رائحة تزكم الأنوف، استقبلت بها شوارع وأزقة وسط الدار البيضاء، المارة، اليوم (الخميس)، مصدرها أوحال و"غيس"، خرج من شبكة قنوات الصرف الصحي، بفعل الأمطار العاصفية، ليلة أمس (الأربعاء)، فاختنقت أنفاس الناس، ووطأت أرجلهم مخلفات كريهة. "تيلكيل عربي"، عاين أوضاع الشوارع الرئيسية للبيضاء، وصادف مارين وأرباب مقاهي ومحلات، يشتكون افتتاح أنشطتهم بتعثر، وسط سؤال "أين شركة ليديك؟".
أرصفة شارعي "إبراهيم الروداني"، و"المسيرة"، توحي للزائر الجديد للدار البيضاء، بحالة من الزحف الكبير لطين متسخ، اتخذ الأسود لونا بعد أن لفظت البالوعات نحو الخارج ما فيها من أوحال، فاضحة سوء استعداد السلطات لموسم الشتاء.
وانبعثت من "قيء" البالوعات، روائح نتنة، دفعت العديد من المواطنين إلى تغيير مساراتهم، أو استخدام الكمامات، للعبور إلى الوجهة المقصودة، في الحين الذي استشاطت مواطنة غضبا، قائلة إن "الأمر تجاوز كل الحدود، خصوصا وأن التساقطات المطرية كانت قليلة، ومن غير المعقول أن تسبب في كل هذه الكوارث".
عيسى، صاحب "محلبة"، بشارع "إبراهيم الروداني"، أكد بأنه "دشن يومه بطقس تراجيدي، مرتبط بفصل الشتاء، حيث تفاجأ بالأوحال تغطي بوابة دكانه، ولحسن حظه أنه جاء باكرا، فسارع إلى تنظيف واجهة الدكان، في الصباح الباكر، قبل توافد الزبناء.
عيسى، اشتكى لـ"تيلكيل عربي"، نقصا في توافد الزبناء هذا الصباح، و"عزى ذلك إلى الروائح والأتربة التي لم تفارق الشارع على طوله، منذ الصباح، فكيف سيأتي الزبون وهو يحس بالغثيان مما تراه عيناه أمام المحل من أوساخ".
سعيد، مسير مقهى اشتكى بدوره لـ"تيلكيل عربي"، من استحالة جلوس الزبون في الكراسي الموضوعة أمام المقهى، فـ" الدنيا مرونة، حالين غير باش نقيو الحالة ونتسماو مع الباطرون راحنا حالين"، موضحا بيأس "أنه منذ ليلة البارحة توقعت يوما بلا روسيطة".
سعيد، أضاف أن صاحب المقهى، يملك ثلاث مقاهي أخرى في مناطق مختلفة بالدار البيضاء، كلها تعاني من نفس المشكل، بعد أن غابت الشركة المكلفة بتنظيف ما تسرب عن البالوعات.
صاحب دراجة نارية، في شارع الزقطوني، وجد نفسه يسير بها فوق الأوحال، استشاط غضبا من الانزلاق المتكرر، فصار قائلا "الدار البيضا ولات الدار الكحلة"، وأن الوضع يمكن إسقاطه على شوارع البيضاء كاملة، مبرزا سرواله الذي علقت به بقع سوداء، حاول مسحها، فزادت تمددا.
وأضاف الرجل "أن ما يجري، حالة عادية، مقارنة بالسنوات الماضية، التي كانت تشهد انهيارات للمنازل الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة".
أين "ليديك"؟
"تيلكيل"، حاولت الاتصال بشركة "ليديك"، عدة مرات لاستيقاء رأيها في الواقعة، لكن دون جواب.
وتتكلف شركة "ليديك"، تنفيذا لعقد التدبير المفوض الذي يربكها بجماعة البيضاء، بعميلة تطهير وتنظيف قنوات الصرف الصحي، على امتداد 5300 كيلومترا، ويفترض أن تقوم باستباق حلول موسوم الشتاء، فتنظف مجاري صرف مياه الأمطار ممما تراكم فيها من أتربة ونفايات.
وتفيد المعطيات، أن الشركة الفرنسية، ومن أجل تفادي الواقع الذي استفاق عليه البيضاويون اليوم، ملزمة بصيانة المجاري كل أربعة أشهر، من خلال اشتغالها بالأشكال التقليدية، والحديثة عبر استعمال آلات الضخ.