التقدم والاشتراكية: مزايدات الأغلبية العقيمة تفقد ما تبقى من مصداقية في المؤسسات

الشرقي الحرش

اختار حزب التقدم والاشتراكية، توجيه سهام النقد إلى حلفائه في الأغلبية الحكومية، معتبرا "معاركها استهتارا غير مقبول بمصالح الوطن والشعب".

جاء ذلك، في تقرير للمكتب السياسي للحزب، تلاه نبيل بن عبد الله، الأمين العام للحزب صباح اليوم السبت في اجتماع تعقده اللجنة المركزية لحزب الكتاب.

وقال بن عبد الله "في ثنايا المزايداتِ العقيمة يَضِيعُ التواصلُ الحكومي مع الناس والمؤسسات، وتضيع الإصلاحاتُ الكبرى، ويضيع الزمنُ والجهــد، وتخبو آمال الشعب، ويزداد الشعورُ باللامعنى واللاجدوى من الفعل السياسي والمؤسساتي، ويتراجع الحماسُ والاهتمام، وتتعمق الهوةُ بين المواطنين والأحزاب والسياسة، وتضيع الجديةُ والمسؤولية".

وحذر بن عبد الله من أن يؤدي هطا الوضع إلى "تفاقمِ أجواءِ اليأسِ واللامبالاة والعدمية والشعبوية والعفوية وثقافة التبخيس المتبادل، والرداءة، وفقدانِ ما تبقى من مصداقيةٍ في مؤسساتنا التي نبنيها جميعا حجرًا حجرًا منذ فجر الاستقلال".

واعتبر بن عبد الله أن بروز قضية "الأساتذة المتعاقدين" والخلاف حول مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار دليل على التخبط والتنازع السياسوي وضعف الجدية.

وقال "حين برزت قضية الأساتذة المتعاقدين، واتخذت  ذلك المنحى الاحتجاجي العارم، لم نلمسْ تضامنا ولا تماسكا حكوميا، ولا تقديرا صحيحا لدقة الوضع، ولا اعتبارا جادا لمصلحة التلميذ، ولا إرادةً جماعيةً في مواجهة الإشكال وتقديم جوابٍ سياسي وعملي بخصوصه"

وتابع "ما شاهدناه فقط هو تسابقٌ محمومٌ بين مَنْ سعى نحو شد الحبل مع هؤلاء الأساتذة في قفزٍ  غير محسوبٍ على الواقع الذي لا يرتفع، وبين مَنِ اختار الانتهازيةَ السياسوية في أبشع صورها، بمحاولة التبني الوهمي للقضية، فقط لإظهار الحكومة أنها ضعيفةٌ وباهتةٌ وعاجزة، متناسيا أنه كان ولا يزال من أشرس المدافعين عن آلية التعاقد التي عارضناها بوضوحٍ كحزب التقدم والاشتراكية منذُ أَنْ تَمَّ عرضُهَا لأول مرة، وقلنا إنها آليةٌ لا تستقيم مع ما تقتضيه استدامةُ المرفق العمومي".

وزاد بن عبد الله موجها انتقاداته للأغلبية الحكومية " عندما تم عَرْضُ مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين للنقاش والمصادقة، غابتْ مرة أخرى الرؤيةُ الموحدةُ لأطرافِ الأغلبية، ولِـــمــُكـــَوِّنَيـــْـــنِ منها بالأساس، وغابتْ معها روحُ تحمل المسؤوليةِ الجماعية وتَوَارَى مبدأُ التضامن، لِيَحُلَّ محله صراعٌ تبسيطي وتسطيحي، حتى لا نقول إنه ذاتي وسياسوي"، معتبرا أن هذا "الصراعٌ اختزل كلَّ فلسفةِ إصلاح منظومتنا التعليمية في مسألةٍ وحيدة، وصِرنا أمام وضعٍ سوريالي يتجاذبه خطابٌ هُوِّيَاتِـــي غارقٌ في المحافَظَة، وخطابٌ مُقابلٌ كأنما يريد أن يضرب بعرض الحائط اللغتين الوطنيتين الدستوريتين، وخاصة العربية".

وشدد بن عبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية يدافع على كون اللغة العربية هي لغة التدريس الأولى إلى جانب الأمازيغية التي يُــنتــظــرُ تفعيلُهَا، وأَنَّ الانفتاحَ على اللغاتِ الحية ليس خيارا دستوريا فقط، وإنما هو أمرٌ حتميُّ بالنسبة لبلدنا، بالنظر إلى ما يتيحه من انفتاحٍ على العالم وعلى العلم والمعرفة والتطور التقني والتكنولوجي".

من جهة أخرى، حذر نبيل بن عبد الله من الانشغال التام بانتخابات 2021 وترك مصالح المواطنين، مشددا على أن يريد استعمال نفس الآليات السابقة من أجل هزم حزب العدالة والتنمية لن يحصد سوى للفشل، وسيكرر تجربة انتخابات سنتي 2015 و2016.

إلى ذلك، دعا حزب التقدم والاشتراكية جميع الفرقاء السياسيين إلى الدخول في حوار وطني حول جميع القضايا التي تهم الوطن والمواطنين.

ودعا أن يكون هذا الحوار شاملا ومفتوحا على كافة المواضيع والقضايا الحيوية التي ترهن حاضر ومستقبل بلدنا في كافة مجالات الشأن العام، بما فيها تلك المتعلقة بالديموقراطية والتعددية السياسية وما يرتبط بهما من آلياتٍ ومقارباتٍ للمنظومة الانتخابية في شموليتها.