الأمن الوطني يطرح مقترحاته لتجفيف منابع "الإرهاب"وإنقاذ مغاربة سوريا خاصة القاصرين

تيل كيل عربي
أكد الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بوبكر سابيك، اليوم الأحد، مساهمة العلماء في مكافحة التطرف والإرهاب، وأضاف، خلال لقاء نظمه المجلس العلمي الأعلى، أنه يكفي أن نستشهد بأن ورش إعادة الحقل الديني، لا سيما في ما يتعلق بالركن المرتبط بتقنين أماكن العبادات ومأسسة الفتوى والتصدي للفتاوى الوافدة من الخارج، كان له دور كبير في تجفيف منابع التجنيد المباشر مما دفع بالتنظيمات الإرهابية إلى البحث عن بدائل جديدة مثل التطرف السريع انطلاقا من شبكات التواصل الاجتماعي.
وكشف سابيك أنه قبل سنة 2004 كانت التنظيمات الإرهابية تراهن على قاعات الصلاة غير المهيكلة وعلى تجمعات الدعوة كفضاء رحب للاستقطاب، أي متابعة الأشخاص المستهدفين لدعوتهم إلى جلسات التأطير الذهني والتدريب على الأمنيات، وهي تدابير احترازية للتخلص من المتابعات الأمنية، موضحا أن الاستقطاب حينها يمر عبر أربع مراحل، وهي اختيار التابع الذي تظهر عليه علامات التطرف، تليها المرحلة الثانية، وهي مرحلة التربية التي يتم فيها تلقين الشخص المستقطب المرتكزات النظرية للفكر المتطرف، ثم مرحلة الإعداد وتشمل الإعداد المادي الذي يشمل توفير العدة والعتاد والإعداد النفسي الذي يتمثل في التأهيل الذهني لتقبل الأفكار المتطرفة، وأخيرا تأتي مرحلة الجهاد أي الجاهزية للقيام بالاقتحام أو الغزوة. لكن ابتداء من سنة 2004 سوف يتم تقويض هذا الاستقطاب المباشر بفضل تدابير الإصلاح التي جاء بها ورش إعادة هيكلة الحقل الديني، مما دفع بالتنظيمات الإرهابية إلى البحث عن آليات جديدة للاستقطاب المعلوماتي، والذي تصدت له المصالح الأمنية حيث تم توقيف أكثر من 600 متطرف من رواد منصات التواصل الاجتماعي منذ 2016 من الذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية وفق أسلوب الذئاب المنفردة.
وأكد سابيك أن مساهمة العلماء تبرز كذلك من خلال برنامج مصالحة داخل السجون، فبالرغم من أن تفتيت بنية التطرف لدى أشخاص قاتلوا وشاركوا في التخطيط لعمليات إرهابية ليس بالأمر السهل ولا الهين، إلا أن هذا البرنامج راكم العديد من النجاحات المهمة وقد شارك فيه حوالي 310 معتقلين في قضايا الإرهاب، من بينهم 177 معتقلا تم الإفراج عنهم بعد أن استفادوا من العفو الملكي، و39 معتقلا تم تخفيف عقوباتهم، كما برهن باقي المشاركين على قابليتهم لتصحيح معتقداتهم المتطرفة ومنهم من تقدم بطلبات لاستكمال الدراسة ومنهم من انخرط في الأنشطة المنظمة داخل الفضاء السجني.
وعلى المستوى الاجتماعي، أبرز سابيك أنه تم تمكين العديد ممن استفادوا من برنامج مصالحة من إعادة إدماج داخل أوساطهم الاجتماعية، ومنهم من أسس مشاريع مدرة للعائد المالي، ومنهم من عاود استئناف نشاطه المهني، لكن تبقى النتيجة الأهم هي انتفاء تسجيل حالات العود في صفوف هذه الفئة من المعتقلين الذين استفادوا من برنامج مصالحة.
واقترح سابيك إعداد حقيبة للتغيير موجه حصريا للناشئة التعليمية، على غرار الحقيبة التي تستخدمها مديرية الأمن في حملاتها التحسيسية في الوسط المدرسي، مضيفا أنه يمكن إثراء هذه الحقيبة من طرف العلماء بالمواضيع التقويمية للسلوك التي تتلاءم وخصوصية الشريحة المجتمعية المستهدفة، على أن يتم تقديمها من طرف الوعاظ الشباب بلغات ولهجات متعددة وبسيطة في المبنى والمعنى.
وعلى صعيد آخر، أكد سابيك أن مسألة إعادة إدماج معتقلين سابقين في قضايا الإرهاب تشكل تحديا كبيرا ومتناميا، لأن عددهم يناهز 3067 معتقلا، من بينهم 168 مقاتلا سابقا في سوريا والعراق. وهؤلاء المعتقلون بحاجة إلى مبادرة تصحيحية داعمة تسمح باحتوائهم وتشجيعهم على الانخراط إيجابي في المجتمع.
وسلط سابيك الضوء على إشكال آخر يتمثل في الجيل الجديد من المقاتلين المغاربة القاصرين، الذين يطلق عليهم "أشبال الخلافة"، المعتقلين حاليا بسوريا، والذين تم تكوينهم عسكريا والدفع بهم لتنفيذ عمليات إرهابية. موضحا أن التعاطي مع هذه الفئة يتطلب أيضا مقاربة تصحيحية وفق الأسلوب الذي صار عليه برنامج مصالحة داخل السجون، وهنا يمكن اقتراح انفتاح الخطة على هذه الفئة من المعتقلين السابقين في قضايا التطرف، وعلى النساء والأطفال العائدين من بؤر التوتر لتصحيح مفاهيمهم الدينية المغلوطة، وتمكينهم من مبادئ الإسلام السمحة التي ارتضاها المبالغ كمرتكز بحياتهم الطيبة.