الرميد و"ترانسبرانسي" يتفقان على استشراء"الإثراء غير المشروع" بالمغرب

الشرقي الحرش

دقت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ناقوس الخطر بخصوص حجم الفساد المستشري في المغرب، بحسبها، ووصفت مجهودات المغرب في محاربته، بأنه "يقوم بإعلان النوايا فقط". وصفٌ اعتبره مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، أنه "غير دقيق"، لكنه أقر بوجود "الاثراء غير المشروع في المغرب"، وحمل الرميد البرلمان "مسؤولية عدم اخراج قانون يجرمه".

واعتبرت "ترانسبرانسي" في بيان صحفي أصدرته اليوم الجمعة، بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لتأسيسها، أن "المغرب يعاني من فساد نسقي ومزمن"، مشيرة إلى أن "التطورات الراهنة لا تسمح بإمكانية حدوث تقدم ملحوظ دون تغيير في مواقف السلطات العمومية".

وأضافت الهيئة، أن "السلطات بعدما كانت تنكر استفحال الظاهرة، أصبحت تقر بها وتبادر لإعلان النوايا لاحتوائها، ولكنها لاتزال تتجنب اتخاذ أية خطوات حاسمة وقوية ومتقاربة وفعالة".

ورصدت "ترانسبرانسي" في بلاغها، عدداً من المؤشرات التي قالت إنها "تؤكد عدم اتخاذ السلطات المغربية لخطوات حاسمة حيال الفساد، من قبيل، عدم تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، وجمود الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها، بحكم نهاية ولاية أعضائها منذ عام 2013، دون أن تتم تعيينات جديدة". كما وجهت الهيئة ذاتها، انتقاداتها لمشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات، الذي اعتبرته "يقنن الالتفاف على حق الحصول عليها".

من جهة أخرى، سلط بيان الجمعية الضوء على الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفها المغرب، وندد بما وصفه بـ"القمع الممنهج الذي مارسته السلطات ضدها، وهو ما أدى إلى اعتقالات واسعة ومتابعات قضائية بتهم غي  متناسبة وغير عادلة، وأحكام جائرة بالسجن".

"افلات من العقاب"

رغم إعلان السلطات المغربية "تصديها للفساد، ومساواة المواطنين أمام القانون"، إلا أن "ترانسبرانسي" ترى أن "الشخصيات البارزة في الدولة لازالت تتمتع بالإفلات من العقاب"، مشيرة في هذا الصدد إلى "عدم التحقيق في قضية التعويضات الشهرية المتبادلة ما بين وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار، والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة"، فضلا عن "عدم محاسبة أي من المسؤولين الحكوميين المتورطين في تفويت أراضي الملك العمومي بسعر لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية"، مستنكرة اعتبار ذلك "اكراماً من الدولة لخدامها"، في القضية التي أصبحت تعرف بـ"أراضي خدام الدولة".

الزلزال السياسي

في هذا الصدد، اعتبرت "ترانسبارانسي"، أن عملية إقالة وزراء ومسؤولين كبار، اثر الحركات الاحتجاجية الشعبية التي عرفتها منطقة الريف، "اتسمت بالغموض والانحياز والجزئية".

وترى الجمعية أن إقالة عدد من الوزراء والمسؤولين ومعاقبة آخرين، "تمت خارج الدوائر الادارية والحكومية، ونفدت خارج الضوابط بدعوى التعليمات الملكية"، معتبرة أن "ذلك لا يفي في شيء بالتزامات الدولة وتوقعات المواطنين ومطلب المعالجة النسقية لمجموع الاختلالات الأساسية المرتبطة بحكامة البلاد، والتي تسمح باستشراء الفساد وتفسح المجال لكافة أشكال الإرشاء".

الرميد: تشخيص "ترانسبارانسي" غير دقيق

من جهته، اعتبر مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، أن تشخيص "ترانسبارانسي" للوضع في المغرب غير دقيق"، معتبراً أن  "هناك جهود معتبرة في محاربة الفساد ومكافحته، لكنها لم تصل إلى مداها، وإلى ما ينبغي أن يكون، وما نطمح إليه، وهو ما يستدعي تفعيل الاستراتجية الوطنية لمكافحة الفساد بالشكل المطلوب".

وأضاف الرميد معلقا على بيان "ترانسبارانسي" في اتصال مع "تيل كيل عربي"، القول إن "الحكومة تكتفي بإعلان النوايا غير صحيح، لكن القول إن المجهودات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة في مجال مكافحة الفساد غير كافية، ولا تصل إلى المستوى المطلوب، هذا صحيح وأتفق معه".

وبخصوص الافلات من العقاب، أوضح المسؤول الحكومي، أنه "حينما كان وزيراً للعدل والحريات، لم يغض الطرف عن أي مسؤول، بل إن قضاة من مستويات عالية ورفيعة تمت متابعتهم"، وأضاف أنه "في هذه المرحلة دخل عدد من المديرين المركزيين السجن، فضلا عن رجال سلطة، ومسؤولين في الدرك، لكن هناك مساحات لاتزال فارغة".

واعتبر الرميد أن "المدخل الأساسي لمكافحة الفساد هو تجريم الاثراء غير المشروع الذي تضمنه مشروع القانون الجنائي، والذي لازال يراوح مكانه في البرلمان منذ سنتين للأسف الشديد".

وأقر الرميد بوجود "مسؤولين يتورطون في جرائم فساد، ولا يتركون أثرا". لذلك، بحسبه، فكيف سنحاسبهم؟ إذا تابعناهم بناء على الشكوك والظنون، سنخرق القواعد الأساسية للعدالة، وإذا تركناهم سنتهم بالتستر على المفسدين، لذلك يجب الذهاب بعيدا، وتجريم الاثراء غير المشروع، حيث يمكن أن يتعرض أي مسؤول للمساءلة إذا لم يستطع تبرير ثروته"، قبل أن يحمل مجلس النواب مسؤولية "عرقلة إخراج هذا المشروع لحيز الوجود".