بترقب كبير، تنتظر عائلة كرة القدم القرارات الحكومية المقبلة لمواجهة جائحة "كورونا"، لتحديد معالم مستقبل الساحرة المستديرة، التي توقف نبضها بالملاعب المغربية منذ 14 مارس الماضي، بقرار من جامعة الكرة.
الأندية الوطنية، بكل أقسامها، لم تسلم من تبعات انتشار الجائحة، فجميع التداريب تم تحويلها، منذ ذلك التاريخ، إلى حجرات المنازل، وتحت مراقبة كاميرات الهواتف، قبل 10 مباريات فقط على الموعد السابق لإنهاء الموسم الكروي بالمغرب.
"تيلكيل عربي" تواصل مع الفعاليات الكروية في المغرب، لتشكيل صورة عن وضعية الأندية واللاعبين، خلال فترة الحجر الصحي، وعن مخططاتهم لمواجهة الجائحة وتبعاتها، التي ستمس مواردها المالية، في حال استمر الجمود الكروي إلى الأشهر المقبلة.
عين على قرارات الحكومة لتقييم الخسائر
أكد عبد المجيد مضران، نائب رئيس فريق نهضة بركان، صعوبة تقديم تقييم الوضع الحالي الذي يمر منه النادي بعد توقف المنافسات الكروية لحوالي الشهر، بسبب تطورات انتشار فيروس "كورونا" المستجد.
مضران، وفي تصريح لـ"تيلكيل عربي"، قال إن أول خطوة اتبعها النادي كانت تسريح اللاعبين للتدرب من منازلهم، ثم الانخراط في دعم الصندوق المخصص للجائحة، في انتظار ما تقرره الجهات الحكومية، بخصوص موعد نهاية أو تمديد فترة الطوارئ الصحية.
المسؤول في الفريق البركاني شدد على ضرورة تقييم هذه الفترة، ليس فقط بالنسبة إلى ناديه، بل إلى جميع مكونات البطولة الاحترافية، لكن بطريقة سلسلة، ومراعاة كل مرحلة تمر منها المملكة، خلال حالة الطوارئ الصحية الحالية، وتوقف جميع الأنشطة الكروية حتى إشعار آخر.
أما بخصوص عقود المستشهرين، الذين يشكلون مورداً مهما بالنسبة للأندية في الدوري الاحترافي، فقد تابع مضران: "حاليا ليس هناك أي تواصل معهم. الجميع ينتظر القرار النهائي، بخصوص حالة الطوارئ الصحية في المغرب، إن كانت ستمدد أم لا. وبعد اتضاح الصورة للجميع، يمكن تبني موقف جديد، لتسيير الفترة الصعبة التي يمر منها العالم بأسره، وبلدنا بالخصوص".
ومن بين النقاط المهمة التي أشار إليها مضران، والتي قد تقلص من الموارد المالية للأندية مستقبلا، إمكانية عدم التوصل بالشطر الثالث من دعم المستشهرين، الذين، بدورهم، سيكونون قد تضرروا مادياً من فرض حالة الطوارئ الصحية، وتقليص أنشطتهم، لكن حالياً، تبقى كل الأمور على حاله، إلى حين إعلان الجهات الحكومية عن الخطوة المقبلة، لمواجهة الفيروس.
وكانت الجامعة الملكية المغربية قد اتخذت سابقا قرار صرف المنح الخاصة لدعم الفرق الوطنية بجميع أقسامها، في شطرها الثاني، للتخفيف من الخسائر المالية التي تتكبدها الفرق بإغلاق الملاعب وتوقف المنافسات، وأيضا لصرف المستحقات المالية للاعبين، من رواتب وأجزاء منح التوقيع السنوية.
تخفيض أجور اللاعبين صعب التطبيق!
محمد رزقي، رئيس الاتحاد الوطني للوكلاء الرياضيين، وبخصوص إمكانية تقديم مقترح تخفيض رواتب ومنح توقيع اللاعبين، قال إن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لم تتخذ أي قرار، بهذا الخصوص، خلال فترة توقف البطولة بسبب انتشار وباء "كورونا".
وأوضح الوسيط الرياضي لعدد من اللاعبين المغاربة والأجانب، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أنه، ولحدود الساعة، لم يتم تقليص الرواتب أو منح التوقيع.
كما أن النقاش، بخصوص هذه المسألة، لم يطرح في المغرب، عكس دول أوروبية وعربية، التي بدأت تدريجيا في تفعيله، بسبب الأضرار التي جرها انتشار الفيروس على مداخيلها.
أما بخصوص موقف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" من تخفيض الرواتب خلال فترة الطوارئ الصحية التي يمر منها العالم، فقد شدد رزقي بأن الجهاز الكروي، وفي آخر مراسلة له للأندية، كان واضحا، وأشار إلى ضرورة وجود توافق بين الأندية واللاعبين والمدربين، قبل تحديد النسبة، وإن تم الاعتراض عليها، فلا تملك الفرق أي سلطة لفرضها دون موافقة الأطراف المعنية.
وتابع: "إن لم يتم الاتفاق بين النادي ولاعبيه والمدربين، فلن يكون بإمكانهم اقتطاع أو تقليص نسبة من الرواتب الشهرية والسنوية. الاتفاق يجب أن يكون بطريقة حبية وتوافقية بينهم، وموافقة المعنيين بالأمر شرط أساسي لتطبيقها".
وعن مدى إمكانية تطبيق ذات الإجراءات في المغرب مستقبلاً، في حال تواصل توقف البطولة الاحترافية، شدد المتحدث ذاته على ضرورة فتح نقاش مع جميع الفاعلين الكرويين، من أجل رؤية إمكانية تخفيض الرواتب، في ظل محدودية الأندية التي تقدم تعويضات مرتفعة ومنح توقيع كبيرة للاعبين، مقارنة بباقي الدوريات في العالم.
واعتبر الوسيط الرياضي أن التشاور واحترام خصوصية الدوري أمر ضروري بين جميع الفاعلين، من أندية ولاعبين وأيضا ممثلين عنهم، من أجل السير نحو توجه خفض الرواتب، وتحديد هل الأمر سيكون ممكنا ومجديا بالنسبة إلى البطولة المغربية أم لا.
الوكيل أردف: "في المغرب من الصعب تحديد نسبة محددة لتخفيض الرواتب، لأن إمكانيات وميزانيات الأندية متباينة جداً. وأعتقد أن المسؤولين وجب عليهم الانتباه إلى الأمر، وفي حال ما توافقوا على هذا القرار، يجب معاملة كل ناد على حدة، بناء على مداخيله، وأيضا على رواتب لاعبيه. فمن غير المنطقي تحديد سقف محدد للاقتطاع أو التخفيض بالنسبة لجميع اللاعبين، حتى الشبان منهم أو أولئك الذين توفقوا حديثا في توقيع عقد احترافي بالدرجة الأولى، وبقيمة مالية منخفضة مقارنة مع الأسماء المتبقية".
وبالرغم من أن الأمر يبقى مستبعد التطبيق بالبطولة الوطنية، بالنسبة للوسيط الرياضي، إلا أنه عاد ليشدد على أن اللاعب المغربي، في البطولة المحلية، متضرر أيضا من توقف المنافسات الكروية، خصوصا العناصر الكروية التي تتوفر على راتب شهري هزيل، وكانت تعتمد على مداخيل منح الفوز في المباريات، وبعد تعليق الدوري أصبح موردها الوحيد هو الراتب الشهري.
البطولة مباشرة بعد الحجر "خطأ"
دييغو ميخياس، المعد البدني الإسباني، الذي يشتغل حاليا مع فريق الوداد الرياضي، قال في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، إن استئناف المنافسات الكروية مباشرة بعد نهاية الحجر الصحي سيكون قرارا خاطئا، لاعتبارات عديدة.
وشرح المعد البدني للنادي الأحمر بأن اللاعبين في العالم، وليس فقط في المغرب، يجب أن يستأنفوا تدريبهم العادية في الملاعب لفترة قبل الدخول في أجواء المنافسات، تفادياً للتعرض للإصابات العضلية التي تكون شائعة بسبب ضعف مرونة الجسم بعد مدة من التوقف، والحركة القليلة.
أما عن البرامج التدريبية المنزلية التي يخوضها اللاعبون في المغرب حالياً، فهي تشكل أقل من 50% من العمل الذي يشرف عليه الطاقم التقني خلال الفترات العادية من الموسم الرياضي، لكنها تبقى، حسب المتحدث ذاته، ضرورية جداً للحفاظ على الجاهزية البدنية، في انتظار العودة للاشتغال بالمساحات الكبيرة (الملاعب).
وعن سؤال "تيلكيل عربي"، بخصوص أهمية اتباع نظام غذائي يُرافق البرامج التدريبية داخل المنازل، تابع ميخياس: "النظام الغذائي أمر يجب على اللاعبين الانتباه إليه. نعلم جيدا الظروف التي يمر بها العالم بسبب فيروس كورونا، لكن لا نعرف أيضا متى ستكون عودة المنافسات. يمكن أن تكون بعد شهر أو أقل.. لذا يجب أن تحافظ العناصر الكروية على الوزن المثالي لتسهيل اشتغالها بعد نهاية هذه الفترة، وإلا فستتضرر الأندية، وستكون بحاجة لوقت أطول للإعداد للعودة إلى لمنافسات المحلية والقارية، بالنسبة إلى الملتزمين بها".
لاعبون ينتظرون المجهول!
يعيش عدد من لاعبي البطولة الوطنية الاحترافية أوضاعا صعبة، خلال فترة الحجر الصحي، بعد أن تأخرت أنديتهم في صرف رواتب عالقة منذ شهر يناير الماضي، بسبب الأزمة المالية التي ضربت قلاعهم حتى قبل توقف المنافسات الكروية في 14 مارس الماضي، بسبب "كوفيد-19".
فرق اتحاد طنجة، المغرب التطواني، وداد تمارة، الكوكب المراكشي وغيرها، كلها أندية تأخرت في صرف الرواتب لأزيد من 3 أشهر، بسبب الضائقة المالية.
واحد من لاعبي فريق وداد تمارة، المنتمي إلى القسم الوطني الثاني، وصف لـ"تيلكيل عربي" الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها معظم العناصر الكروية، خصوصا منها التي تعيل أسرها، ولديها التزامات تهم تمدرس أبنائها على الخصوص.
اللاعب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إن الإدارة كانت تتفاعل معهم بشكل يومي وتطمئن اللاعبين على صرف مستحقاتهم المالية بعد التوصل بالشطر الثالث من منحة الدعم القادمة من جامعة الكرة، قبل أن يغلق المسؤولون هواتفهم، بمجرد التوصل بتحويل بنكي من الجهاز الكروي.
اللاعب، الذي سبق له حمل قميص عدد من أندية القسم الوطني الأول، استغرب من الطريقة التي اتبعها المسؤولون لتقديم وعود كاذبة وبعدها "الهروب"، دون تقديم أي توضيحات بشأن الفترة المقبلة، خصوصا وأن أغلب اللاعبين لديهم رواتب هزيلة ولا تتجاوز سقف الـ6000 درهما.
وعن الخطوة المقبلة التي سيقوم بها اللاعبون، قال المتحدث ذاته إن التواصل مع الجامعة الملكية المغربية هو الباب الذي قررت العناصر الكروية طرقه، لرفع تظلمها، في انتظار التدخل لحل المشاكل الحالية من طرف أحد ممثلي الجهاز الكروي المحلي.
لا مغامرة مع "كوفيد-19"
من جهتها، ردت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الانتقادات التي طالتها سابقاً، بخصوص قرار توقيف البطولة دون إشراك الأطراف المعنية، بأن الفترة لم تتحمل انتظار إلى حين عقد اجتماعات للتداول.
مسؤول جامعي جيد الإطلاع أكد، لـ"تيلكيل عربي"، أن الأجواء خلال الـ48 ساعة التي سبقت تعليق البطولة، كان يشوبها القلق والتوتر، والجهاز الكروي لم يكن بإمكانه آنذاك التدخل أو اتخاذ قرار منفرد، لأن الوضع، حسبه، لا يحتمل المغامرة.
وانتظر المسؤولون عن الكرة اتصالاً من الجهات الحكومية لإعلان توقف الدوري، حسب المصدر ذاته، كما أن اجتماعا كان مقررا بين ممثلي العصب الجهوية، وقطاع الصحة، والمكتب المديري للجامعة، تم إلغاؤه للسبب ذاته، لأن الوضع الوبائي وحده كان محدد معالم أبرز القرارات والتدابير التي تم اتخاذها للتصدي للوباء، وكان من بينها الشق الرياضي-الكروي، يوضح المسؤول ذاته.
أما بخصوص معالم المستقبل بالنسبة للجهاز الكروي، وأفق فتح الملاعب مجدداً، فقد شدد المتحدث ذاته على أن الوقت مبكر جدا لوضع برنامج ومناقشة الأمر، لأن حالة الطوارئ الصحية بالمملكة، ممتدة إلى غاية 20 من شهر أبريل الجاري، والمهم حاليا هي سلامة الأفراد والمساعدة على تجاوز الفترة الصعبة، على حد تعبيره.
ومن بين الملفات التي حاولت جامعة الكرة، بتنسيق مع العصبة الاحترافية لكرة القدم، حلها في الفترة الأخيرة، كان صرف الشطر الثالث من الدعم السنوي المخصص للأندية، لحل جزء من أزمتها في انتظار آخر المستجدات بخصوص الوضع الصحي في المملكة، لمناقشة التوجهات المقبلة.
ونبه المسؤول ذاته إلى أن "الفيفا"، باعتباره أرقى جهاز مشرف على اللعبة في العالم، تواصل طيلة الفترة الأخيرة مع الاتحادات القارية والمحلية، وأكد على ضرورة إعطاء أهمية بالغة للوضع الصحي، والتركيز على أي نشاط مرتبط بمحاصرة الوباء أولاً.