لعل الجنرال ماجور سعيد شنقريحة من أكبر المستفيدين من حملة التطهير التي عرفها الجيش الجزائري في السنوات الأخيرة. إذ حملته التحولات التي عرفتها القيادة العسكرية إلى رئاسة القوات البرية في شتنبر 2018، وبعد سنة واحدة وبضعة أشهر يجد نفسه قائدا للأركان بعد رحيل الجنرال قايد صالح. فمن يكون الماسك الجديد بزمام الجيش الجزائري؟
هل هو أكثر انفتاحا من الراحل أحمد قايد صالح؟ أكثر تشددا؟ لا أحد بالجزائر يمتلك ، في الوقت الراهن، الجرأة على القيام بتقييم سياسي للجنرال ماجور سعيد شنقريحة، الذي خلف قايد صالح كرئيس لأركان الجيش الجزائري، هذا المركز البالغ الحساسية في الجارة الشرقية.
في الواقع، ليس شنقريحة العسكري الأعلى رتبة في الجيش الجزائري – صاحب الرتبة الأعلى هو الجنرال دو كور دارمي بنعلي بنعلي، قائد الحرس الجمهوري-
ولكن جرت العادة منذ مدة طويلة بالجارة الشرقية أن قيادة القوات البرية، وهي الأهم حجما، تعبد الطريق إلى رئاسة أركان الجيش الجزائري.
ولا يمثل الجنرال ماجور شنقريحة، وهو من مواليد 1945 بولاية بِسكرة (شرق الجزائر)، أي تغيير في الأجيال داخل القيادة العسكرية، وإن كان أول
رئيس للأركان لم يشارك في صفوف جيش التحرير الوطني، الذي خاض، ما بين 1954 و1962، حربا ضروسا ضد القوات الفرنسية لتحرير الجزائر.
بيد أنه يمكن اعتبار هذا الأمر تغييرا رمزيا داخل جيش عرف في السنوات الثلاث الأخيرة حملة تطهيرية من خلال إبعاد العديد من قاداته السامين، بإحالة
بعضهم على التقاعد ووضع آخرين رهن الإقامة الجبرية بل واعتقال فئة ثالثة بتهم الفساد والاغتناء غير المشروع. كما أن جنرالات كانوا يحتلون مواقع
حساسة قبل ثلاث سنوات فقط، صاروا اليوم في عداد الفارين خارج البلد.
وكان الجنرال ماجور سعيد شنقريحة من المستفيدين من هذه التحولات العميقة، وصبت تداعيات هذه الحملة في صالحه، ليتم تعيينه في شتنبر 2018 فقط على
رأس القوات البرية خلفا للجنرال لحسن طافر، الذي كان قائدا لهذه القوات منذ2004، معوضا في هذا المنصب الجنرال أحمد قايد صالح الذي عهد إليه
الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة برئاسة الأركان آنذاك، بعد أن تخلص من الجنرال القوي محمد العماري.
وبعد تقلده مهام قيادة القوات البرية، وهي تشكل 70% تقريبا من الجيش الجزائري، صار الجنرال شنقريحة فعليا الرجل الثاني في القيادة العسكرية للبلاد،
تبعا لتقليد صار شبه قانون في الجارة الشرقية. فالقوات البرية هي البوابة المفضية إلى رئاسة الأركان، ومنها مر القادة السابقون للأركان: الجنرال خالد
نزار ثم الجنرال محمد العماري، وأخير الجنرال أحمد قايد صالح.
وعلى غرار هذا الأخير، فقد تجاوز الجنرال سعيد شنقريحة، وبكثير، السن القانونية للتقاعد كما ينص عليها القانون الخاص بالعسكريين في الجزائر والذي يحدد هذه السن في 64 عاما لصاحب رتبة جنرال دو كور دارمي، و60 عاما لحامل رتبة جنرال ماجور. ولكن هذا القانون يمنح رئيس الجمهورية حق التمديد للضباط السامين الذين يشغلون مناصب عليا في الجيش.
والجنرال شنقريحة من خريجي المدرسة الحربية بموسكو، وشارك في حرب1973 ضد إسرائيل، على جبهة سيناء ضمن فرقة عسكرية جزائرية.
وقبل أن يمسك بزمام القوات البرية، كان قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة بالجنوب الغربي للجزائر، القريبة من الحدود المغربية.
وهو يتسلم قيادة الجيش في سياق دقيق وحساس جدا بالجارة الشرقية التي تعرف منذ شهر فبراير الماضي مظاهرات متواصلة يطالب من خلالها الجزائريون
بتغيير نظام البلاد الذي يهيمن عليه العسكر من الاستقلال في بداية الستينيات.
بتصرف عن لوموند الفرنسية