يتواصل القتال في العاصمة السودانية، اليوم الأحد، في ظل ترقب لما ستسفر عنه مبادرة سعودية أمريكية وافق عليها الطرفان المتصارعان في البلاد حول هدنة جديدة.
وأعلن الأمريكيون والسعوديون أن المتحاربين يتفاوضون على هدنة في السعودية، لكنهما لم يتحدثا عن بدء هذه المحادثات ولا مضمونها.
من جهة أخرى، لم يدل الجيش بقياد الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو بأي معلومات عن مناقشات بين مبعوثيهما.
ورحبت آلية ثلاثية دولية مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة "الهيئة الحكومية للتنمية" (ايغاد)، في بيان بالمبادرة.
وعبرت عن أملها في أن "تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي الطرفين في جدة، عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار"، مؤكدة أن ذلك "يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين، الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى".
كذلك، من المقرر أن يبحث وزراء الخارجية العرب الملف السوداني، اليوم الأحد، بينما تظهر بوادر انقسام بشأنه.
ومنذ اندلاع المواجهات، في 15 أبريل، تشهد العاصمة الخرطوم حالة من الفوضى ناجمة عن المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وشهدت منطقة الصحافة جنوب الخرطوم اشتباكات بين الجانبين، اليوم الأحد، كما ذكر شاهد عيان لوكالة "فرانس برس".
وأسفرت المعارك الضارية المستمرة، منذ 22 يوما، عن سقوط 700 قتيل وخمسة آلاف جريح، حسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، فضلا عن نزوح 335 ألف شخص، ولجوء 115 ألفا الى الدول المجاورة.
كما أجبرت عددا كبيرا من المواطنين على البقاء في منازلهم؛ حيث يعانون من انقطاع المياه والكهرباء، ومن نقص مخزون الطعام والمال.
إنهاء الصراع
تبدو الآمال كبيرة في المحادثات في جدة، بعد فشل كل محاولات التهدئة بين طرفي النزاع، في الأسابيع الأخيرة.
ورحب وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في تغريدة على "تويتر"، أمس السبت، "بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، للحوار حول الأوضاع في وطنهم".
وأضاف: "نأمل أن يقود هذا الحوار إلى إنهاء الصراع وانطلاق العملية السياسية وعودة الأمن والاستقرار إلى جمهورية السودان".
من جهته، قال الباحث في جامعة "غوتنبرغ" في السويد، آلي فيرجي، لوكالة "فرانس برس"، إنه "ليكون وقف إطلاق النار هذا مختلفا عن الهدنات السابقة، سيكون من الضروري تحديد التفاصيل العملية ووضع آليات المراقبة والعقوبات".
وشدد على الحاجة إلى "إطار جغرافي وعملي لوقف إطلاق النار"، يشمل خصوصا "وقف الضربات الجوية أو انسحاب المقاتلين من البنى التحتية المدنية؛ مثل المستشفيات".
وأعلنت واشنطن والرياض، ليل الجمعة السبت، "بدء محادثات أولية" في جدة، بين طرفي الصراع، وحضتاهما على "الانخراط الجاد" فيها، للتوصل إلى "وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع".
وأكد الجيش أن البحث سيتناول الهدنة التي تم التوصل إليها وتجديدها أكثر من مرة، لكن بدون أن يتم الالتزام بها، بينما شكر قائد قوات الدعم السريع السعودية "لاستضافتها هذه المحادثات".
وتأتي هذه المحادثات بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية، وأخرى إفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة "ايغاد"، لم تثمر.
ومع استمرار المعارك، حذرت الأمم المتحدة، أول أمس الجمعة، من إمكانية أن يعاني 19 مليون شخص من الجوع وسوء التغذية، خلال الأشهر المقبلة.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، فرحان حق، أول أمس الجمعة، إن برنامج الأغذية العالمي يتوقع "أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانا حادا في الأمن الغذائي في السودان، ما بين مليونين و2,5 مليون شخص".
ووفق تقرير البرنامج، مطلع عام 2023، كان 16,8 مليونا من إجمالي عدد السكان المقدّر بـ45 مليون نسمة، يعانون انعداما حادا في الأمن الغذائي.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن الولايات السودانية الأكثر تأثرا ستكون غرب دارفور وكردفان والنيل الأزرق وولاية البحر الأحمر وشمال دارفور.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعا، في 11 ماي، لمناقشة "تأثير" المواجهات في السودان "على حقوق الإنسان".
ويعتقد خبراء أن الحرب قد تطول، مع عدم قدرة أي من الطرفين على حسم الأمر على الأرض.
وما زال السودانيون يعيشون محصنين في خضم حرارة شديدة، خوفا من الرصاص الطائش، وهم حاليا محرومون من الاتصالات الهاتفية إلى حد كبير؛ إذ أعلنت شركة "أم تي أن" المشغلة للهواتف توقف خدماتها؛ لأنها لم تعد قادرة على إمداد مولداتها بالوقود.
وفي إقليم دارفور الحدودي مع تشاد، حمل مدنيون السلاح للمشاركة في المعارك بين الجيش وقوات الدعم وقبائل متمردة، بحسب الأمم المتحدة.
وقال "المجلس النروجي للاجئين" إن حوالى 200 شخص قتلوا هناك.
كذلك، أحرقت عشرات المنازل ونزح آلاف الأشخاص في الإقليم، الذي سبق أن شهد حربا دامية بدأت، في عام 2003، وأدت لمقتل 300 ألف شخص ونزوح 2،5 مليونا.
وفي مدينة بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية التفاوض لإيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور؛ حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.