قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، خلال المؤتمر الإقليمي الذي ينظمه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بشراكة مع مكتب "اليونسكو" بالمغرب، حول دور القضاة في تعزيز حرية التعبير في المنطقة العربية، من 7 إلى 9 يونيو، بالرباط، إن "تعزيز دور القضاء في تحسين وتطوير حرية التعبير في المنطقة العربية أصبح مسألة استراتيجية، في ظل مناخ عالمي موسوم بطابع حماية الحقوق والحريات".
وتابع الداكي أنّ "ما يزيد الأمر أهمية هو أن المنطقة العربية كانت ولا تزال محط العديد من التقارير الدولية التي تناولت وضعية حقوق الإنسان عموما، وحرية التعبير على وجه التحديد؛ وهو الأمر الذي يجعلنا نفكر عميقا في الأدوار التي يجب على القضاء أن يتولى القيام بها، من أجل المساهمة في تنزيل السياسات العمومية المتعلقة بتعزيز الحريات، في مقدمتها حرية التعبير".
وأضاف: "لا يخفى عليكم أن النيابة العامة باعتبارها مكونا هاما من مكونات السلطة القضائية، تجد نفسها في صلب هذا النقاش؛ إذ أنها تعتبر الواجهة الأمامية في تدبير الشأن الحقوقي على المستوى القضائي"، مشيرا إلى أن "ما تملكه النيابة العامة من آليات ووسائل يجعلها تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا المجال، باعتبارها ضامنا أساسيا لممارسة الحقوق والحريات من منطلق دورها في تنفيذ السياسة الجنائية".
وفي هذا الإطار، اعتبر الداكي أن "موضوع حماية الحريات من بين الاهتمامات الأساسية للسياسة الجنائية، وهو ما تؤكده العديد من الدوريات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في هذا الصدد، والتي حثت قضاة النيابة العامة على ضرورة التصدي للانتهاكات الماسة بالحقوق والحريات، بكل حزم وصرامة، والأمر بإجراء التحريات والأبحاث بشأنها، واستعمال السلطات التي يخولها لهم القانون، من أجل صيانة تلك الحريات وعدم المساس بها".
وأكّد أن "التجربة المغربية في مجال دعم مقومات ممارسة حرية التعبير تعتبر تجربة رائدة يحتذى بها في العديد من المحافل الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار، صدر بتاريخ 10/08/2016، قانون جديد للصحافة والنشر هو القانون رقم 13.88، والذي يشكل طفرة نوعية في مجال تعزيز حرية التعبير، من خلال تكريسه لحرية إصدار الصحف والطباعة والنشر وضمان الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومة من مختلف مصادرها، بالإضافة إلى إلغاء جميع العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للصحفيين الذين يشتبه في ارتكابهم لأفعال مخالفة لقانون الصحافة، وهو ما شكل قفزة نوعية في مجال دعم حرية التعبير والنشر بالمغرب".
وتابع أنه "ومواكبة من رئاسة النيابة العامة لهذه المقتضيات التشريعية، فقد وجهت منشورا تحت عدد 6 س، بتاريخ 12 يناير 2018، تطلب فيه من قضاة النيابة العامة بمحاكم المملكة تسهيل عملية الملاءمة مع أحكام القانون الجديد، وتقديم المساعدة اللازمة للصحفيين، ليتسنى نجاح هذه الفترة الانتقالية".
ووفق نفس المصدر، بادرت النيابة العامة، بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى وضع برنامج غير مسبوق خاص بالتكوين في مجال حقوق الإنسان يستهدف تعزيز قدرات القضاة في مجال تملك المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنبثقة عن الاتفاقيات الأساسية التي صادقت عليها المملكة.
وأوضح الداكي أن هذا البرنامج انصبّ على عدة محاور همت بالأساس الحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير، بالإضافة إلى الإطار المؤسساتي الوطني لحماية حقوق الإنسان، وفي مقدمة ذلك، دور القضاء في مجال حماية الحقوق والحريات.
كما شدّد على أنه "لا عبرة لحق أو حرية ما لم يوجد قانون يضمنها ومؤسسات تحميها، وهذا ما جعل الفقه القانوني يبادر منذ القرن 12، إلى تسمية القضاة بـ"الحراس الطبيعيين لحقوق الأفراد وحرياتهم"، وذلك إيمانا منه بالدور الأساسي الذي يقوم به القضاء في حماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات".