التعذيب.. عرض التقرير الدوري الخامس بشأن مناهضته أمام مجلس المستشارين

خديجة قدوري

اطلع المستشارون البرلمانيون، أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، على العرض الذي قدمه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بشأن التقرير الدوري الخامس حول تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب.

وبحسب الوثيقة التي حصل موقع "تيلكيل عربي" على نسخة منها وبعد عرض التقرير ومناقشته داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، انتقل الدور إلى المستشارين البرلمانيين، الذين أشادوا بالمقاربة التشاركية المعتمدة، واطلعوا على التقرير الذي أعدته المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان منذ ماي 2024، معربين عن عزمهم تقديم ملاحظاتهم كتابة لإدراجها ضمن التقرير.

وأشارت إلى أنه، في إطار استكمال مسار إعداد التقرير الدوري الخامس المتعلق بالتعذيب وقبل اعتماده النهائي ورفعه إلى لجنة مناهضة التعذيب، شدد وزير العدل في كلمته على أهمية عرض التقرير أمام المستشارين البرلمانيين، مؤكداً فعالية مبادرة تقاسمه مع المؤسسة التشريعية، انطلاقًا من إيمانه بالدور الأساسي الذي يضطلع به كل من مجلسي النواب والمستشارين في تحسين جودة النصوص والتقارير.

ونوه وزير العدل إلى أن التقرير أعدته المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وفق منهجية قائمة على مبدأ التنسيق مع نحو 12 قطاعًا ومؤسسة، من خلال عقد عدة اجتماعات والتشاور بشأن مضامينه. كما أكد أن التقرير يشكل فرصة لتقييم ما تحقق في مجال مناهضة التعذيب والوقاية منه.

ومن جهة أخرى، سلط التقرير الضوء على الجوانب التي لا تزال تتطلب مزيدًا من الجهود، مشيرًا في الوقت ذاته إلى فعالية المنهجية المعتمدة في إعداده. كما أوضح أن المغرب كان قد اعتمد في سنة 2013 المسطرة المبسطة لإعداد التقارير أمام لجنة مناهضة التعذيب، والتي تهدف إلى ترشيد وتحسين جودة تقارير الدول الأطراف، وذلك من خلال تقديم ردود على قائمة محددة من الأسئلة التي تطرحها اللجنة، حيث يُعتمد هذا الرد كمضمون للتقرير الدوري للدولة الطرف.

غير أن إعداد مشروع التقرير ارتكز على المحاور والقضايا الواردة في قائمة المسائل التي قدمتها اللجنة الأممية، والتي تضمنت 48 سؤالًا مركبًا، مع تقديم البيانات والمعلومات الأساسية حول مدى توافق التشريعات والممارسات الوطنية مع مقتضيات ومعايير الاتفاقية.

وأبرزت الوثيقة، على وجه الخصوص، الإنجازات والمكتسبات المحققة بفضل الأوراش الإصلاحية، سواء التشريعية أو المؤسساتية، الهادفة إلى تعزيز حماية حقوق الإنسان في مجال مناهضة التعذيب والوقاية منه، إلى جانب الجهود المبذولة من قبل السلطة القضائية والإدارة القضائية وأجهزة إنفاذ القانون.

وأوضحت الوثيقة أنه، في هذا السياق، أشار الوزير إلى أن المعطيات الجوابية والتوضيحية الواردة في التقرير تركزت بشكل خاص على التدابير التشريعية والمؤسساتية التي تُجرّم التعذيب، إضافة إلى القضايا المتعلقة بتقادم الجرائم، وضمانات المحاكمة العادلة، ومكافحة الإرهاب، ومناهضة الإفلات من العقاب، وعقوبة الإعدام، وتسليم المجرمين، والعقوبات البديلة.

كما تناول التقرير الضمانات المتعلقة بحرية تأسيس الجمعيات، وحق المنظمات غير الحكومية في زيارة المؤسسات السجنية، إضافة إلى قضايا التظاهر السلمي وآليات استخدام القوة لتفريق المظاهرات. كما استعرض إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مع التركيز على صلاحياتها، وضمانات استقلاليتها، وآليات عملها. إلى جانب ذلك، تطرق التقرير إلى الضمانات والإجراءات المعتمدة للتحقيق في حالات الوفيات المسجلة خلال فترة الاعتقال، وجهود مكافحة الإفلات من العقاب.

وأشارت الوثيقة إلى أنه، عقب تقديم التقرير وفتح باب المناقشة، أثنى المستشارون البرلمانيون المتدخلون على المقاربة المعتمدة، سواء من حيث منهجية إعداد التقرير أو عرضه أمام لجنتي العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلسي النواب والمستشارين، إضافة إلى تقاسمه مع جمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

ونوهت الوثيقة إلى أن المتدخلين أشادوا أيضًا بأن المغرب كان من الدول الرائدة في شمال إفريقيا التي صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ عام 1993، أي بعد ست سنوات فقط من دخولها حيز التنفيذ على الصعيد الدولي.

ولفت المصدر ذاته إلى أنه منذ عام 2014، ساهم المغرب، إلى جانب حكومات الدنمارك والشيلي وغانا وإندونيسيا، في قيادة المبادرة العالمية لتعزيز التصديق على الاتفاقية، مما أسهم في انضمام 20 دولة جديدة إليها، ليصل عدد الدول الأطراف فيها إلى 175 دولة، مع التوجه نحو تحقيق تصديق عالمي شامل عليها.

وورد في الوثيقة أن المغرب يعد من الدول القليلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ثلاث دول) التي اعترفت باختصاص لجنة مناهضة التعذيب في النظر في الشكاوى الفردية المتعلقة بادعاءات التعرض للتعذيب، وفقًا للمادة 22 من الاتفاقية. وقد تفاعل المغرب مع هذه اللجنة منذ عام 2007 بشأن 34 حالة تم عرضها عليها، تتعلق معظمها بقضايا التسليم.