شرعت عدد من الوزارات، بتنسيق مع الخزينة العامة للمملكة، والهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، في تنفيذ برنامج ورشات تكوينية، ترمي إلى تدريب المسؤولين العموميين الذين لهم سلطة تدبير إنفاق المال العام، على قيم النزاهة والشفافية، والممارسات الجيدة في تدبير المال العمومي، سيما في مجال الصفقات العمومية، وفق معلومات كشفتها وزارة الصحة، اليوم (الجمعة)، بخصوص ما يتعلق بها في البرنامج.
ويدخل البرنامج في إطار الإستراتيجية الوطنية الرامية لمكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة، ويدخل ضمن فلسفة ربط المسؤولية بالمحاسبة، التي أقرها الدستور، وبدأ تنفيذه بتدريب وتكوين المكونين، أي الأشخاص الذين سيؤهلون من أجل تكليفهم بتدريب وتكوين باقي الموظفين المتدخلين في تدبير النفقات العمومية.
وعلى مستوى وزارة الصحة، ستنظم أول ورشات تلك التكوينات، في 20 و21 نونبر الجاري، بمقر مركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية بالرباط، ويستفيد منها أطر الوزارة المكلفين بتدبير النفقات العمومية، سيما من أجل تعزيز النزاهة في منظومة الصفقات العمومية.
البرنامج الذي تساهم فيه كذلك منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، كشفت وزارة الصحة، أن أول ورشاته الخاصة بتكوين المكونين، تسعى إلى تحقيق أربعة أهداف، هي تملك مبادئ النزاهة والشفافية في تدبير الصفقات العمومية، وتعميق المعرفة الموضوعية بخريطة مخاطر الفساد في مجال الصفقات العمومية، وتقاسم المعايير الدولية والممارسات الفضلى في الوقاية ومحاربة الفساد في مجال الصفقات العمومية، والتعريف بالمستجدات التنظيمية والقانونية ذات الصلة بالموضوع.
يشار إلى أن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تمت المصادقة عليها في 28 دجنبر 2015، بعد مشاورات دامت حوالي سنتين، وتضمنت الإستراتيجية عدة تدابير تشمل عدة قطاعات مع ميزانيات مخصصة للتنفيذ، لكن التنفيذ، ظل متعثرا، بسبب بعض المراسيم القانونية، التي تسعى حكومة سعد الدين العثماني إلى إخراجها، واحد يتعلق بإحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد يرأسها رئيس الحكومة.
ويعد قطاع الصفقات العمومية، الذي جاءت الورشات التكوينية الجديدة للتركيز عليه، من أبرز القطاعات المعنية بانعدام النزاعة والشفافية في المغرب، إذ كشف تقرير لمنظمة الشفافية الدولية (ترانسبارانسي)، من خلال بحث أجرته على 3016 مقاولة في مختلف بلدان العالم، منها 100 مقاولة مغربية تنشط في قطاعات الخدمات والصناعات والصيد البحري والبناء والبنوك، فجاء في النتيجة أن أرباب المقاولات المستجوبة، أكدوا أن قبول المسؤولين بالإدارات العمومية للرشوة يعتبر أمرا شائعا بالمغرب.
المعطيات نفسها، أكدتها دراسة ثانية للمنظمة ذاتها، وأعلنت نتائجها في نهاية شتنبر الماضي، فجاء فيها أن 93 في المائة من المقاولات بالمغرب، تقر بوجود الرشوة في القطاع العام، وبشكل خاص في إدارة الضرائب، مشيرة إلى أن أكثر المجالات التي تنطوي على مخاطر عالية للرشوة، تهم أساسا إصدار الشهادات الضريبية والمراقبة بالنسبة إلى المقاولات.