أكد حزب التقدم والاشتراكية أن السياق الدولي، الذي يُرخي بظلاله وتأثيراته على بلادنا، سياق صعبٌ تطبعه "الاضطرابات واللايقين والتضخم والركود والنزوع نحو الانغلاق وتصاعد النَّزعات اليمينية والنيو ليبرالية، تؤدي ثمنه، في المقام الأول، الطبقةُ العاملة والكادحون والمستضعفون وعموم الجماهير الشعبية".
واعتبر الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي صدر بمناسبة فاتح ماي أن من المؤشرات المقلقة للأوضاع الاجتماعية، والتي تُـفَـنِّـدُ في الواقع خطابَ الارتياح لدى الحكومة يأتي التدهور الخطير للقدرة الشرائية، والغلاءُ الفاحش والمتواصل لأسعار معظم المواد الاستهلاكية والخدمات، وبلوغ معدلات البطالة أرقاماً قياسية، وتفقيرُ ملايين المنتمين إلى الطبقة المتوسطة، وتسريح عشرات الآلاف من العمال من جرَّاء إفلاس آلاف المقاولات، والهجوم على الحريات النقابية وحقوق العمال، وتدهور ظروف العمل، والميْل نحو تفكيك المرفق العمومي والخدمة العمومية في ميادين حيوية كالماء والكهرباء والصحة والتعليم.
وطالب الحزب الحكومةُ باتخاذ إجراءاتٍ اجتماعية قوية لدعم القدرة الشرائية للمغاربة عموماً والأُجراء تحديداً، والتخلي عن المقاربات المحساباتية الضيقة، وتجنُّبِ الانتصار للوبيات المالية، والتوفيق الخلاق بين التوازنات الماكرو اقتصادية والتوازنات الاجتماعية، وتوفير السيادة الغذائية والطاقية والدوائية، والمكافحة الفعلية للريع والفساد والرشوة وتضارب المصالح.
وحذر الحزب الحكومة من استخدام منطق مُقايضة المكاسب الحالية للأجراء بمحاولة تمرير أيِّ صيغٍ لقانون الإضراب أو لإصلاح منظومة التقاعد يكونُ فيها مساسٌ بالحقوق النقابية للأجراء، أو بقدرتهم الشرائية، أو بوضعياتهم المادية بعد التقاعد، مطالبا إياها بالحرص على تنفيذ الاتفاق الاجتماعي الحالي، وتشجيع المفاوضات والاتفاقيات الجماعية، والنهوض بالحوار الاجتماعي المنتج للحلول قطاعيا وترابيا.
ودعا الحزب الحكومة إلى اتخاذ إجراءاتٍ اجتماعية ملموسة الأثر، كالرفع من قيمة المعاشات، وملاءمة دخل الأجراء مع معدلات التضخم؛ ومراقبة وضبط الأسعار، واستعمال الوسائل التنظيمية والجمركية والضريبية والمداخيل الإضافية من أجل حماية القدرة الشرائية للمغاربة عموماً والأجراء تحديداً، مطالبا في الوقت ذاته الحكومة بتقديم مشروع قانونٍ لتأطير ممارسة الحق الإضراب، استناداً إلى الدستور ووفق مقاربة تشاركية حقيقية، بما يضمن الحريات النقابية للعمال.
وشدد الحزب على أن إصلاح منظومة التقاعد يتعين أن يكون إصلاحاً شاملاً وناجعاً، وألاَّ يكون على حساب المكتسبات والحقوق الاجتماعية والأوضاع المادية للأجراء، مطالبا الحكومة وأرباب العمل إلى تحسين ظروف الشغل في فضاءات العمل، وإلى تعزيز أدوار العمال داخل المقاولة، والتقيُّد التام بقانون الشغل.
ودعا الحزب كذلك الحكومة إلى بلورة مخطط فعال للإنعاش الاقتصادي يقوم على تطوير حقيقي لتصنيعٍ حديث ويَحترمُ البُعد الإيكولوجي، وبإجراء الإصلاحات الضرورية لتقوية النسيج الاقتصادي والمقاولاتي الوطنــي، ولا سيما التحسين الفعلي لمناخ الأعمال، وإعمال دولة القانون في المجال الاقتصادي، والمحاربة الحقيقية لتضارب المصالح وللمنافسة غير المشروعة، وتنقية شروط الولوج إلى الصفقات العمومية، ومعالجة الهشاشة في الشغل والعمل الناقص، والإدماج التحفيزي للقطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، وبلورة مخطط استعجالي للحد من إفلاس المقاولات، ومعالجة العراقيل التي يواجهها الاستثمار المنتج.