وضع المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، نفسه في موقف حرج، عندما وصف، جوابا عن سؤال صحفي، على هامش ندوة حول ''الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال إفريقيا''، المثليين الجنسيين بـ ''الأوساخ''. الوزير حاول التخفيف من وقع تصريحاته عندما قال على الفايسبوك إنه لم يقصد الأشخاص، الذين هم قلة، بل الأفعال، معتبرا أن الفعل يعافه الذوق، داعيا خصومه إلى أن يحتكموا معه إلى الدستور.
موقف الرميد لم يمر دون أن يخلف ردود فعل قوية ، غاضبة وشاجبة. خديجة الرياضي، رئيسة التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، علقت على تصريحات الرميد بالقول ''إنه موقف متخلف جدا، والرجل لا يقبل الاختلاف''، مبرزة أنها لا تنتظر منه شيئا غير ما صرح به، معتبرة أن تصريحه، بالنسبة إليها، غير مفاجئ ومتوقع.
الرياضي أضافت، في تصريح لـ ''تيلكيل عربي''، أن الرميد هاجم، في أوقات سابقة، فئات عديدة من المجتمع المغربي؛ نساء، ومناضلات، وشباب يهوون نوعا معينا من الموسيقى، وصفهم الوزير بـ ''عبدة الشيطان''، وشتمهم، وسبهم، وأساء إليهم . الحاصلة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في سنة 2013، اعتبرت أن الرميد لديه تصور خاص به للشخص والمجتمع، ويرى أن كل تصور مختلف عن الذي يتبناه خاطئ.
الرياضي ترى أن النقاش حول ''المثليين الجنسيين'' تم تجاوزه في المجتمعات الأجنبية، معتبرة أن هؤلاء لديهم هوية جنسية معينة لا يمكن تجريدهم منها، موضحة ''الناس كما يختلفون في لونهم، ودينهم، وغيرها من الأمور الأخرى، فهم يختلفون، كذلك، في هوياتهم الجنسية''.
وختمت الرياضي تصريحها مبرزة أن مثل هذه التصريحات تعبر عن التخلف في مجتمعنا المغربي، مشيرة إلى أن هذا النقاش تم تجاوزه حتَّى في الدول الإسلامية، مبينة أن الحكومات في المغرب تنكر التجاوزات التي تشهدها بلادنا في مجال حقوق الإنسان، مستدلة على كلامها بالقول ''معتقلو حراك الريف عنفوا، والرميد أفاد أن لا علم له بذلك''.
من جهته، قال أحمد عصيد، ناشط أمازيغي، إن تصريح الرميد لا يقبل صدوره عن شخص عادي، فما بالك بوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. وأضاف عصيد، في تصريح لـ ''تيلكيل عربي''، أنه ومنذ تعيين الحكومة الحالية، فإن وضع الرميد في منصب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، هو بمثابة انتقام من حقوق الإنسان في المغرب، ومن الحقوقيين المغاربة، ومن الرميد شخصيا، باعتباره، حسب عصيد، لم يكن يريد أن يكلف بترأس هذه الوزارة، مردفا ''الرميد من أكبر المعادين لحقوق الإنسان في بلادنا، وتعيينه في المنصب المذكور مهزلة''.
الناشط الأمازيغي بَيَّنَ أن تصريح الرميد يدل على أنه لا ينتمي إلى عصرنا، وأنه لا علاقة له بالمرجعية الحقوقية التي يتبناها الدستور المغربي الحالي، الذي يعتبر حقوق الإنسان كلًّا غير قابل للتجزيء.
عصيد أبرز أن المثليين الجنسيين المغاربة فيهم رجال أعمال، وموظفون، وسياسيون، وحرفيون، الخ، موضحا أنهم مواطنون مغاربة يعملون في مختلف القطاعات، ولا يختلفون عن الرميد أو غيره إلا في هويتهم الجنسية، معتبرا أن هذه الأخيرة حق مرتبط بحيواتهم الخاصة.
نفس المتحدث دعا، في تصريحه، مختلف الفاعلين الحقوقيين والديمقراطيين في المغرب إلى التحرك، والضغط على الدولة، من أجل احترام حقوق الإنسان، ومحاسبة ومعاقبة أي مسؤول تصدر عنه تصريحات تمس بمضمون الدستور المغربي وبحقوق الإنسان. كما دعا الدولة إلى القيام بحملة للتوعية بحقوق الإنسان، وإلى استعمال المرجعية الحقوقية والعلمية، لكي تفسر للناس معنى كلمة ''المثلي''، منهيا تصريحه بالقول ''الرميد ينظر إلى المثليين الجنسيين كما نظر إليهم عرب الجزيرة العربية قبل 1400 سنة من الآن''.
''تصريحات الرميد حول المثليين الجنسيين مشينة''، كان هذا تعليق عزيز إيدامين، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي كان، أيضا، من ضمن الحقوقيين الذين أدلوا برأيهم لـ ''تيل كيل عربي'' حول تصرح الرميد. إيدامين اعتبر أن التصريح الذي صدر عن الوزير المذكور، يمكن تقبله من مواطن أو مسؤول عادي، في حين لا يمكن تقبله من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. وقال إن الوزير يجب أن يكون متشبعا بمرجعية حقوق الإنسان بشموليتها وكونيتها، مبرزا أن الرميد شخص بعيد كل البعد عن مجال حقوق الإنسان.
نفس المصدر أفاد أن وزراء حقوق الإنسان في العالم لديهم مرجعيات كونية، في حين أن الرميد يفسر حقوق الإنسان من خلال قراءة ضيقة للدين الإسلامي، مردفا ''الرميد وزير دولة مكلف بحقوق الإنسان خاص بجميع المغاربة، وليس بتيار سياسي معين''.
وفيما يتعلق بمشاركة الرميد في الدورة الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، في الـ 21 من شتنبر الماضي، قال إيدامين، الذي شارك في الحدث الدولي المذكور، إن الرميد لم يرد على الأسئلة التي وجهت إليه بخصوص المثليين الجنسيين، مضيفا أن المغرب، رفض من خلال الرميد، 44 توصية قدمت إليه في نفس التظاهرة، بحيث اعتبرها الوزير متعلقة بالحريات الفردية، والمساواة بين الجنسين، في حين أن بعضها تعلق بعقوبة الإعدام، ونظام المحكمة الجنائية الدولية، وغيرها من الأمور الأخرى، حسب إيدامين.
إيدامين أوضح أن الرميد، رغم قضائه حوالي ست سنوات في العمل الحكومي، لا يزال يشتغل بمنطق الجماعة والحزب الإسلامي، مبينا أن هناك وكالات دولية وسفارات، ذكر منها السفارة الأمريكية في المغرب، تنطلق من مثل تصريحات الرميد، لإعداد تقاريرها حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب.