قال مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، اليوم الإثنين، إنه "لا يخفى عليكم أن بلادنا اتجهت منذ أمد بعيد نحو إرساء قواعد قانونية تهدف إلى توفير حماية خاصة لحقوق وحريات الأفراد، ولازالت تعمل على تطوير منظومتها القانونية بما يساعد على الرفع من الآليات التي تعززها، وفق ما يتلاءم والمعايير والاتفاقيات الدولية الآنف ذكرها التي تمت المصادقة عليها".
وأضاف بمناسبة اللقاء الرفيع المستوى والأيام الدراسية التنسيقية حول موضوع: "آلية تمويل الدولة لتغدية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والاحداث المحتفظ بهم من قبل مصالح الأمن الوطني"، برحاب المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، إنه "مسايرة لهذا التوجه فإنه واعتبارا إلى أن الأشخاص المحرومين من الحرية يتواجدون في فضاءات مغلقة، فقد خصهم المشرع المغربي بعناية خاصة، من خلال سن مجموعة من القواعد القانونية التي تتضمن مقتضيات تروم مراعاة حريتهم وحقوقهم وعدم المساس بها تحت أي ظرف إلا وفق الإجراءات والتدابير المنظمة بموجب القوانين الجاري بها العمل. وقد تجسد ذلك بوضوح من خلال دستور المملكة لسنة 2011، وكذا قانون المسطرة الجنائية النافذ حاليا".
وتابع: "في هذا الإطار نسجل بارتياح كبير الانخراط الجاد والمسؤول لمصالح الشرطة القضائية على مختلف أصنافها في التفعيل الأمثل للمقتضيات القانونية التي تعنى بتنظيم الحقوق المكفولة للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، أو الأحداث المحتفظ بهم، ولقد كان ذلك ثمرة للمجهودات الجبارة التي تم القيام بها من طرف السيد المدير العام للأمن الوطني، مما جعل بلادنا تنال ثناء وإشادة من طرف العديد من الهيئات الدولية والإقليمية".
وأوضح أنه "لئن كانت أحكام المادة 45 من قانون المسطرة الجنائية قد ألزمت النيابات العامة بزيارة الأماكن المخصصة للوضع تحت تدابير الحراسة النظرية أو الاحتفاظ مرتين في الشهر على الأقل، فإنها تجاوزت ذلك بحسب ما تظهره الإحصائيات المحالة على رئاسة النيابة العامة من طرفها والتي نتابع عملها بهذا الخصوص باستمرار ، حيث بلغت هذه الزيارات خلال سنة 2018 ما مجموعه (19249) زيارة من أصل (18528) زيارة مفترضة قانونا، وخلال سنة 2019 بلغ العدد (22540) زيارة من أصل (18528) زيارة مفترضة قانونا، وخلال سنة 2020 تم تسجيل (18961) زيارة من أصل (19056) زيارة مفترضة قانونا، أما خلال سنة 2021 فقد ارتفع العدد إلى (24626) زيارة من أصل (19152) زيارة مفترضة قانونا".
وأبرز أنه "من منطلق السعي إلى تكريس كل هذه الحقوق، فقد حرصت بلادنا على توفير كل الضمانات الممكنة التي من شأنها صون كرامة الأشخاص المحرومين من الحرية من الرشداء والأحداث، تماشيا مع تنفيذ التزاماتها الدولية باتخاذ كافة الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية الكفيلة بأنسنة الوضع تحت الحراسة النظرية والإحتفاظ بالأحداث بالأماكن المخصصة للإيداع، حيث تعزز ذلك بسن المشرع للقانون رقم 18.89 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.45 بتاريخ 4 رجب 1440 (11 مارس 2019) والذي بموجبه تم تغيير وتتميم المادتين 66 و460 من قانون المسطرة الجنائية، والتي بمقتضاها أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم".
وأشار إلى أن "المبادئ الأساسية التي أقرها هذا المرسوم تمكين الأشخاص المحروسين نظريا والأحداث المحتفظ بهم من وجبات غذائية يراعى فيها وضعهم الصحي، إلى حين انتهاء فترة الوضع تحت تدبير الحراسة النظرية او رفعها، وتتحمل الدولة تكاليف هذه الوجبات ممثلة في السلطات والإدارات المخول لها ذلك قانونا. وأتاح بصفة استثنائية للموضوعين تحت تدبير الحراسة النظرية أو الأحداث المحتفظ بهم الحصول على وجبات غذائية على نفقتهم الشخصية شريطة تعذر تقديمها من طرف مصالح الشرطة القضائية المعنية وأن يتم ذلك في حدود ما هو مسموح به وتحت رقابة عون او ضابط الشرطة القضائية ( المادتان 2 و 4 من المرسوم ). ومن خصائص المرسوم كذلك منح الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية أو الأحداث الذين يتم الاحتفاظ بهم صلاحية رفض التغذية المقدمة إليهم وفي هذه الحالة يتعين على ضابط الشرطة القضائية تضمين ذلك في السجل المعد للحراسة النظرية أو الاحتفاظ مع إشعار النيابة العامة المختصة فورا ( المادة 3 من المرسوم )".
وذكر أن المرسوم أحال "بخصوص تحديد قواعد نظام تغذية الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم، وكيفيات تقديم الوجبات الغذائية لهم على صدور نص تنظيمي، وهو ما سعى إليه وزير العدل مشكورا مؤخرا من خلال إعداد المرسوم رقم 2.22.222 المؤرخ في 06 ماي 2022 والذي خضع قبل اعتماده لمناقشات من طرف ممثلي رئاسة النيابة العامة ووزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وإدارة الدفاع الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وقيادة الدرك الملكي والخزينة العامة للمملكة. والذي تم نشره كما سلف الذكر بالجريدة الرسمية عدد 7092 وتاريخ 19/05/2022 كما سلف ذكره".
وشدد على أن "اعتماد هذا المرسوم تكون بلادنا قد تبنت خيارا تشريعيا متقدما، مقارنة مع بعض التشريعات المقارنة والتي نظمت قوانينها الإجرائية الحق في التغذية أثناء الوضع رهن الحراسة النظرية دون التفصيل في كيفية تفعيل هذا الحق، وتُرك الأمر للنصوص التنظيمية أو الدوريات الصادرة عن الجهات المشرفة على هذه العملية، والتي اقتصرت على وضع الشروط الواجب توفرها لتفعيل هذا الحق، دون توضيح كيفية تدبير الشق المتعلق بالميزانية المخصصة لتغذية المحروسين نظريا، ومن ذلك القانون الفرنسي رقم 516-2000 الصادر بتاريخ 15/06/2000".
وأكد الداكي أن "اعتماد المرسوم المنظم لتغذية الأشخاص المحروسين نظريا أو الأحداث المحتفظ بهم، خطوة جد هامة في سبيل تعزيز قيم حقوق الإنسان، كما أنه سيمكن المحتفظ بهم والقائمين عليهم من تجاوز الصعوبات التي كانت تطرح سابقا، حيث كانت تدبر مسألة تغذية الأشخاص الموقوفين على مدار عقود طويلة من طرف أسرهم أو على نفقتهم الشخصية، بل الأكثر من ذلك أن ضباط الشرطة القضائية كانوا يتحملون بصفة شخصية توفير وجبات غذائية لهؤلاء من مالهم الخاص، انسجاما مع حسهم الإنساني النبيل، وبغض النظر عما قد يترتب عن ذلك من أحداث ووقائع سلبية ومخاطر صحية والتزامات مضافة على عاتقهم".
ونبه إلى أن "أهمية هذا التنظيم القانوني لا تمنع من الحديث عن الإكراهات والإشكالات التي يمكن أن تبرز حين تنزيل بنوده، لا سيما من حيث تصنيف عدد الوجبات، ونوعها، والمكلف بتقديمها وتوقيتها، خاصة بالنسبة لمن اتخذ قرار وضعه رهن تدبير الحراسة النظرية أو الاحتفاظ في ساعات متأخرة من الليل، فضلا عن كيفية التعامل مع الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والذين يتبعون نظاما غذائيا خاصا، وما إلى ذلك من الصعوبات، هذا مع استحضار عدد الأشخاص المحروسين نظريا والذي يسجل أرقاما مرتفعة، حيث بلغ خلال سنة 2019 (477280) محروسا نظريا وفي سنة 2020 بلغ (511338) محروسا نظريا ، فيما انخفض هذا العدد سنة 2021 إلى (395832) محروسا نظريا. بينما وصل عدد الأحداث المحتفظ بهم خلال سنة 2019 (19941) حدثا، وخلال سنة 2020 (14614) حدثا ، فيما بلغ سنة 2021 ( 15726) حدثا".