فكك كل من الوزير مصطفى الرميد والوزير أحمد التوفيق، خلال ندوة نظمت اليوم الأربعاء بالرباط، منابع خطاب الكراهية وما يشكله من خطر على الأمن والاستقرار العالميين. وتحدث المتدخلان، عن كون الكراهية درجة من درجات العنف، وطالبا بضرورة مشاركة رجال الدين لنزع بذور الكراهية، كما تطرقا للخطة التي يمكن اعتمادها، قصد حظر الدعوة للكراهية، سواء كانت قومية أو عنصرية أو دينية.
قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إن منع التحريض على العنف والجرائم الوحشية، يتطلب تكاتفا وتعاونا متواصلا، من جانب القادة الدينيين في العالم أجمع، وذلك من أجل نزع بذور الكراهية وتشجيع التسامح والتعايش بين الأديان، باعتبار أن الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين يشكل أولوية، تستحق أن يشارك فيها القادة الدينيون بدور بارز.
بدوره، أفاد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في مداخلة له في نفس الندوة، أن الكراهية تمثل درجات من العنف، وهي، حسبه، ناتجة عن المصالح، وتحاول تجاوز حقيقتها بإضفاء طابع متعال، سواء بالتسميات أو التبريرات.
وأضاف الرميد، في مداخلة له في ندوة دولية بمناسبة الذكرى الخامسة لخطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية، أو العنصرية، أو الدينية، التي عقدت بفندق صومعة حسان بالرباط، أن القادة الدينيون يجب أن يبتعدوا عن الاستعمال المفرط للدين لشرعنة العنف، مبرزا أن التعاون الدولي في مجال القضاء على مصادر التحريض على الكراهية، والعنف، والجرائم الوحشية، من ضمن الآليات الفعالة التي يجب استثمارها.
وأبرز الرميد أن الموضوع المناقش في الندوة يعد معقدا ومركبا، إذ يتداخل فيه، حسبه، السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتربوي، في ظل عالم يعاني من انتشار ازدراء الأديان والثقافات، حسب الرميد الذي أضاف أن هذا العالم تتعرض فيه القيم الإنسانية لمخاطر التشويه، والتحريف، والتبخيس، بسبب شيوع أفكار التطرف والعنف.
وأوضع المتحدث نفسه أن خطة الرباط (الرباط+5) قد أقرت مسؤولية جماعية، بالنسبة للمكلفين بإنفاذ القانون، ورجال الدين، ووسائل الإعلام، والأفراد، فيما يخص التحسيس والارتقاء بالوعي المجتمعي، وبقيم التسامح، والاحترام المتبادل، والحوار بين الثقافات، والتحسيس، أيضا، بدور التربية على التعددية في الوقاية من الحث على الكراهية، وعدم التسامح، والصور النمطية السلبية، إلى جانب التمييز على أسس وطنية، أو إثنية، أو دينية، أو عقائدية، إضافة إلى مسؤوليتهم في إثراء الانسجام الاجتماعي بين كل فئات المجتمع، بما في ذلك الأقليات، والمهاجرين، والفئات الضعيفة أو المحرومة، وذلك، حسب الرميد، من خلال المبادرات القائمة على الدين والمعتقد، سواء كانت لهيئات دينية، أو حكومية، أو مجتمعية، حسب المتحدث ذاته.
وذكر الرميد، في الندوة نفسها، بالمقاربة الوطنية التي اعتمدها المغرب لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، ومناهضة التحريض على الكراهية، مبرزا أنها ترتكز على الاندماجية والانسجام، وتنبني على تكامل أربع مرتكزات أساسية، وهي، حسب الرميد، ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، واعتماد سياسة محاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية، وإعادة هيكلة الحقل الديني، فضلا عن تقوية الحكامة الأمنية.
وشدد الرميد على ضرورة مشاركة كل الفاعلين المعنيين، في المجهودات الرامية إلى جعل العالم ينعم بالتعايش، والأمن، والسلم، بين كل الديانات، والحضارات، والثقافات، وذلك، وفق المتدخل، في إطار من التضامن، والتعاون، والتسامح، والتعدد، والحوار.
في السياق، اعتبر التوفيق أنه لا شك أن الأديان، نظرا لفكرتها وجوهرها في المثالية، هي الخزان الذي يُلجأ إليه لاختلاق تلك التبريرات والتسميات، مبرزا أن الحقيقة لا يجوز أن تنطلي على أي أحد، إذ لا يخفى، وفقه، أن الأديان كلها جاءت بنقيض الكراهية ونقيض العنف، لإرساء المحبة والسلام، مبينا أن هذا الاقتناع يقتضي تبرئة الأديان واتهام أدعياء التدين من البشر، في سياقات تاريخية معينة تتعدد فيها المسؤوليات، وتستحق التحليل بدل الجرأة في اتهام الأديان.
وأوضح التوفيق أن انهزام التجارب الأولى للإرهاب المرصوص، قد تتبعه أنماط من الإرهاب المبثوث، يتعين، حسب التوفيق، التعايش معها بثبات وصرامة، مبرزا أن الالتباس الأخطر يكمن في الاختزال المغرض لفهم هذه الظاهرة المعقدة، بنسبتها إلى الدين الإسلامي الذي جاء، حسب المتدخل، لإفشاء السلام.