شكل موضوع "الجريمة المنظمة لعابرة للقارات" محور المنتدى الأورومتوسطي للعدالة، الذي نظمته، أمس الجمعة، الودادية الحسنية للقضاة، بشراكة مع بيت الصحافة بطنجة، وماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية بكلية الحقوق بطنجة، بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين أكاديميين وخبراء، من المغرب وإسبانيا.
وأكد المشاركون في اللقاء على أن الجريمة المنظمة العابرة للقارات تعد من أخطر صور الإجرام المعاصر وأكثرها تحديا وتهديدا لأمن واستقرار مختلف دول المعمور بما فيها المنطقة الأورومتوسطية، خاصة مع دخول الجريمة المنظمة مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات، وتبييض الأموال والعملة المشفرة والجريمة السيبرانية وتهريب الأسلحة والإرهاب، وظهور صور وأنماط أخرى للجريمة المنظمة العابرة للحدود كالهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
وأجمع المتدخلون على أن هذه الآفة تشكل تهديدا للسلام والأمن، وتؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان، كما تقوض التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية للمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
وأبرز المتدخلون الاستراتيجيات الأمنية المتبعة من طرف المملكة المغربية لمواجهة ومكافحة بالجريمة المنظمة، مستعرضين الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، بمعية الدول التي تتقاسم معها جهود التعاون لمواجهة الجريمة المنظمة.
في هذا السياق أكد محمد رضوان، رئيس الودادية الحسنية للقضاة أن المغرب وإسبانيا يواجهان على غرار دول البحر الأبيض المتوسط مجموعة من المشاكل، وعلى رأسها الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، والتهريب الدولي للمخدرات والعملات، وكذلك الإرهاب.
وأشار إلى أن "الجانب الأمني واللوجيستي يبقى لوحده غير كاف لمواجهة هذا النوع من الجرائم، ما يقتضي تعاونا وتنسيقا دوليين، إن على صعيد الأجهزة الأمنية أو القضائية".
بدوره، سجل أحمد بوحلتيت، رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بطنجة، أن المغرب يعتبر بوابة لأوروبا، والرهان أصبح اليوم هو تعزيز الجهود، في المجال التشريعي والحقوقي والقانوني للتصدي لهذه الظاهرة الإجرامية التي أصبحت تعرف انتشارا واسعا على المستوى العالمي، مبرزا أهمية تسليط الضوء على مختلف الجوانب المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للقارات، والوقوف على أهم الإشكالات والمخاطر ذات الصلة بها، للوصول إلى الحلول والآليات الناجعة للحد من هذا النوع من الجرائم.
من جهته، توقف هشام بوحوص، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة عند تنامي خطر الاتجار بالبشر، وما باتت تشكله من تحديات التي تواجه السياسة الجنائية المعاصرة، مذكرا بالإحصائيات والتقارير الوطنية والدولية التي تشير إلى أن مئات الآلاف من النساء والأطفال والرجال قد دفعتهم الظروف المعيشية السيئة أو الأوضاع السياسية المضطربة في بلدانهم إلى أن يكونوا ضحايا لجرائم الاتجار بالبشر والاستغلال.
وسلط المتحدث ذاته الضوء على المجهودات الكبيرة التي بذلتها المملكة المغربية في السنوات الأخيرة في مجال مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر سواء على مستوى الممارسة الاتفاقية أو المستوى التشريعي والمؤسساتي، والمكافحة التي تتطلب اعتماد سياسة عمومية متكاملة ذات استراتيجية واضحة يكون الزجر أحد آلياتها.
وأبرز أهمية توفير الحماية الضرورية للضحايا من الفئات الهشة خصوصا الأطفال والنساء الذين يتم استغلالهم نظرا لوضعهم الهش أو الضعف أو الاحتياج.
واعتبر أن المكافحة والتصدي لظاهرة الاتجار بالبشر "تبدأ بضرورة اتخاذ إجراءات وقائية قبلية لحماية الفئات الهشة وهذا أمر مرتبط بالسياسة العمومية وهي مسؤولية مفترضة للدولة"، مستحضرا مهمة اللجنة الوطنية في تنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر من أجل وضع سياسة عمومية متكاملة.
يشار إلى أن المنتدى ناقش مجموعة من المحاور من بينها "آليات التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة جرائم الإرهاب"، و"دور رئاسة النيابة العامة في تعزيز التعاون القضائي الدولي لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود"، و "التوجهات التشريعية والتدبيرية لمواجهة الجريمة المنظمة وسبل تطوير أواصر التعاون الدولي لمحاربتها"، و"الاستراتيجية الأمنية لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للقارات"، و"الدوافع الاجتماعية والنفسية للهجرة غير الشرعية وطرق مكافحتها".