يلح نورالدين بنسودة، مدير عام الخزينة العامة للمملكة، في هذا الحوار، على ضرورة عقلنة النفقة العمومية في الجماعات الترابية وحسن تدبيرها، حيث في ظل الارتهان للتحويلات الآتية من الدولة، مشددا على الشفافية في الصفقات العمومية وتساوي الفرص وقيمة تقديم الحساب التي يكرسها الدستور.
اهتمت الطبعة الثالثة عشر الدولية المنظمة يومي الجمعة والسبت الأخيرين بالمالية المحلية، ما الذي فرض ذلك الموضوع؟
سبق لنا أن نظمنا في الخزينة العامة للمملكة، خاصة على مستوى وزارة الاقتصاد والمالية، ندوات دولية حول المالية العمومية، منذ 2007، عالجنا خلالها مواضيع الشفافية والقيادة والإصلاحات والدولة الترابية والسيادة والمالية العمومية والسلطة والمالية العمومية والعدالة الاجتماعية والمالية العمومية. وارتأينا، هذا العام مع شركائنا الممثلة في المؤسسة الدولية للمالية العمومية والمجلة للمالية العمومية التي تتمتع بإشعاع دولي، معالجة مسألة المالية المحلية بالمغرب وفرنسا في عالم يتحول.
على الصعيد الدولي، كما تعلمون، إن العولمة والتجارة الإلكترونية والقرارات التي تتخذها الشركات المتعددة الجنسيات كي تستقر في بلد أوعدم الاستقرار به، وقضايا المنافسة الجبائية، يمكن أن تؤثر على المالية العمومية بالمغرب، وبالنتيجة المالية المحلية، لأن هذه الأخيرة ترتهن لمالية الدولة، لأن 88 في المائة من الموارد الجبائية للجماعات الترابية تأتي من الموارد الجبائية للدولة، خاصة عبر تحويل 30 في المائة من إيرادات الضريبة على القيمة المضافة و5 في المائة من إيرادات الضريبة على الشركات و5 من الضريبة.
من هنا يتجلى الارتباط القوي بين مالية الدولة والجماعات الترابية، لذلك يجب الحذر وتدبير المال العام جيدا على مستوى الموارد والنفقات على حد سواء. وهذا يستدعي التوفر على الحكامة، التي تعني البحث عن الأداء (Performance) الجيد وتقديم الحساب، وهي مبادىء دستورية يجب تجسيدها في الممارسة على صعيد الجماعات الترابية.
ما الدور الذي تضطلع به الخزينة العامة للمملكة على هذا المستوى؟
الخزينة تقوم بدور مهم على هذا المستوى، فمادامت تتولى القيام بتحليل التدبير على الصعيد المحلي، تساعد على تحسين الأداء، وبالنظر لتواجد الخزينة العامة على الصعيد الوطني وعلاقاتها مع الوزارات على الصعيد المركزي أو المحلي، فإنها تقدم الدعم، خاصة على مستوى النفقة العمومية والإيرادات العمومية بشكل عام، وأتصور أن أنظمتنا المعلوماتية تتيح تقديم قيمة مضافة على مستوى الحكامة، بالموازاة مع توفير تقارير للدولة والجماعات المحلية، فنحن ننشر نشرة شهرية حول المالية العمومية للدولة، ونشرة حول المالية المحلية، ونشرة حول التنمية البشرية. وهذا مهم بالنسبة لتدبير الدولة.
بالنظر للتقارير التي توفرونها، وتلك التي يصدرها مجلس الحسابات حول الاختلالات في الجماعات المحلية، ما هي الإصلاحات التي يتوجب القيام بها، خاصة أنه يجري الحديث عن تعدد الرسوم والضرائب مثلا؟
هناك تقرير لمجلس الحسابات الذي تحدث عن تطوير الجباية المحلية، وهناك تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة، الذي تناول هذا الجانب. وهناك عمل قام به البروفيسور مشيل بوفيي (خبير المالية العمومية الفرنسي ورئيس المؤسسة الدولية للمالية العمومية)، الذي عمل لفائدة مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية، والمهم هو التوفر على تنظيم جيد للجباية المحلية والانتباه للضغط الجبائي، لأن المهم هو المواطن، ما يقتضي خلق نوع من التناغم بين الأوعية الجبائية وتفادي عدم الانسجام، وترسيخ نوع من التوزيع الجيد بين ما تقتطعه الدولة وما تقتطعه الجماعات الترابية.
تحدثتم، في وقت سابق، عن عقلنة نفقات الدولة في ظل ندرة الموارد المالية، ما تقييمكم لذلك؟
العقلنة تهم مستوى النفقة العمومية، وتحديدا الصفقات العمومية؛ أي ضمان قواعد الشفافية وتساوي الفرص واحترام المنافسة بين جميع المتدخلين، في نفس الوقت، لا يجب التركيز على من يقدم عرضا أقل على الصعيد المالي، بل على ما سينجزه وبالسعر المناسب. وأتصور أن الأدوات تتطور، ووجود مراقبة يقوم بها ممثلو الخزينة على الصعيد الوطني بتنسيق مع وزارة الداخلية، يتيح تحسين تدبير الصفقات العمومية وتقليص آجال الاداء.
ما هو تحليلكم لأداء المالية العمومية، بالنظر لما تنشرونه من بيانات شهرية حولها؟
المالية العمومية تتأثر بما يحدث على الصعيد الدولي والوطني إيجابا أو سلبا، غير أن المهم هو أن نكون جاهزين ومركزين ومنظمين أكثر من أجل تنفيذ ميزانية الدولة والميزانيات المحلية. أتصور أن الإرادة موجودة والموارد البشرية متوفرة، والأهداف محددة، يجب المضي في العقلنة من أجل احترام إرادة المواطنين.
لوحظ ارتفاع ملحوظ للدين الداخلي، هل حان الوقت للخروج للسوق الدولية من أجل الاقتراض، خاصة أن الحكومة تتوقع الحصول على 10 ملايير دولار من تلك السوق هذا العام؟
هذا يدخل ضمن مجال السيد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، الذي يدبر بطريقة أكثر فعالية الوزارة والمالية العمومية بتنسيق مع جميع الوزارات، ونحن ندعم هذه السياسة للتعاون مع جميع الأطراف.
هناك انخفاض للموارد غير الجباية مثل الهبات وأنبوب الغاز. كيف تحللون ذلك؟
هذه تطورات عادية، وكما في كل مقاولة، يقتضي التدبير العمومي بعض التحكيمات ويستدعي تدبيرا جيدا، ونبقى متفائلين كي تتطور الأمور في أفق نهاية العام الجاري.