بعدما قررت المملكة تقنين زراعته، صاغ الملك محمد السادس يوم الاثنين 19 غشت 2024 سطرا تاريخيا جديدا، بإصدار عفو إنساني استثنائي تجاه فئات واسعة تمت إدانتها أو متابعتها أو البحث عنها في قضايا مرتبطة بزراعة "القنب الهندي" (الكيف).
بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لهذه السنة، أصدر الملك محمد السادس عفوا عن مجموعة من الأشخاص، منهم المعتقلون ومنهم الموجودون في حالة سراح، المحكوم عليهم من طرف مختلف محاكم المملكة وعددهم 685 شخصا. كما أصدر الملك عفوا عن 4831 شخصا، المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو.
في هذا الصدد، قال وزير الدولة السابق، مصطفى الرميد، إنه "بعد كل عفو ملكي كريم، يثور نقاش، وتدبج تعليقات، وتلقى خطب، حول العفو من حيث دوافعه وأسبابه، وغير ذلك مما يتصل به".
وأضاف في تدوينة له: "أولا، إن الأحكام القضائية حينما تصبح نهائية على إثر استيفاء من يهمه أمرها كافة درجات التقاضي، فإنها تعتبر عنوان الحقيقة الدنيوية، بما فيها الحقيقة المؤسساتية، وتبقى الحقيقة المطلقة عند الله تعالى، ولهذا قال النبي (ص): إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون أحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار، فليأخذها أو يذرها، لذلك لا فائدة في المجادلة في ما نطقت به الأحكام حسب ظاهر الأمر، ولا خير في اجترار أحداث صدر بشأنها العفو".
وأوضح أن "الملك محمد السادس حينما يقرر العفو لأحد، فإنما يقرره رأفة ورحمة، وتكرما وإحسانا، وبهذا المعنى تنطق عادة البلاغات التي تصدر بالمناسبة، ولذلك لا يعقل، كما لا يقبل، أن يفسر العفو الملكي في أي مناسبة إلا بما تم الإعلان عنه، دون تأويل فج، أو تفسير سيئ".
وتابع: "ثالثا، إن الله تعالى أمرنا بقوله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)، ولذلك فالخيرون يقابلون الخير بالخير، ولربما بما هو أكثر، وليس لهم إلا ذاك، وقد صدق الشاعر إذ قال: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا".
وشدد على أن "الواجب على كل من حظي بالعفو الكريم، أن يقابله بالشكر والامتنان، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله".
وأكد أنه "لا يستقيم في هذا السياق التبجح بعدم طلب العفو أو ما شابه، وكأن العفو عمن طلبه رذيلة، وعكس ذلك فضيلة، والثابت أن هناك من لم يطلبه شخصيا، ولكن قريبا أو ربما أكثر، قد طلبوه رأفة به وعطفا عليه، وحتى إذا لم يكن شيء من ذلك، فإن من لم يطلب العفو وناله، أولى به أن يكون أكثر شكرا وعرفانا ممن طلبه، هذا من صميم سمو الأخلاق وحسن التصرف".
وأبرز في النقطة الرابعة، أن "العفو الملكي حينما يشمل بعض الأشخاص الذين لهم حيثيات سياسية أو إعلامية وغيرها، فيقابلون هذه الالتفاتة الملكية الكريمة بالقول الحسن والثناء الواجب، فإنهم يشجعون الدولة على مزيد من الالتفات إلى غيرهم ممن تكون لهم حيثيات مشابهة أو قريبة، أما حينما يكون رد الفعل على خلاف ذلك، فإنهم يؤخرون ذلك وربما يعرقلونه، وتكون أنانيتهم سببا في تأجيل نيل غيرهم ما نالوه ونعموا به من عفو، فيكونون كمن تفتح له أبواب السجون، فيغلقها وراءه على من سواه".
وأشار إلى أن "هذه مساهمة متواضعة أردتها أن تكون تعقيبا عاما على ما سمعت وقرأت، خاصة في سياق العفو الملكي عن بعض النشطاء والصحافيين".