بعد صمت طويل، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان سابقا، إن "وزارة العدل تجري مشاورات مع بعض المهنيين، خاصة هيئة المحامين بالدار البيضاء، بشأن بناء قصر العدالة بمنطقة ازناتة، بديلا عن بنايات المحاكم الحالية بالدائرة القضائية للدار البيضاء، من أجله، أرى من واجبي باعتباري مسؤولا سابقا عن الوزارة المذكورة، خبرت الموضوع من جميع جوانبه، وباعتباري حاليا محاميا بالهيئة المعنية، أن أدلي بالملاحظات".
وأضاف الرميد في تدوينة له، أن "قرار بناء قصر واحد للعدالة بالبيضاء كان سيكون جيدا، لو لم تكن بالبيضاء حاليا بنايات للمحاكم على العموم جد لائقة، بل إنها ضخمة ومكلفة، ومن شأن هدمها لأي سبب كان أن يمثل تبذيرا للمال العام، وتبديدا مجرما، لا يجوز لمسؤولي هذه المرحلة أو غيرها، الوقوع فيه مطلقا، خاصة أن احدى البنايات تعرف توسعة كبيرة، والباقي عرف إما التوسعة أو الاصلاح بتكاليف هامة".
وفي مواجهة مباشرة مع عبد اللطيف وهبي، أوضح المتحدث ذاته، أن "بلادنا في حاجة الى ترشيد إمكانياتها، وصيانة أموالها من العبث والمزاجية، خاصة وأن هذه الإمكانيات والأموال تبقى محدودة والحاجيات متعددة وكثيرة. وعوض ذلك، نرجو التوفيق لوزارة العدل في إنجاز المحكمة الرقمية في أقرب الآجال، لأنها الحل الامثل لمعظم المشاكل الحالية، وهي الأمل المنشود، لمواكبة التطور الرقمي العالمي والوطني الذي ما زالت المحاكم دونه بكثير".
ونبه القيادي في حزب العدالة والتنمية إلى "أننا لا نشكك في نية القائمين على الوزارة حينما يقترحون موقع ازناتة فضاء لقصر العدالة، لكن المؤكد أن مشروع مدينة زناتة ،الذي يشرف عليه صندوق الإيداع والتدبير يعاني من مأزق التسويق، لذلك فإن الاقتراح المذكور سيصب في النهاية، في مصلحة الصندوق المذكور، أكثر من خدمته لمرفق العدالة، ولو أنه كان في مصلحة العدالة أولا، ثم في مصلحة الصندوق المذكور ثانيا ، لكان ذلك مفيدا بل أمرا مطلوبا، لذلك يمكن القول، أن المشروع المقترح، لن يقرب المحاكم من عموم المواطنين، وعموم القضاة والمحامين والموظفين، بقدر ما سيجعلها جد بعيدة، والتنقل اليها جد شاق ومكلف".
وأبرز أن "الغريب أيضا، أن المذكرة تتحدثت عن خط الحديد الذي من المقرر أن يربط بين وسط المدينة وزناتة، أي أن على القاضي والمحامي والموظف، إضافة إلى المواطن أن ينتقل مرتين، مرة الى وسط المدينة، ومرة أخرى من وسط المدينة إلى مقر المحكمة بزناتة، إما إذا أراد أن يستعمل سيارته، فعليه أن يقطع الطريق الدائري الذي يعرف في أوقات الذروة ازدحاما لا نظير له، يجعل من العسير الوصول في الوقت، خاصة أن الحوادث فيها كثيرة، وما على من يهمه معرفة ذلك أن يجرب السير فيه بين الثامنة والتاسعة صباحا، وكذلك مساء، وقت الذروة".
وأشار إلى أن "مذكرة وزارة العدل التي أُسست للتشاور تشير إلى مشاريع سكنية للقضاة والموظفين، لكنها لا تقدم أي اشارة بالنسبة لمكاتب المحامين؟ فما العمل؟ هل ينقلونها جميعا إلى زناتة أم ماذا؟؟ مع العلم أن القضاة والموظفين مستقرين في الغالب قريبا من مقرات المحاكم الحالية، فهل سيمثل المقر المقترح حلا بالنسبة إليهم أم مشكلا إضافيا؟".
ونبه إلى أنه "عوض صرف المال العام على موضوع تبدو أهميته غير راجحة، وغير مؤكدة، يتعين صرفه على البنيات التحتية الالكترونية، وعلى تكوين كافة المتدخلين لتأهيلهم ليكونوا في مستوى تحدي المحكمة الرقمية التي هي واجب الوقت، وإنجازها هو الإنجاز الذي تهون أمامه كل الانجازات، والفشل فيها، لا قدر الله، هو الفشل في مواكبة استحقاق ضروري ومؤكد".
وتابع: "استطرادا نضيف، أن جمع المحاكم في بناية واحدة لو كان سيتم في عقار داخل البيضاء، خاصة وسطها، قريبا من عموم المواطنين، ومكاتب عموم المحامين والقضاة والموظفين، لكان ذلك مقبولا وإنجازا هاما، إما وأن مقرها المقترح هو مدينة ازناتة، فهل سيتم تقريب المحاكم أم إبعادها؟".
وأورد أن "ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي صادق عليه الملك محمد السادس، نصّ على وجوب تحديث الخدمات القضائية، بإرساء مقومات المحكمة الرقمية، وكان المأمول إتمام ذلك قبل نهاية السنة الجارية 2022، لكن الملاحظ أن هناك تراخيا واضحا في هذا الصدد، إن لم نقل تباطؤا غير مقبول، في الوقت الذي تعرف قطاعات اخرى تطورا ملحوظا على هذا الصعيد".
وأتى موقف مصطفى الرميد، وزير العدل سابقا، بعد عقد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أمس الأربعاء، اجتماع بحضور الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة ووالي جهة الدار البيضاء ورئيس جهة الدار البيضاء سطات ووالي أمن الدار البيضاء، قصد مناقشة الوضعية الحالية لمحاكم الدارالبيضاء، في أفق تجميعها في قصر العدالة بزناتة.
وحسب بلاغ صحفي، أفاد أن "اللقاء، تمت مناقشة بطاقة حول وضعية محاكم مدينة الدارالبيضاء والتطور الزمني والحلول المقترحة، وآفاق تحويل العمل القضائي وتجميعه في فضاء واحد، وما سيكون له من انعكاس إيجابي على المتقاضين والمواطنين بجهة الدارالبيضاء سطات".