افتتاحية: 4,3 مليون "لُغم مجتمعي"

افتتاحية تيلكيل عربي
أحمد مدياني

إذا مررنا مرور اللئام وليس الكرام على الرقم الذي كشفه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإننا نقبل بأن نعيش وسط حقل ألغام اجتماعية وثقافية، لن نسلم إذا ما انطلقت شرارة تفجير واحدة منها.

ملايين الشابات والشباب خارج دائرة التمدرس والشغل. أي أنهم بدون أي نشاط يقيهم أي تأثيرات سواء داخلية أو خارجية، يصعب ضبطها أو التحكم فيها، بالنظر إلى متغيرات الاستقطاب المتجددة، وسيطرة الافتراضي على الواقعي، حيث يمكن تجنيد هؤلاء لأغراض متعددة بوجه واحد، هو الدفع بهدم أسس "مجتمع الدولة".

الملايين من النساء والرجال بدون أمل في المستقبل، يجيب واقعهم عن مواصلة منظومات التعليم والتكوين والإدماج، إضافة إلى التشغيل في مراكمة الفشل، وترك مؤسسات الأمن والردع والعقاب... أمام امتحان تدبير إن لم نقل مضاعفة أساليب كبح الانفلاتات التي يمكن أن تنتجها هذه الفئة.

وما يخيف أكثر هو أننا أمام مسؤولين لا يهتمون بالأرقام كثيرا، ينتظرون حتى "تقع الفأس في الرأس" ثم يشرعون في تكرار أسطوانة: "من المسؤول؟!"

الأرقام أمامنا... فما العمل؟

المؤكد أننا لا نملك بنيات استقبال لمعالجة هذا العطب المجتمعي المهدد للجميع، ولم تكلف مؤسسات الدولة نفسها عناء تحضير وصفة الانتقال من حالة التشخيص فقط إلى وضع المبادرة من أجل تطويق الخطر القادم من بؤس الهدر المدرسي وجحيم انعدام فرص الشغل.

لا نملك أجوبة عملية لهؤلاء الشباب والشابات حين سيطرحون سؤال: كيف يمكن أن نغير أوضاعنا؟

كما أننا نفتقد اليوم وبشكل بشع لنخبة فاعلة ومساهمة، تطرح هذه الأرقام في سياق تشخيص أوضاعها وتحليل كيف ولماذا دخلت إلى "قوقعة اللاشيء"؟ وكيف يمكن أن تخرج منها؟

نفتقد لشاشة وأصوات تخاطب هذه الفئة برصيد من المصداقية، وتحاول على الأقل الانصات إليها ونقل ما يدور داخل "قواقعها" إلى من قد يهمهم الأمر.

هل تفرض هذه الأرقام علينا مرة أخرى إعادة النظر في سياسة التعليم؟ ومنظومة التكوين؟ وكيف ندبر يوميات عيش الأسر؟ وإلى أي حد الأرقام المعلنة عن توطين الاستثمارات وخلق فرص الشغل حقيقية وواقعية؟

هي أسئلة جوهرية مطروحة، في انتظار أن يجيب عليها المسؤول بالفعل وليس بخطابات الإنشاء.

ما هو مؤكد الآن، أننا نتعايش مع 4,3 مليون "لُغم مجتمعي". مع التنبيه إلى أنها كانت قبل 8 سنوات مليون ونصف "لُغم" حسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط صدر عام 2017.

إذن فإن الخطر يتضاعف.