، مضيفا أن "الفكرة بدأت، بشكل بسيط، ثم تطورت".

وأوضح المتحدث نفسه أن المسابقة، التي تدعمها هيئة أبو ظبي للتراث، كانت تتضمن، سابقا، ثلاثة أشواط، يفوز خلالها ثلاثون كسابا، بحيث يفوز 10 منهم في كل شوط، قبل أن يتقرر، هذا العام، إضافة شوط رابع، ليصبح بذلك عدد الفائزين أربعين كسابا".

وبخصوص قيمة الجوائز، تابع المهيري أن "الفائز الأول يحظى بـ10000 درهم مغربي، والثاني بـ9000 درهم مغربي، والثالث بـ8000 درهم مغربي، وهكذا دواليك، إلى أن نصل إلى آخر فائز".

كما شدد على أن "أهداف المسابقة الرئيسية تتمثل، أولا، في المحافظة على السلالة الغزيرة باللبن"، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن "تحقيق إحدى النوق المشاركة في المسابقة لمعدل ثمانية كيلوغرامات و800 غرام من الحليب، في حلبة واحدة فقط، لهو خير دليل على بحث الكسابة عن هذا النوع من الإبل، والاهتمام بها".

وأضاف المهيري: "كما تتمثل الأهداف في ضمان استمرار النشء الجديد في المحافظة على تقاليد آبائهم وأجدادهم، بالإضافة إلى خلق سوق تجاري بين ملاك الإبل"، موضحا أن "هناك ملاكا لا يستطيعون الحضور إلى المسابقة، نظرا لبعد المسافة، لكن المهتمين بالأمر يشترون منهم إبلهم ليشاركوا بها".

وأشار المتحدث الإماراتي إلى أن "هناك مسابقتين أخريين، هما مسابقة "مزاينة الإبل"، الخاصة بالجمال لكل فئة عمرية، وسباق الهجن، الذي ينظم بميدان الشيخ زايد بإقليم طانطان، والذي بدأنا التحضير له، منذ شهر أكتوبر، بحيث يتم تنظيم ست سباقات تمهيدية، سباق في كل شهر، وكل سباق يتضمن 18 شوطا، وفي كل شوط عشرة فائزين"، مشيرا إلى أن "كل هذا يعود بمردود اقتصادي على الإقليم، عن طريق تشغيل اليد العاملة، وتحريك سوق الأعلاف".

أما بخصوص شروط المشاركة، فأوضح المهيري أنه "يحق لكل مالك المشاركة بناقتين خاليتين من الأمراض، بحيث يتم اختيار النوق المشاركة واستبعاد غير المتوفرة على الشروط اللازمة تحت إشراف لجنة مكونة من بدو مختصين في مجال الإبل".

وحول ما إذا كان هناك تلاقح بين السلالات المغربية والإماراتية، أفاد المتحدث نفسه بأن "بلاده قامت بتزويد الأقاليم الجنوبية، قبل ست سنوات، بفحول من هجن الرياسة، والتي تتميز بإنتاجها الجيد، سواء تعلق الأمر بالسباق، أو بغزارة الحليب، أو بالجمال".

الحمد لله على الأمن والأمان

وفي حديث له مع "تيلكيل عربي"، أعرب الوعبان نجم، كساب من إقليم طانطان، والفائز الأول بالشوط الأول من مسابقة "محالب الإبل (هو من حققت إحدى نوقه 8 كيلوغرامات و800 غرام، في حلبة واحدة)، عن سعادته بما حققه، مشيرا إلى أن "المنافسة كانت قوية".

وتابع نجم، ملتحفا "دراعيته" وابتسامة الفخر: "صراحة، ما تقوم به الإمارات يحفزنا من أجل الحفاظ على "الكسيبة الزاينة"، وكل هذا بفضل العلاقات الجيدة بين البلدين".

وأضاف المرشح الأكبر للفوز بالمسابقة لهذه السنة: "شيء آخر أريد التعبير عنه، وهو شكر الله وحمده على الأمن والأمان الذي ننعم فيه بالمملكة المغربية. حنا الكسابة خدامين على راحتنا، وما كيقيسنا أحد من السفهاء".

وعن أنواع سلالات الإبل المغربية، أوضح المتحدث نفسه أن "هناك سلالة المرموري، وهي الأكثر إدرارا للحليب، وسلالة الكرزني، وهي الأكثر صحة وشوفتها زاينة، ولكن ما فيها حليب".

المغرب قادر على منافسة الإمارات

وفي حديثه مع "تيلكيل عربي"، أوضح إبراهيم السكيحي، وهو مشارك من قبيلة أزركين في المسابقة، أن "هذه الأخيرة بدأت صباح يوم أمس الثلاثاء، وستنتهي مساء اليوم الأربعاء، بحيث هناك أربعة أشواط، أي أربع حلبات، حلبة صباحا وحلبة مساء".

وأضاف السكيحي أن "مقدار الحلبة الواحدة يتراوح ما بين 2 و9 كيلوغرامات"، مسجلا أن "النوق الخاصة بالحلب لا يتم استعمالها في الركب أو حمل شيء ما".

وبخصوص تحضير الإبل، أفاد المتحدث نفسه بأنه "هناك من يحضر نوقه على مدى شهر قبل موسم طانطان، وهناك من يحضرها في مدة أقل".

وتابع أنه "يتم تعليفها بأعلاف معينة مدرة للحليب، كالشمندر والخبز والشعير"، مبرزا أن "الدقيق يبقى أحسنهم"، قبل أن يستدرك: "وأقصد هنا الدقيق الجاف، أما إذا تم خلطه بالماء، فقد يقتل الناقة".

وختم السكيحي حديثه بالإعراب عن سعادته بالرعاية الإماراتية لهاته الهواية، مؤكدا أن "المغرب يمتاز بنوق جيدة للغاية، قادرة، مستقبلا، على منافسة نوق الإمارات".