مع تطور التكنولوجيا، برزت في السنوات الأخيرة أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على كتابة الشعر، وتحليل النصوص الأدبية، وترجمة القصائد، بل حتى تأليف الموسيقى. يفتح هذا التطور الباب أمام إمكانيات جديدة لمستقبل الشعر، ويطرح أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الإبداع البشري والتكنولوجيا.
في هذا الصدد، قال الشاعر الحسين نكور، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، إن "الاحتفاء باليوم العالمي للشعر والذي يصادف اليوم الواحد والعشرين من شهر مارس من كل سنة، يشكل مناسبة مهمة ولحظة فارقة لطرح أسئلة دقيقة حول القضايا الراهنة المرتبطة بالشعر".
وأضاف أنه "لعل أكثر هذه القضايا أهمية هو مقاربة النقاش الرائج حول العلاقة الرابطة بين الشعر باعتباره فنا تعبيريا إنسانيا والذكاء الاصطناعي باعتباره ثورة مستدامة في مجال تكنولوجيا المعلومات. هذا الذكاء الاصطناعي الذي يمكن تعريفه أنه نظام في مجال علوم الكمبيوتر يهدف إلى جعل الآلة قادرة على حل مشكلات معقدة ترتبط عادة بالذكاء البشري".
وأوضح أن "الذكاء الاصطناعي استطاع التوغل في العديد من الميادين والمجالات بنجاح، لكن انتشاره وتبلوره الدائمان يطرحان السؤال: هل سيغزو الذكاء الاصطناعي مجال الشعر؟ وهل يمكن للآلة الجامدة، بتقنياتها المتقدمة، أن تصبح بديلا للتعبير الإنساني؟ وهل يستطيع الشعر التكيف مع الأنظمة المعلوماتية الجديدة بعد نجاح القصيدة الرقمية خاصة أو الأدب الرقمي عامة في فرض ذاته إبداعا ونقدا؟".
وتابع: "يعتقد البعض، استحضارا لأسطورة فيان بوريس "الإنسان الآلي الشاعر" في مؤلفه "الشاعر الآلي لا يخيفنا"، أن للذكاء الاصطناعي قدرة هائلة على أن يعوض الشاعر، أو أن يكون بديلا له في إقصاء تام للبعد الإنساني في الإبداع الشعري. يتخيلون في المستقبل القريب تطبيقات ومواقع تكتب نصا شعريا في ثوان معدودة على إيقاع معين وفي تيمة معينة وفي غرض شعري معين".
وأشار إلى أن "التجارب الشعرية خاصة التي عاصرت عصر الرقمنة الحالي أثبتت العكس، كون الذكاء الاصطناعي مهما بلغ من التطور لا يمكن أبدا أن يكون بديلا للشعر أو قادرا على فهم مشاعر النفس الإنسانية والتعبير عن مشاعر الذات الشاعرة. فالشعر كفن يشكل إنتاجا إنسانيا محضا متشبعا بالعواطف والأحاسيس والمشاعر الإنسانية التي لا يمكن لأي شيء أن يعوضها أو أن يفتعلها، خاصة مع جمود الآلة العاطفي في تفاعلها مع النص، فإذا كان الشعر غداء الروح وقوت القلوب فإن العواطف والمشاعر هي روح وجوهر الإبداع الشعري".
ولفت إلى أنه "في سياق التوافق، يقترح البعض أن يعمل الذكاء الاصطناعي على تقريب شعر الإنسان من المتلقي، أو أن يتعاون مع الإنسان في الكتابة الشعرية كمصدر إلهام، حيث يعتبر الإلهام لحظة سمو بالذهن والروح تسبق لحظة الكتابة. لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أبدا أن يعوض الشاعر أو أن يكتب شعرا، وإلا فإن ما سينتجه لا يعدو كونه نصا بلا روح".