قضت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، ليلة الخميس-الجمعة، على الصحفي والناشط الحقوقي، عمر الراضي، بست سنوات مع النفاذ، في قضيتي "التخابر" و"الاعتداء الجنسي"، وهي التهم التي ما انفك ينفيها.
وفي هذا الصدد، وصف ميلود قنديل، محامي الدفاع، الحكم الصادر في حق الراضي، بـ"القاسي جدا"، مضيفا في تصريح لوكالة "فرانس برس": "لقد كشفنا أمام المحكمة عن جميع العناصر التي تثبت براءة عمر الراضي. لكن لم يؤخذ أي شيء في الاعتبار".
ويعتبر الراضي ثاني صحفي مستقل يحكم عليه بالسجن المشدد، خلال أسبوع، بتهمة ذات طابع جنسي، بعد زميله سليمان الريسوني.
وطالبت النيابة العامة، يوم الثلاثاء الماضي، بـ"تشديد العقوبة إلى السجن لمدة 10 سنوات، نظرا لكون هذه المدة هي العقوبة التي تصدر في حق المغتصب في المغرب، مقترنة بتعويض قدره 200 ألف درهم، لصالح المدعي المدني".
من جهته، قال أحمد بن شمسي، مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "هذا الحكم الجائر هو النتيجة المنطقية لمحاكمة فقدت كل مصداقيتها، بسبب انتهاك حقوق الدفاع".
وأضاف بن شمسي: "كانت تهم التخابر غير مقبولة؛ لأنها لم تستند إلى أي شيء. أما الاتهام بالاغتصاب، فيستحق محاكمة عادلة للمتهم والمشتكي على حد سواء".
وفي تغريدة لها، ندّدت منظمة "مراسلون بلا حدود"، يوم الثلاثاء الماضي، بـ"المضايقات القضائية" التي تعرض لها عمر الراضي، ودعت الملك محمد السادس إلى "التدخل أخيرا لحماية حرية الصحافة".
وقُبض على الصحفي البالغ من العمر 35 عاما، والمعروف بمواقفه تجاه السلطة، ووجهت إليه التهم المذكورة، في يوليوز 2020؛ حيث حوكم بتهمة "تقويض الأمن الداخلي للدولة"، بـ"التمويل الأجنبي" و"الاغتصاب"، في قضيتين منفصلتين، حكم عليه فيهما، بشكل مشترك.
وبحسب المدعي العام، التقى الراضي بممثلين دبلوماسيين هولنديين قدمهم الادعاء بصفتهم "ضباط مخابرات". كم اتهم الصحفي أيضا، بـ"تقديم معلومات تخابر" إلى شركتين بريطانيتين للاستشارات الاقتصادية.
من جهته، أوضح الراضي أنه أنجز لحسابهما دراستين، في إطار عمله كصحفي متخصص في الاقتصاد، بناء على بيانات متاحة للجميع.
واستند المسؤول القضائي كذلك، على تلقي الراضي تحويلات مالية من منظمة "بيرتا" غير الحكومية، ومقرها في جنيف، مؤكدا أنها معادية للوحدة الترابية للمملكة، في إشارة إلى قضية الصحراء المغربية. بالمقابل، أكد الراضي أن الأمر يتعلق بمنحة بحثية لإنجاز تحقيق صحفي حول الاستيلاء على الأراضي العمومية في المغرب.
وجاء توقيف الراضي نهاية يونيو 2020، بعد صدور تقرير لمنظمة العفو الدولية يزعم أن السلطات المغربية اخترقت هاتف عمر راضي عبر برنامج "Pegasus" الإسرائيلي، الأمر الذي نفته الرباط، معتبرة إياه "حملة تشهير دولية".
أما التهمة الثانية، فهي اعتداؤه جنسيا على إحدى زميلاته في العمل، وهو ما نفاه الراضي كذلك، مؤكدا أن ما كان بينهما هو علاقة طوعية.
عمر الراضي، المدعوم بحملة تضامن داخل المغرب وخارجه، ادعى دائما أنه يتعرض للملاحقة بسبب كتاباته، وهو ما قوبل بنفي قاطع من السلطات المغربية التي أكدت أن محاكمته "لا علاقة لها بعمله الصحفي".
من جهة أخرى، حكم على صحفي آخر، هو عماد ستيتو (32 عاما)، بالسجن لمدة عام، في نفس قضية الاعتداء الجنسي.
وقيل إن ستيتو الذي قدم في البداية، بصفته الشاهد الوحيد في الادعاء، كان حاضرا مع الراضي عندما اعتدى جنسيا على زميلته في العمل.
وحوكم ستيتو غيابيا، بسبب مغادرته المغرب متوجها إلى تونس، حيث غرد من هناك على "تويتر"، فور صدور الاحكام: "هذا قضاؤهم، وهذا قدرنا، وهذه حال وطننا.. وأنت يا عمرنا غير الراضي، كنت آخر اختبار لصحة هذه البلاد المريضة... ولا حول ولا قوة إلا بالله".