افتتاحية: يستحق ويستحقون استقبالا ملكيا

افتتاحية تيلكيل عربي
أحمد مدياني

منح أبناء هشام الدكيك اللقب القاري الثالث، تواليا، للمغرب. لقب يحق له معه بل قبله، أن تفتح أبواب القصر في وجهه، لينال ما يستحق من استقبال وتوشيح.

حين نقول أبناء أو "وليدات الدكيك"، يصح الوصف أكثر من قول المنتخب الوطني لكرة القدم داخل الصالة؛ لأن الرجل فعلا هو من صنع هذا المجد، بعد كفاح ومعاناة وصبر على التهميش و"الحكرة".

لم يعد المغاربة يسألون: "هل فاز منتخبهم؟" بل: "بأي حصة أنهوا المباراة؟".

"الدكيك ووليداتو" أنزلوا، حرفيا، عبارة: "الثورة في كرة القدم داخل القاعة". أسلوب جديد متفرد يمزج بين المهارة واللعب الجماعي، وفق تكتيك محكم يعيد جمل الوصول إلى مرمى الخصم، أكثر من مرة، وبأكثر من طريقة.

رجل استثنائي في زمن قل فيه الذين منحوا الكثير، وما يردونه بالمقابل يكاد يلامس الصفر.

استثنائي حتى في استلهام خططه، ومن كل ما يحيط به في الحياة.

يوما ما، مر على أمواج الزملاء براديو "مارس"، وصرح لهم بأنه "يعتمد في خططه على مشاهدة صراع الحيوانات من أجل البقاء أو الصيد".

فعلا، عودوا إلى البحث عن التصريح بصوته. وذكر تحديدا، لعبة البقاء ما بين النمس والثعبان.

"الدكيك ووليداتو حتى فرقة ما غلباتو".. من كان يحلم، يوما ما، بأن نصل في اللعبة إلى هذا المستوى؟ وإذا أردت أن تقارن بين ما صرف من أموال على أكثر من رياضة في المغرب، وبين ما صرف على "الفوتسال"، فستجد فوارق تقف المادة الرمادية لدماغك عن استيعابها.

تتويج إضافي في حضرة رئيس "فيفا"، جاني إنفانتينو، ورئيس "الكاف"، ماتريس موتسيبي، أو كما يعرف عند من يهمه الأمر كرويا بالمغرب بلقب "My brother fouzi".

تتويج سبقه تنظيم ناجح آخر لكأس أمم إفريقيا للفوتسال. بدأ الافتتاح مغربيا، وانتهى كذلك.

"وليدات الدكيك" ضمنوا، مرة أخرى، التأهل إلى كأس العالم. كل ما سيحقق خلال الدورة القادمة ربح، ولا يجب أن يُسمح من اليوم بالضغط على المجموعة لتحقيق ما لم يكن في الأصل حلما.

قبل ذلك، ماذا يستحق الدكيك؟ الرجل الذي صنع منتخبا قويا يقارع كبار العالم، بدون بطولة محلية تنافسية، وبدون الاعتماد على ما ينتج لأجلنا خارج تراب المغرب.

يستحق أن يكون موضوع درس في مقررات مناهج التربية والتعليم في المغرب؛

أن توضع صورته على طاولة رئيس الحكومة ووزرائه لاستخلاص بعض العبر من ملامحه؛

أن يتأمل كل برلماني من أين بدأ الرجل وإلى أين وصل بالمغرب رياضيا؛

أن يحاسب كل مسؤول عن الرياضة بالمغرب، بالنظر لما وفر له وما حققه.

يستحق هو ومن رافقه من صناع أمجاد اليوم والأمس، استقبالا ملكيا، توشح خلاله صدورهم بأوسمة تليق بقيمة وحجم الاستثناء الذي حققوه.