قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن "المسؤول القضائي اليوم مدعو لفهم واستيعاب دقة المرحلة والتحديات الكبرى التي تعرفها السلطة القضائية بجميع مكوناتها، والانخراط التام بكل جدية وفعالية في كل البرامج التي تروم الرفع من جودة العدالة إلى جانب باقي الفاعلين لتحقيق النجاعة القضائية بمختلف صورها، والتي أضحت أمرا لا مندوحة عنه".
وأضاف الداكي، في الدورة التكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين الجدد، بالمعهد العالي للقضاء، يوم الإثنين 19 دجنبر 2022، صباح اليوم الإثنين، أن "المسؤول القضائي اليوم لم يعد يقتصر عمله فقط على تتبع النشاط القضائي بالمحكمة وتدبير الجلسات فحسب، بل إن دوره أصبح كصاحب المقاولة الذي يضطلع بمهام تدبيرية بالأساس تتطلب منه استحضار معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، والحكامة الجيدة، واتخاد القرارات الصائبة، وامتلاك المهارات اللازمة وإنتاج الآليات والمناهج الكفيلة بالتدبير الأمثل بما ينعكس إيجابا على نجاعة الأداء القضائي، وحسن تدبير الموارد البشرية والمالية المتاحة، وتملك آليات التواصل، وجعل العدالة قريبة من المواطنين، والتشبع بالقيم والأخلاقيات والتقاليد القضائية الراسخة، وتدبير الأزمات وحسم الخلافات بهمة عالية وبتواصل مباشر، مع تكريس مبدأ الباب المفتوح لاستقبال المرتفقين الراغبين في تقديم شكاياتهم أو تظلماتهم إليه".
وأوضح أنه "إذا كانت المهام القضائية على جسامتها، لن تشكل صعوبات كبيرة بالنسبة لكم، اعتباراً لمساركم القضائي وتجربتكم المهنية التي صقلتموها على مدار سنوات، فإن مهام المسؤول القضائي اليوم تقتضي الالمام بمجال واسع ومضطرد التطور، هو مجال الإدارة القضائية الذي يندرج ضمن مجال علم التسيير والتدبير، الذي يتطلب مهارات أخرى ربما لم تسنح الفرصة لأغلبكم لاكتسابها من خلال الممارسة، فمجال الإدارة القضائية يتميز بعلاقات متشابكة داخلياً مع رؤسائكم ومرؤوسيكم، وأيضاً مع باقي منتسبي المهن القانونية والقضائية ومساعدي القضاء، والمجتمع المدني والسلطات المحلية والإعلام، مما يتطلب التحلي بالقيم القضائية، وإجادة تدبير الأزمات وحسم الخلافات، وتملك أساليب الحوار وفضيلة الانصات والتشاور ومد جسور التعاون والتواصل عبر إعطاء النموذج في النزاهة والمصداقية".
وأوضح أنه "كما يتطلب الأمر مواكبة آليات التدبير الحديثة، لاسيما التوفر على برنامج عمل واضح يجسد تطلعات المسؤول القضائي وما يطمح لتحقيقه في محكمته وفق برامج قابلة للقياس، وهذا ما يحتم عليه تتبع تنفيذ برنامج العمل عبر وضع لوحة قيادة تتضمن المهام المحددة وآليات التنفيذ وآجاله، وأيضاً مؤشرات واضحة تمكن من قياس مستوى الأداء، والمتابعة المستمرة للنتائج المحققة من الأهداف، وتقييم أداء جميع المرؤوسين، كما تتيح تقييم المشاريع بشكل مستمر، والتأكد من فعاليتها وفعالية الأهداف المراد الوصول إليها".